ثروت الخرباوى: الجماعة الإرهابية مختبئة وتنتظر حدوث حالات شغب وفوضى فى البلاد لتقفز على مؤسسات الدولة مرة أخرى

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

المفكر والمحامى المصرى عضو مجلس الشيوخ، ثروت الخرباوى، واحد من الذين خاضوا رحلة طويلة داخل جماعة الإخوان، قبل أن يتخذ قراره بالخروج منها، بعدما اكتشف، وفق تعبيره، أنها «جماعة تشبه القمر، يظنها الناظر إليها من بعيد أنها مليئة بالضوء، لكن بمجرد أن يهبط على هذا القمر المزعوم، يكتشف أنه عالم مظلم ملىء بالحفر والصخور، والكائنات المبرمجة التى لا تعرف إلا الطاعة والخوف». واستضافت «الدستور»، ضمن برنامجها للبودكاست «حلقات خاصة»، ثروت الخرباوى، فى حوار يكشف فيه عن لحظات فارقة فى مساره مع الجماعة، لعل أبرزها ندوة «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية» عام ١٩٩٢، التى سمع فيها مأمون الهضيبى يقول: «نحن نتعبد لله بأعمال التنظيم السرى»، وهى عبارة صادمة كشفت له الوجه الحقيقى للجماعة، بما فيه من عنف وتفخيخ واغتيالات. كل هذه التفاصيل الدقيقة، والرحلة النفسية والفكرية التى خاضها، تقرأونها فى السطور التالية على لسان ثروت الخرباوى، كما جاء فى «البودكاست».

■ لماذا تصر جماعة الإخوان دائمًا على العودة لكرسى السلطة فى مصر؟

- الجماعة ليست فى مصر فقط ولكن فى العالم كله، بمعنى أن مشروع جماعة الإخوان يقوم على أن تصل إلى الحكم فى مصر، ثم تصل إلى الحكم فى المنطقة كلها فى ظل ما يسمى بالخلافة الإخوانية، ثم تصل إلى أستاذية العالم وتصبح هى الدولة الكبرى الوحيدة.

لذلك عندما أنشأ حسن البنا جماعة الإخوان، لم ينشئ تنظيمًا ولا جمعية، لكنه كان فى تقديره وفى تخطيطه أنه ينشئ دولة داخل الدولة المصرية حتى تستطيع هذه الدولة أن تنمو وتكبر وتبقى أخطبوطية.

■ حسب تجربتك.. هل «الإخوان» قادرة على تنفيذ هذا المخطط والعودة مرة أخرى؟

- وأنا بقول لك الكلام بتاع الحكم بافتكر الشيعة وإزاى بيعتبروا الإمامية أو الإمامة أصلًا من أصول الإسلام.

«الإخوان» تعتبر الحكم أصلًا من أصول الإسلام فى حين إن أحدًا لم يقل هذا من قبل، لذلك إصرارها الدائم على الصراع على الحكم سيظل، لكن مسألة وصولها للحكم، وهل تستطيع الجماعة أن تصل إليه، فلا.. لن تستطيع هذه الجماعة أن تصل للحكم من خلال الشعب المصرى. 

فى البداية كان رهانها على أنها قادرة على أن تخدع الشعوب، الآن الشعوب أصبح لديها وعى وأصبحت تعرف حقيقة هذه الجماعة، فلن تستطيع الرهان على الشعوب أو الرهان على الشعب المصرى، لكن هى تنتظر أن تحدث فوضى.

وهذه الفوضى فى تقديرها اللى هى بتعمل عليها إنها تؤدى إلى حالات شغب كبيرة، ساعتها هى عندها تنظيم، التنظيم مختبئ، التنظيم يعمل بسرية تامة، تقدر تخلى التنظيم فى حالة وجود شغب أن يقفز على مؤسسات الدولة.

تعتقد إن هى ممكن تنال تأييد من دول غربية ومن أجهزة مخابرات غربية لها هدف آخر. فهى تنظر إلى مصر باعتبار أنها طائر يجب أن يقع فى شبكة الصياد الغربى.

وجماعة الإخوان عايزة تاخد جزء كبير من هذا الطائر عشان يكون بتاعها هى.

