أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشانغ شوان، اليوم، أن الصين تعارض بشدة أي تصرفات تمس بسيادتها ووحدة أراضيها، مشيرًا إلى أن "قضية تايوان هي الخط الأحمر الأول في العلاقات الصينية الأمريكية الذي يجب عدم تجاوزه".
وشدد المتحدث باسم الخارجية الصينية على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية، داعيًا الولايات المتحدة إلى الالتزام الصارم بمبدأ "الصين الواحدة" وبالبيانات الصينية الأمريكية المشتركة الثلاثة، والتي تشكل الأساس القانوني والسياسي للعلاقات بين البلدين.
وطالب المتحدث باسم الخارجية الصينية واشنطن بـ"الوفاء بوعدها بعدم دعم استقلال تايوان، والامتناع عن إرسال إشارات خاطئة إلى القوى الانفصالية"، داعيًا إلى وقف أي تفاعلات عسكرية مع الجزيرة وتجنب ما وصفه بـ"الإضرار بالعلاقات الثنائية وبالسلام والاستقرار عبر مضيق تايوان".
تصاعد التوترات بين واشنطن وبكين منذ عهد ترامب
منذ تولي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحكم عام 2017، دخلت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين مرحلة غير مسبوقة من التوتر، اتسمت بمزيج من المنافسة الاقتصادية الحادة والاحتكاك السياسي والعسكري.
فقد أطلق ترامب حربًا تجارية شرسة ضد بكين، فرض خلالها رسوماً جمركية على مئات المليارات من الدولارات من البضائع الصينية، متهمًا الصين بـ"سرقة الملكية الفكرية" و"ممارسات تجارية غير عادلة". وردت بكين بإجراءات مماثلة، ما أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية وتراجع الثقة بين أكبر اقتصادين في العالم.
تايوان في قلب الصراع الجيوسياسي
تُعد قضية تايوان اليوم النقطة الأكثر حساسية في العلاقات بين البلدين. فبينما تعتبرها الصين "إقليماً متمرداً يجب توحيده عاجلاً أم آجلاً"، تنظر الولايات المتحدة إليها بوصفها شريكًا ديمقراطيًا مهمًا في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وتواصل تزويدها بالأسلحة والدعم السياسي، رغم التزامها الرسمي بسياسة "الصين الواحدة".
وفي السنوات الأخيرة، زادت الزيارات الأمريكية إلى تايبيه وارتفعت وتيرة المناورات العسكرية المشتركة في المنطقة، ما أثار استياء بكين ودفعها إلى تكثيف طلعاتها الجوية بالقرب من الجزيرة في استعراض واضح للقوة.
الصين: لا مساومة على السيادة
في تصريحات تشانغ اليوم، بدا واضحًا أن بكين لا تعتزم التراجع عن موقفها الصارم. وقال المتحدث إن على واشنطن أن "تفهم بوضوح أن تايوان شأن داخلي صيني لا يقبل النقاش"، محذرًا من أن "اللعب بالنار سيحرق من يجرّبها".
ويأتي هذا التحذير في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية جمودًا دبلوماسيًا، رغم المحاولات المحدودة لاستعادة الحوار بين قادة البلدين في مؤتمرات القمة الأخيرة.
مستقبل العلاقات: مواجهة أم توازن حذر؟
يرى مراقبون أن التوتر المتصاعد حول تايوان يعكس تحولاً عميقًا في ميزان القوى العالمي، إذ لم تعد الصين تكتفي بدور الطرف التجاري، بل باتت تسعى إلى تأكيد نفوذها العسكري والسياسي في المنطقة، بينما تحاول الولايات المتحدة احتواء هذا الصعود عبر تحالفات جديدة مع اليابان وأستراليا والهند ضمن إطار ما يعرف بـ"التحالف الرباعي" (Quad).
ومع اقتراب الانتخابات الأمريكية المقبلة، يخشى المحللون من أن يتحول الملف الصيني إلى ورقة ضغط داخلية في واشنطن، ما قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد اللفظي والميداني في مضيق تايوان.
تبدو قضية تايوان اليوم بمثابة الاختبار الأخطر في العلاقات بين القوتين العظميين. وبينما تصر الصين على أن السيادة "ليست موضوعاً للتفاوض"، تحاول الولايات المتحدة الموازنة بين دعمها لتايوان والحفاظ على خطوط التواصل مع بكين.
ومع غياب الثقة وتزايد الخطاب القومي في الجانبين، يخشى المراقبون أن تتحول التوترات الحالية إلى مواجهة مفتوحة تهدد استقرار منطقة آسيا والمحيط الهادئ بأكملها.
0 تعليق