أثارت الجرائم والانتهاكات الواسعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور موجة تنديد عربية وإسلامية ودولية، وسط تصاعد الدعوات لتصنيف هذه المليشيا منظمة إرهابية ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
دعوات لوقف النار وحماية المدنيين
في مقدمة المواقف العربية، أعربت مصر عن قلقها البالغ إزاء هذه التطورات، ودعت في بيان صادر عن وزارة الخارجية إلى اتخاذ كافة الإجراءات الممكنة لتحقيق هدنة إنسانية فورية في جميع أرجاء السودان، وصولًا إلى الوقف الدائم لإطلاق النار بما يحفظ أرواح المدنيين وسبل معيشتهم.
وأكد البيان على مواصلة مصر تقديم الدعم للسودان لتجاوز محنته، مشددًا على التمسك بسيادته ووحدة أراضيه ورفض أي محاولات لتقسيمه أو الإخلال باستقراره.
كما أدانت المملكة العربية السعودية الانتهاكات التي شهدتها الفاشر خلال هجمات الدعم السريع، ودعت في بيان لوزارة الخارجية إلى حماية المدنيين وتأمين وصول الإغاثة الإنسانية، مع التأكيد على ضرورة العودة إلى الحوار حفاظًا على أمن السودان ووحدته واستقراره.
وفي الاتجاه نفسه، أعربت وزارة الخارجية القطرية عن قلق الدوحة العميق حيال الأوضاع المأساوية في الفاشر، وأدانت الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع، داعية في بيانها إلى الالتزام بالقانون الدولي وبما ورد في إعلان جدة بشأن حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وانضمت رابطة العالم الإسلامي إلى موجة الإدانات، حيث استنكرت في بيان رسمي الجرائم والانتهاكات التي استهدفت المدنيين العزل، مؤكدة رفضها القاطع لأي استهداف أو انتهاك للكرامة الإنسانية.
من جانبها، أدانت وزارة الخارجية الكويتية انتهاكات مليشيا الدعم السريع واستهدافها المدنيين، مشددة على موقف الكويت الثابت الرافض لأعمال العنف بحق الأبرياء والداعي إلى احترام القانون الإنساني الدولي.
كما عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية، فؤاد المجالي، عن قلق عمان واستنكارها للانتهاكات بحق المدنيين، مؤكدًا أن التصعيد الخطير في الفاشر يعيق جهود التوصل إلى حل سياسي للأزمة السودانية ويهدد استقرار المنطقة بأكملها.
الجامعة العربية: جرائم وحشية وانتهاك صارخ للقانون الدولي
وأدانت جامعة الدول العربية ما وصفته بـ"الجرائم الوحشية" التي ارتكبت ضد المدنيين في الفاشر، معربة عن قلقها العميق إزاء تدهور الأوضاع الإنسانية نتيجة التصعيد العسكري.
وقالت الأمانة العامة في بيانها: إن "الاعتداءات التي طالت النساء والأطفال تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني ولقرارات مجلس الأمن"، مؤكدة أن ما يجري في الفاشر يشكل تحديًا صارخًا للجهود الدولية الرامية إلى إحلال السلام في السودان.
وجددت دعوتها إلى الوقف الفوري لأعمال العنف كافة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين.
وحاصرت مليشيا الدعم السريع الفاشر منذ أبريل 2024، مانعة وصول الإمدادات الإنسانية إليها، قبل أن تشن هجمات متواصلة منذ مايو من العام الماضي.
وبحسب ما أوردته صحيفة سودان تربيون، فقد استخدمت المليشيا الطائرات المسيرة والمدفعية الثقيلة في قصف الأحياء السكنية، ما أدى إلى تدمير البنية التحتية والمرافق الصحية والأسواق، وإجبار الآلاف على النزوح من المدينة.
إدانات غربية ومطالب بتصنيف المليشيا إرهابية
على الصعيد الدولي، قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، جيم ريش، إن ما يجري في الفاشر لم يكن "حادثة طارئة"، بل جزء من خطة ممنهجة نفذتها مليشيا الدعم السريع، مشددًا على ضرورة تصنيفها منظمة إرهابية ومحاسبة قادتها.
وفي أوروبا، دعا نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأيرلندي، سيمون هاريس، إلى وقف الأعمال الوحشية فورًا بعد سيطرة الدعم السريع على الفاشر، معبرًا عن فزعه من التقارير المقلقة التي تشير إلى ارتكاب فظائع بدوافع عرقية، بما في ذلك الإعدامات الميدانية والعنف الجنسي واحتجاز المدنيين.
كما أبدت وزيرة الخارجية الكندية، أنيتا أناند، صدمتها إزاء القتل الجماعي لأكثر من ألفي مدني، مطالبة بضرورة محاسبة مرتكبي الجرائم في أقرب وقت.
وفي ذات السياق، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنيكا كلاسين، إن مقاتلي الدعم السريع توغلوا داخل المدينة وقتلوا المدنيين بشكل عشوائي، مؤكدة أن المليشيا تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الجرائم بعد أن تعهدت سابقًا بحماية السكان.








0 تعليق