■ رأينا جماعة الإخوان تتظاهر فى تل أبيب ضد مصر.. هل هناك حقائق تؤكد هذه العلاقة بين الإخوان وإسرائيل وأيضًا المخابرات الأمريكية والبريطانية؟

- علاقة الإخوان بأمريكا مش علاقة قديمة قوى، يعنى تعتبر حديثة نسبيًا، إنما العلاقة الأقدم كانت مع المخابرات البريطانية، لأنهم كانوا الرعاة الرسميين للجماعة من أولها، هم اللى أسسوها، وهم اللى رعوها لفترات طويلة، ودعموها، وبعد كده بدأوا يستخدموها فى مواقف كتير لصالحهم.

لدرجة إنه وقت ما كانت مصر بتتفاوض على اتفاقية الجلاء، اللى عملها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر مع الإنجليز، كان فيه اتفاق بين المخابرات البريطانية وجماعة الإخوان، ومع حسن الهضيبى اللى كان وقتها المرشد، إنها تعمل مظاهرات ضد الاتفاقية دى. وكانت جماعة الإخوان هى الفصيل الوحيد اللى وقف ضد الجلاء. علشان كده التاريخ بيشهد إن الجماعة دى كانت دايمًا فى حضن المخابرات البريطانية.

وبعد كده، فى فترة حكم السادات، المخابرات الأمريكية بدأت تمسك ملف الإخوان. ومن الحاجات اللى اتقالت وقتها إنهم طلبوا من باحثة نمساوية مشهورة اسمها شيرل بينارد، وجوزها كان سفير أمريكا فى أفغانستان، اسمه زلماى خليل زادة، إنهم يعملوا دراسة عن الجماعات الإسلامية اللى ممكن أمريكا تتعامل معاها.

«شيرل» كتبت بحثًا طويلًا حوالى ٣٨ صفحة، وقالت فيه إن جماعة الإخوان جماعة براجماتية، يعنى بتدور على مصلحتها، وممكن تتفق مع أى حد. وقالت جملة غريبة جدًا: إن الجماعة دى ممكن تعمل اتفاق مش بس مع المخابرات الأمريكية، دى لو لقت فرصة تعمل اتفاق مع الشيطان نفسه، هتعمله، طالما هى شايفة إن فيه مصلحة.

ومن هنا بدأت العلاقة بين الإخوان والمخابرات الأمريكية، وكان سعد الدين إبراهيم واحدًا من الناس اللى رعوا العلاقة دى. وبعدها الجماعة بقت شبه مقيمة فى البيت الأبيض، ليها غرفة هناك، وعلاقات قوية جدًا مع الحزب الديمقراطى، ومع شخصيات مؤثرة فى الرئاسة.

هيلارى كلينتون كانت علاقتها قوية جدًا بقيادات من الإخوان، سواء ستات أو رجالة. وبعد ثورة ٢٥ يناير، زاروا مصر وقابلوا المرشد وغيره، وكل ده بيأكد إن العلاقة كانت فى أعلى مستوياتها مع الأمريكان.

وأكتر حاجة كانت غريبة، إن مجموعة من قيادات الإخوان فى التنظيم الدولى راحوا البيت الأبيض، واتصوروا قدامه، وكلهم لابسين كرافتات عليها علم أمريكا!

وفى مرة صحفى أمريكى سألنى: هل الجماعة عايزة تعمل دولة إخوانية فى مصر؟ قلت له: آه، بس ممكن تغير الخطة وتعمل دولة جوه أمريكا نفسها، وتسميها «الولايات المتحدة الإخوانية»! ضحك وقال لى: ده ممكن. قلت له: مش بعيد، اللى يربى ذئب فى بيته لازم يتحمل العواقب.

■ ماذا عن علاقة الإخوان بإسرائيل؟

- بصراحة أنا مستغرب جدًا من الناس اللى بتنكرها أو اللى عاملة نفسها مش شايفة، مع إن الأمور واضحة وضوح الشمس. 

يعنى لما نسمع واحد زى الدكتور يوسف القرضاوى، اللى كان من كبار مفكرى الجماعة، يقول فى حوار إن اليهود أقرب للمسلمين من المسيحيين، طيب يا دكتور يوسف، كنت بتوجه الكلام ده لمين؟ وليه فى التوقيت ده بالذات؟ خصوصًا لما فى نفس الفترة يقول إن مفيش مانع إن الجنود المسلمين ينضموا للجيش الأمريكى اللى بيغزو بلادنا، سواء فى أفغانستان أو العراق، ويحاربوا معاه، يعنى إيه الرسالة اللى كنت عايز توصلها؟ دلوقتى حضرتك فى دار الحق، وربنا وحده اللى يعلم النوايا.

