في خطوة فاجأت الأسواق العالمية، أعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي خفض سعر الفائدة الأساسي بمقدار 0.25%، لتصل إلى 4% فقط بعد سلسلة طويلة من الاجتماعات التي شهدت جدلًا واسعًا بين دعاة التشديد النقدي وأنصار التيسير.
ويأتي هذا القرار في وقتٍ يشهد فيه الاقتصاد الأمريكي حالة من التوازن الهش بين تباطؤ النمو الاقتصادي ومحاولات السيطرة على التضخم الذي سجل 3% خلال الشهر الماضي، مرتفعًا من 2.9% في أغسطس، بينما كانت التوقعات تشير إلى 3.1%.
هذا القرار يعكس توجه الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي نحو تحفيز الاقتصاد الأمريكي دون السماح بعودة موجات التضخم القوي التي شهدها العالم في أعقاب جائحة كورونا وأزمات الطاقة والحروب التجارية.
فخفض الفائدة يُعد من أهم الأدوات التي يستخدمها البنك المركزي لضبط دورة الاقتصاد، إذ يؤدي إلى زيادة الإقراض والنشاط الاستثماري، لكنه في الوقت ذاته قد يرفع الضغوط التضخمية إذا لم يُدار بحذر.
التضخم الأمريكي بين السيطرة والقلق
ورغم أن معدلات التضخم الحالية تبدو مستقرة نسبيًا مقارنة بالعامين الماضيين، إلا أن مخاوف الأسواق ما تزال قائمة من عودة الأسعار إلى الارتفاع مجددًا، خصوصًا في ظل ارتفاع أسعار النفط وتزايد الإنفاق الحكومي.
ويؤكد الخبراء أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يحاول من خلال هذا الخفض المحدود للفائدة إرسال إشارة مزدوجة للأسواق: دعم النمو الاقتصادي من جهة، والاستمرار في مراقبة التضخم من جهة أخرى.
وتشير التحليلات إلى أن الفيدرالي قد يواصل سياسة الخفض التدريجي خلال العام المقبل، إذا استمر التضخم ضمن نطاق السيطرة، مما سيعزز من شهية المستثمرين نحو الأصول ذات العائد المرتفع والمخاطر المنخفضة.
أسعار الذهب على موعد مع موجة صعود قياسية
قرار خفض الفائدة الأمريكية يُعد خبرًا سارًا لمحبي الذهب، الذي يُعتبر الملاذ الآمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي.
ومع انخفاض العائد على الدولار، تتجه رؤوس الأموال عادة إلى الذهب والأصول الثابتة.
وتشير توقعات الأسواق إلى أن أسعار الذهب العالمية قد ترتفع إلى 6000 دولار للأوقية بحلول عام 2026، مدفوعة بمجموعة من العوامل أبرزها التوترات الجيوسياسية، والحرب التجارية بين القوى الكبرى، واستمرار خفض الفائدة عالميًا.
ويُتوقع أن يشهد العام المقبل تحولًا كبيرًا في توجهات المستثمرين الدوليين، مع ارتفاع الطلب على المعادن النفيسة وتراجع جاذبية السندات الأمريكية قصيرة الأجل.














0 تعليق