على خلفية الانتهاكات الجسيمة والمجازر التى ارتكبتها ميليشيا «الدعم السريع» فى مدينتى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وبارا بولاية شمال كردفان، طالبت الحكومة السودانية، أمس الأول الأربعاء، المجتمع الدولى باتخاذ تدابير عاجلة لردع هذه الميليشيا، وتصنيفها منظمة إرهابية. وبالتزامن، أعربت مصر عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة فى السودان، ودعت إلى اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لتحقيق هدنة إنسانية فورية فى كل أرجاء البلد الشقيق، وصولًا إلى الوقف الدائم لإطلاق النار.
فى حسابها على شبكة «إكس»، ذكرت منظمة الصحة العالمية أنها «مصدومة بشدة لمعلومات تحدثت عن مقتل أكثر من ٤٦٠ مريضًا وأشخاص يرافقونهم فى المستشفى السعودى للتوليد فى الفاشر، إثر الهجمات الأخيرة وخطف عاملين فى مجال الصحة». كما قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه تلقى تقارير متعددة ومقلقة تفيد بأن «قوات الدعم السريع» ارتكبت فظائع تشمل عمليات إعدام بإجراءات موجزة، فى مدينتى الفاشر وبارا بولاية شمال كردفان التى استعادت السيطرة عليها خلال الأيام الأخيرة.
الحكومة السودانية اتهمت ميليشيا «الدعم السريع» بارتكاب جرائم قتل على أساس عنصرى، وترويع ممنهج للمدنيين العزل فى كل من مدينتى الفاشر وبارا اللتين استعادت الميليشيا السيطرة عليهما، وأشارت إلى «تجاهل تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم ٢٧٣٦ لسنة ٢٠٢٤»، واعتبرته تمكينًا لتلك الميليشيا للتمادى فى ارتكاب الانتهاكات، كما طالب حاكم إقليم دارفور بتحرك دولى عاجل، متهمًا قوات «الدعم السريع» بارتكاب مجازر ترقى إلى جرائم حرب. وفى مؤتمر صحفى عقده، أمس الأول الأربعاء، بالعاصمة المؤقتة بورتسودان، وصف حسين الأمين، وكيل وزارة الخارجية السودانية، ما جرى فى الفاشر بأنه «نموذج واضح للإفلات من العقاب»، وأكد أن استمرار صمت المجتمع الدولى شجع هذه الميليشيا على مواصلة القتل والتدمير، متعهدًا بألا تقف حكومته مكتوفة الأيدى إزاء جرائم الإبادة والتطهير العرقى.
فى المؤتمر الصحفى ذاته، اتهم خالد الإعيسر، وزير الثقافة والإعلام والسياحة، القوى السياسية المتحالفة مع «الدعم السريع» بأنها «شريكة فى الجرائم المرتكبة فى دارفور»، مؤكدًا أن «ما ارتكبته هذه القوات من فظائع، خلال الأيام الأخيرة فى الفاشر كفيل بتصنيفها تنظيمًا إرهابيًا بكل المقاييس». كما انتقد الإعيسر «صمت المؤسسات الدولية وسياسة الكيل بمكيالين» فى التعامل مع الأزمة السودانية، وأكد أن حكومته متمسكة بإجراء تحقيق وطنى، على أن تشارك فيه منظمات محلية مستقلة.
المهم، هو أن مصر، كما أشرنا، أعربت عن قلقها البالغ إزاء التطورات الأخيرة فى البلد الشقيق، وأكدت، فى بيان أصدرته وزارة الخارجية، مساء الثلاثاء، مواصلتها تقديم كل الدعم الممكن لتخطى محنته الحالية، وشددت على موقفها الثابت الداعم لسيادته، وصون وحدته، وسلامته الإقليمية، ودعم مؤسساته الوطنية، وعلى الرفض القاطع لأى محاولات لتقسيمه أو الإخلال بوحدته وسلامة أراضيه.
صباح اليوم التالى، الأربعاء، استقبل الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، نظيره السودانى السفير محى الدين سالم، وبحث الوزيران آخر المستجدات على الساحة السودانية، خاصة الأوضاع فى مدينة الفاشر وما تشهده من تطورات إنسانية وأمنية، وخلال اللقاء أكد وزير خارجيتنا دعم مصر الكامل للشعب السودانى الشقيق، والتزامها بمواصلة جهودها الرامية إلى تحقيق الاستقرار والسلام فى السودان، مشيرًا إلى انخراط مصر بفاعلية فى المسارات الساعية إلى وقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية شاملة تتيح نفاذ المساعدات الإنسانية وتخفيف معاناة المدنيين، كما شدد على تمسك مصر بوحدة السودان وسيادته وسلامة أراضيه ومؤسساته الوطنية، مؤكدًا أن أمن السودان واستقراره يعدان جزءًا لا يتجزأ من أمن واستقرار المنطقة. و..... وانتهى اللقاء بتأكيد حرص الجانبين على مواصلة التنسيق والتشاور الوثيق، بما يعزز أواصر الأخوة التاريخية بين البلدين ويدعم تطلعات شعبيهما نحو الأمن والتنمية والاستقرار.
.. وتبقى الإشارة إلى أن وزيرى خارجية مصر والسودان، تناولا، أيضًا، ملف الأمن المائى، وأكدا وحدة موقف البلدين، كدولتى مصب لنهر النيل، مشدّدين على ضرورة الالتزام الكامل بالقانون الدولى فى حوض النيل الشرقى، والرفض التام للإجراءات الأحادية فى نهر النيل.














0 تعليق