ويوسف ندا، مؤسس «بنك التقوى»، لما مجلس الأمن حط حظر على أمواله، عمل إيه؟ راح أنشأ شركة مع واحد من كبار رجال الأعمال اليهود، اللى عنده جنسية إسرائيلية، وبيشتغل فى الحديد والأسمنت، وبدأ يصدر مواد بناء لإسرائيل، اللى بتستخدم فى بناء المستوطنات، الكلام ده منشور فى الصحف الإيطالية والسويسرية، بس محدش هنا خد باله أو اهتم.

ومحمد البحيرى، واحد من القيادات الاقتصادية الكبيرة فى الجماعة، اللى كان ماسك شغل الإخوان فى إفريقيا من كينيا لحد أعماق القارة، وبيعمل شراكات تجارية كتير هناك، وفجأة نلاقى مجلة إيطالية متخصصة فى الذهب والماس، تنشر خبر إنه دخل شراكة ضخمة مع رجل أعمال إسرائيلى اسمه بن شتاين بنيتيز، صاحب شركة «شتايم جولد» اللى هى أكبر شركة تنقيب عن الذهب والماس فى إفريقيا، وبرضه محدش هنا قرأ أو اهتم.

طيب ليه؟ ليه الجماعة بتعمل كده؟ ببساطة، لأنها ماشية بمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، زى ما كتب مكيافيلى فى كتابه «الأمير». بس الجماعة حولت الشعار ده لصيغة دينية «ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب». يعنى لو الفلوس بتاعتها فى خطر، يبقى لازم تحمى نفسها، حتى لو دخلت شراكة مع مؤسسات إسرائيلية، حتى لو الناس دى بتحارب العرب والمسلمين، وبتشتغل على طمس الهوية العربية، وبتسعى لإقامة دولة إسرائيل الكبرى.. الجماعة شايفة إن مفيش مانع تحط إيدها فى إيدهم.

■ وصفت خروجك من الجماعة بالحدث الأعظم.. لكنك مكثت فترة كبيرة داخل الإخوان؟ والبعض يقول إنك تستخدم الهجوم على الجماعة للحصول على منافع مالية؟

- أنا فعلًا كنت جوه جماعة الإخوان لفترة، ووصلت لمواقع مؤثرة فيها، خصوصًا فى قسم المهنيين، لأن أنا محامى. بس لما بدأت أفكر فى طبيعة الجماعة دى، لقيت نفسى بسميها «جماعة قمرية» ليه؟ لأنها زى القمر كده بالظبط.

يعنى الإنسان الحالم لما يبص للقمر من بعيد، يشوفه جميل، يكتب فيه شعر، يتغزل فيه. وبعدين القدر يقول له: أنت ممكن تطلع للقمر وتقعد فيه، وتبقى جزء من الجمال ده. فيطلع، ويبقى زى رائد فضاء، وينزل على القمر.. بس أول ما ينزل، يلاقى الدنيا ضلمة، مفيش نور، كله حفر وصخور وجبال، مفيش أى حاجة من اللى كان شايفها من بعيد.

فيبدأ يقول يمكن الجزء اللى نزلت فيه هو اللى مش منور، ويبدأ يلف القمر كله، شمال ويمين، فوق وتحت، وفى الآخر يكتشف إن مفيش حاجة. بس يلاقى حاجات بتجبره يفضل، زى الخوف من المغادرة، والخوف من اللى ممكن يحصل له لو خرج. خصوصًا إنه لقى كائنات هناك، مش عايز أقول متوحشة، بس كائنات مبرمجة، عقلها مبرمج.

وفى يوم، قررت أسيب الجماعة، بعد ندوة حضرتها سنة ٩٢، كانت بعنوان «مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية»، فى معرض الكتاب يوم ٢٢ يناير. يومها سمعت مأمون الهضيبى بيقول جملة غريبة جدًا: «نحن نتعبد لله بأعمال التنظيم الخاص السرى»، اللى هو الجهاز السرى بتاع الجماعة قبل الثورة.

والتنظيم ده كان فيه اغتيالات، تفجيرات، حاجات مرعبة، ومكنتش ضد الإنجليز، أنا شخصيًا مفيش مرة شفت عمل فدائى ضدهم. كتبت مقال بعدها وشرحت فيه ليه فضلت عشر سنين جوه الجماعة قبل ما أخرج، ونشر المقال ده الدكتور محمد الباز سنة ٢٠٠٢.

