قررت تايلاند هذا الشهر السماح للاجئين بالعمل داخل البلاد، في محاولة لمواجهة تقليص المساعدات الدولية ومعالجة النقص المتزايد في الأيدي العاملة.
ويعيش أكثر من 87 ألف لاجئ في 9 مخيمات على الحدود بين تايلاند وميانمار، ظلوا لعقود يعتمدون كليًا على المساعدات الغذائية والإنسانية الأجنبية، كثير منهم لم يغادروا هذه المخيمات منذ أكثر من أربعين عامًا، بعدما فروا من بطش النظام العسكري في ميانمار، ومعظمهم من الأقليات العرقية.
ميزانية المساعدات الخارجية
لكن مع تقلص ميزانيات المساعدات الخارجية – خصوصًا من الولايات المتحدة التي كانت الممول الرئيسي لتلك المخيمات – وتصاعد التوتر الحدودي مع كمبوديا، اضطرت تايلاند إلى إعادة النظر في سياستها تجاه اللاجئين.
وقالت تامي شارب، ممثلة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في تايلاند، إن القرار يمثل “نقطة تحول تاريخية، و“نحن متحمسون للغاية لهذه الخطوة.
وسيسمح القرار للاجئين بإعالة أنفسهم وأسرهم، وتنشيط الاقتصاد المحلي من خلال زيادة الاستهلاك، والمساهمة في خلق فرص عمل جديدة ودعم نمو الناتج المحلي الإجمالي وتعزيز القدرة الاقتصادية للبلاد”.
ولاقى القرار ترحيبًا واسعًا بين اللاجئين أنفسهم. وقال بواي ساي، لاجئ من ميانمار والأمين العام للجنة لاجئي كارين التي تمثل سكان المخيمات من أقلية كارين: “في البداية، لم يكن يُسمح للاجئين بمغادرة المخيم. الآن يمكنهم العمل خارجه، وهذا أمر رائع جدًا.”
وأضاف: “اللاجئون بحاجة للاعتماد على أنفسهم، لأن ما يُقدَّم داخل المخيم لا يكفي للجميع، بل فقط للفئات الأشد ضعفًا. معظم الناس لا يملكون شيئًا. قرار الحكومة التايلاندية بالسماح لنا بالعمل ممتاز، ونحن سعداء لأننا سنتمكن من الخروج والعمل”.
وأشار بواي ساي إلى أن بعض اللاجئين يشعرون بالقلق لأن المعلومات حول الإجراءات لا تزال غير واضحة، ولأن كثيرين لا يجيدون اللغة التايلاندية أو يفتقرون إلى المهارات المطلوبة في سوق العمل.
وكانت المفوضية السامية والمنظمات الإغاثية مثل لجنة الإنقاذ الدولية (IRC) تضغط منذ سنوات لاعتماد مثل هذه السياسة، لكن الحكومة التايلاندية كانت تخشى المعارضة الداخلية وجذب المزيد من المهاجرين في ظل استمرار الحرب الأهلية في ميانمار.
وقال ليون دي ريدماتن، المدير التنفيذي لمنظمة اتحاد الحدود (TBC) – أكبر مزود للغذاء في المخيمات – إن الولايات المتحدة كانت أحد أكبر المانحين، لكن بعد قرار إدارة ترامب خفض ميزانية المساعدات الخارجية هذا العام، لم يعد هناك من يستطيع تعويض النقص.
“السلطات التايلاندية أدركت أنه لا توجد حكومة أخرى مستعدة لتحل محل الأمريكيين في تمويل الغذاء والوقود بالمخيمات، كما أنها لا تملك القدرة المالية للقيام بذلك بنفسها”، قال دي ريدماتن.
وفي أغسطس الماضي، أصدرت وزارة العمل التايلاندية قرارًا رسميًا يمنح سكان المخيمات المؤهلين “تصاريح عمل خاصة” بهدف “تخفيف العبء عن الحكومة التايلاندية، ودعم النمو الاقتصادي، ومعالجة نقص العمالة، وتعزيز حقوق الإنسان”.
وتعاني تايلاند من نقص حاد في القوى العاملة نتيجة شيخوخة السكان، إلى جانب مغادرة نحو 520 ألف عامل كمبودي في يوليو بعد تصاعد نزاع حدودي قديم تحول إلى مواجهات عسكرية. وكان الكمبوديون يشكلون نحو 12٪ من القوة العاملة التايلاندية، خصوصًا في قطاعات الزراعة والصيد والصناعة والبناء.
0 تعليق