بين الركام الذي يملأ شوارع قطاع غزة، تبدأ مهمة مصرية استثنائية يقودها فريق من المتخصصين في البحث والإنقاذ، تدعمهم أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي التي طورتها مؤسسات مصرية رسمية.
المهمة تجمع بين البعد الإنساني والسياسي، وتسلط الضوء على الدور المصري المتصاعد في إدارة الأزمات الإقليمية، ليس فقط بالدبلوماسية، بل أيضًا عبر التكنولوجيا الميدانية المتقدمة.
خوارزميات مصرية تبحث بين الأنقاض
مصدر داخل الهيئة القومية للذكاء الاصطناعي في مصر كشف لموقع سكاي نيوز عربية أن الهيئة وفّرت دعمًا تقنيًا متكاملًا للفريق المصري العامل داخل غزة، يشمل خوارزميات لتحليل الصور الملتقطة بالأقمار الاصطناعية والطائرات المسيّرة، لتحديد ما يُعرف بـ"نقاط الاشتباه الحيوي" — وهي أماكن يُحتمل وجود جثامين أو ناجين فيها.
وأضاف المصدر أن هذه البرمجيات المصرية الصنع تُحوّل البيانات إلى خرائط رقمية محدثة تُظهر بالألوان مناطق الأولوية في البحث، مما يقلل الوقت المهدور ويرفع معدلات الدقة في العمليات الميدانية.
الهيئة القومية للذكاء الاصطناعي.. “العقل التحليلي” للمهمة المصرية
في تصريحات خاصة للموقع، أوضح المهندس أحمد صبري، خبير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، أن مصر تمتلك الآن بنية علمية وتقنية قادرة على دعم المهام المعقدة مثل تلك الجارية في غزة.
وقال إن الأنظمة الذكية المصرية يمكنها تحليل صور المباني المدمرة لتحديد موقع الانفجار داخل الهيكل، ما يساعد في التنبؤ بالمناطق المرجّح وجود الجثامين فيها، ويُوجّه فرق الإنقاذ لاختيار الطريقة الأسرع والأكثر أمانًا للحفر.
وأضاف صبري أن الخوارزميات المصرية تبني نماذج ثلاثية الأبعاد للمباني المنهارة اعتمادًا على الصور الجوية، لتتحول إلى "عين ثالثة" للفريق الميداني، تساعده على اتخاذ قرارات دقيقة في بيئة عالية الخطورة.
تكنولوجيا الإنقاذ.. حين تتلاقى الخبرة المصرية مع الذكاء الاصطناعي
وأشار صبري إلى أن مصر طورت مؤخرًا برامج خاصة للتحكم في الروبوتات والطائرات المسيّرة (الدرونز) المخصصة لأعمال البحث والإنقاذ، وهي الآن تُستخدم داخل غزة لتفقد المناطق المدمرة والوصول إلى أماكن يصعب على الإنسان بلوغها.
ووصف الروبوتات المصرية بأنها تتحرك "كفأر ذكي"، في مهمة مصرية قادرة على استشعار الأجسام البشرية والتفاعل مع البيئة المحيطة بمرونة ودقة.
وأكد أن هذه الأنظمة لا تقتصر على تحليل الصور فقط، بل تتعلم من كل عملية بحث جديدة، لتصبح أكثر دقة وكفاءة بمرور الوقت، ما يجعلها أداة إنقاذ تتطور بالتجربة الميدانية.
من إسطنبول إلى غزة.. دروس تُترجم إلى خبرة مصرية
ورغم اختلاف المشهد بين دمار الزلازل وآثار الحروب، فإن مصر نقلت تجاربها التقنية من مشاركتها السابقة في دعم عمليات الإنقاذ خلال زلزال إسطنبول، لتُطبّق مهمة مصرية جديدة اليوم في غزة بقدرات أكثر نضجًا.
ومع استمرار القصف وتغيّر شكل الأنقاض يومًا بعد يوم، تثبت المهمة المصرية أن التكنولوجيا قادرة على إعادة تعريف العمل الإنساني، وأن العقل المصري لم يعد فقط صانع سلام في السياسة، بل منقذ أرواح أيضًا من تحت الركام.











0 تعليق