بس اتفاجئت إن الدكتور الباز بعت لى رد من مأمون الهضيبى بينكر فيه إنه قال الجملة دى. وقال لى: لازم تجيب التسجيل الصوتى، لأن الهيئة العامة للكتاب لما فرغت الندوة، العبارة دى مش موجودة. استغربت جدًا، وبدأت أدور، لحد ما لقيت الفيديو اللى فيه الجملة دى، وكنت أنا الوحيد اللى عندى نسخة منه، واديته للدكتور الباز.

الدكتور الباز نشر الفيديو، ورد على الإنكار اللى قاله الهضيبى، وكانت حركة صحفية محترمة جدًا. وقتها كنت خلاص خرجت من الجماعة، بس الحقيقة إن قرار الخروج مش سهل. فيه حاجات كتير بتخوفك، منها إنك ممكن تتعرض لاغتيال معنوى، مش لازم رصاص.. الرصاص ممكن ييجى فى وقت تانى.

■ لماذا يحاولون تشويه صورتك؟

- لأن الاغتيال المعنوى بيطول السمعة وده بيبقى أكبر من الاغتيال المادى، فيتهمك بأشياء كثيرة غير صحيحة، وهم عارفين إنها مش صحيحة. لكن من ضمن الحاجات اللى بيروجوا ليها إنه ثروت ده بيتعيش على الهجوم على الإخوان.. صحيح. والحقيقة أنا مش بهاجم الإخوان خالص. الذى يظن أننى أهاجم الجماعة فهو مخطئ، ولكننى أوجه الأضواء إلى هذا المجتمع المتطرف. بقول للناس شوفوا بنفسكم انتوا واحكموا. الجماعه دى إيه؟ ليه؟ لأنه ليس من رأى كمن سمع.

أنا شفت وعشت وعرفت خطورة هذه الجماعة. وعرفت أنها خطر ليس فقط على الأمة. ليس فقط على مصر. ليس فقط على المجتمع بتاعنا. لكن هى خطر أيضًا على الإسلام إنها تشوهه.

جماعه الإخوان تحمل منظومة معرفية مشوهة. هذه المنظومة أساءت للإسلام كثيرًا. فأنا مسلم. أنا أحب الإسلام. أنا مؤمن بالإسلام. أنا أنتمى إلى الأرض المصرية. فكرة الانتماء والإيمان ينبغى أن تكون ماثلة فى ذهن كل إنسان أن ينتمى إلى مصر أيًا كان الدين الذى يتعبد به لله.

وأنا أتعبد لله بالإسلام الذى أراه إسلام الرحمة، وإسلام المودة، وإسلام السلام، وإسلام الإنسانية.

لذلك لما بتكلم أقول إن الله سبحانه وتعالى أرسل الإسلام هكذا، أستشهد بقوله فى القرآن لسيدنا محمد: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين». فلم يكن الإسلام ولن يكون نقمة أبدًا. ولن يكون سببًا فى مظالم تقع على الناس.. المنظومة الأصلية للإسلام هى منظومة الخلاص البراقة اللامعة العظيمة. 

من أين يعيش ثروت الخرباوى؟

- أنا محامى، الحمد لله بقالى فى المحاماة ٣٥ سنة، لى مكتبى. وتعلمت المحاماة فى مكتب هو أحد أكبر مكاتب المحاماة فى مصر. مكثت فيه ست سنوات. وبعدين فتحت مكتبى، هو من أكبر مكاتب المحاماة فى مصر. 

لا أستخدم وسائل الترويج للمكتب كما يستخدم الآخرون. مع تقديرى واحترامى للجميع، فى ناس بتستخدم وسائل وأساليب علشان تظهر أمام الناس. أنا بستخدم علمى وإمكانياتى ومهنتى وتفوقى المهنى فى كل قضية أنا بشتغل فيها، فلذلك قد نجحت فى قضيتى الكبرى اللى هى قضية أن أكون المدعى العام ضد جماعة الإخوان الذى كشف جرائمها، والمدعى العام هو الذى يقف فى قضية من القضايا، لكى يكشف جرائم مجرم من المجرمين، فيقول إنه ارتكب كذا وفعل كذا ويقدم الأدلة. لا أستطيع أن أقول إنه يهاجم هذا المتهم، لكن أقول إنه يكشف السوءات عن هذا المتهم ويكشف الجرائم ويقدم الأدلة عليها.

أخبار ذات صلة

0 تعليق