يترقب العالم باهتمام افتتاح المتحف الكبير، أضخم مشروع ثقافي وأثري في القرن الحادي والعشرين، والمُقام على أعتاب هضبة الأهرامات بالجيزة.
يأتي المتحف كصرح عالمي يوثّق عظمة المصري القديم، ويعيد تقديم كنوز الحضارة المصرية بوسائل عرض حديثة تواكب روح العصر.
موقع فريد يجمع عبقرية المكان والتاريخ
يقع المتحف المصري الكبير على مساحة تُقدّر بنحو 500 ألف متر مربع، ليكون بوابة حضارية تطل على أهرامات الجيزة، أحد عجائب الدنيا السبع القديمة.
الموقع الاستراتيجي يجعل من زيارة المتحف تجربة فريدة، تجمع بين الماضي المهيب والحاضر المعاصر في مشهد معماري أخّاذ.
تصميم معماري عالمي برؤية مصرية
جاء التصميم الفريد للمتحف المصري الكبير من إبداع المهندس الأيرلندي هينينغ لارسن، الذي دمج بين الحجر الرملي والضوء الطبيعي والزجاج ليخلق طابعًا بصريًا يعكس روح الصحراء المصرية.
يتوسط المتحف ما يُعرف بـ الدرج العظيم، الذي تُعرض عليه تماثيل ضخمة لملوك مصر القديمة، بينما تتصدر الساحة الأمامية المسلة المعلقة، في عرض هندسي يُعد الأول من نوعه عالميًا.
كما جُهزت قاعات العرض بتقنيات رقمية حديثة، مثل الواقع المعزز والعروض ثلاثية الأبعاد، لتمنح الزائر تجربة تعليمية تفاعلية لا تُنسى.
كنوز فرعونية نادرة
يضم المتحف المصري الكبير أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تغطي تاريخ مصر منذ عصور ما قبل الأسرات وحتى العصرين اليوناني والروماني.
ويُعد من أبرز مقتنياته مجموعة الملك توت عنخ آمون الكاملة، التي تُعرض لأول مرة مجتمعة في مكان واحد، وتضم أكثر من 5000 قطعة ذهبية بينها القناع الذهبي الشهير والعربات الملكية.
كما يضم المتحف مراكب الملك خوفو التي تم نقلها من موقعها الأصلي بجوار الهرم الأكبر، فضلًا عن قاعات مخصصة للبرديات والمجوهرات والنقوش الحجرية.
مركز علمي وترميمي على أعلى مستوى
يُعد المتحف مركزًا علميًا متكاملًا للبحث والتعليم، حيث يضم أكبر معمل لترميم الآثار في الشرق الأوسط، ومكتبة علمية متخصصة في دراسات المصريات.
ويهدف هذا الجانب العلمي إلى حفظ التراث المصري للأجيال القادمة، ودعم الباحثين والطلاب من مختلف أنحاء العالم.
استعدادات الافتتاح الرسمي
بدأت مرحلة التشغيل التجريبي للمتحف في عام 2024، حيث فُتحت 12 قاعة أمام الزائرين لاختبار منظومة العرض والإضاءة والأمن.
وتجري حاليًا اللمسات النهائية استعدادًا للافتتاح الكبير في نوفمبر 2025، الذي يُتوقع أن يشهده عدد من قادة العالم وممثلي المؤسسات الثقافية الدولية.
وتشمل الاستعدادات تجهيز المناطق الترفيهية والمطاعم والمحال التجارية، إلى جانب إنشاء مركز مؤتمرات وقاعات عرض سينمائية.
نقلة نوعية للسياحة في مصر
من المتوقع أن يجذب المتحف المصري الكبير أكثر من خمسة ملايين زائر سنويًا، ليصبح أحد أهم المقاصد السياحية في الشرق الأوسط والعالم.
كما يعزز المشروع من مكانة مصر الثقافية ويُسهم في تنشيط السياحة وخلق فرص عمل جديدة، في إطار رؤية الدولة لتطوير القطاع السياحي.
ذاكرة أمة ومشروع المستقبل
ليس المتحف المصري الكبير مجرد متحف، بل هو رمز لقدرة المصريين على وصل الماضي بالمستقبل، وواجهة ثقافية تعكس روح الإبداع والاستمرارية التي ميّزت الحضارة المصرية.
ومع افتتاحه المرتقب، سيصبح هذا الصرح شاهدًا على أن مصر لا تزال مهد الحضارة الإنسانية ووجهة العالم الباحث عن الجمال والمعرفة والتاريخ.
0 تعليق