تستعد شركات صناعة السيارات في العالم لمواجهة أزمة جديدة في توريد الرقائق الإلكترونية، بعد أن فرضت الصين قيوداً على صادرات شركة "نيكسبيريا" (Nexperia) الهولندية، في خطوة اعتُبرت رداً انتقامياً على إجراءات أوروبية حديثة، مما ينذر باضطرابات قد تهدد استقرار سلاسل الإمداد العالمية في قطاع السيارات.
اجتماعات طارئة في أوروبا
ذكرت مصادر مطلعة أن شركات السيارات الأوروبية تعقد حالياً اجتماعات عاجلة لتجنب توقف الإنتاج خلال الأسابيع المقبلة، في ظل تحذيرات من أن الأزمة قد تؤدي إلى انقطاع الإمدادات خلال شهر واحد فقط.
ورغم أن شركات مثل "فولكس واجن" (Volkswagen) و"روبرت بوش" (Robert Bosch) زادت مخزونها من الرقائق بعد أزمة الجائحة، إلا أن الانتقال إلى موردين بديلين قد يستغرق عدة أشهر بسبب الاعتماد الكبير على "نيكسبيريا".
خطر توقف الإنتاج العالمي
قال وولفجانج ويبر، رئيس رابطة الصناعة الكهربائية والرقمية الألمانية (ZVEI):
"إذا لم يتم حل الأزمة سريعاً على المستوى السياسي، فهناك خطر حقيقي بتوقف جزء كبير من الإنتاج العالمي في قطاع السيارات، إلى جانب قطاعات صناعية أخرى."
وتأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوتر التجاري بين الصين والولايات المتحدة، قبيل اجتماع مرتقب بين الرئيس الصيني شي جين بينج ونظيره الأمريكي دونالد ترمب، حيث أعلنت الجانبان قيوداً وإجراءات جديدة تشمل الرسوم الجمركية وتشديد صادرات المعادن النادرة المستخدمة في صناعة السيارات والتقنيات الدفاعية.
خلفية القيود الصينية
فرضت الصين القيود على "نيكسبيريا" بعدما استحوذت الحكومة الهولندية على الشركة لتأمين إمداداتها الحيوية من الرقائق بموجب قانون قديم من حقبة الحرب الباردة.
وتعود ملكية "نيكسبيريا" إلى شركة "وينغ تيك تكنولوجي" (Wingtech Technology) الصينية، التي أدرجتها واشنطن العام الماضي على القائمة السوداء التجارية.
أهمية "نيكسبيريا" لصناعة السيارات
تشكل صناعة السيارات أكثر من 60% من إيرادات "نيكسبيريا"، إذ تنتج الشركة نحو 3 آلاف شريحة إلكترونية في الثانية الواحدة.
ورغم أن رقائقها ليست من الفئة عالية التطور، فإنها تُستخدم في مكونات حيوية داخل السيارات مثل أنظمة الإشعال والتحكم في عجلة القيادة والمفاتيح الإلكترونية.
وبلغت إيرادات الشركة نحو 2.06 مليار دولار في عام 2024.
بحث عن بدائل في سوق معقد
بدأت شركات السيارات بالفعل البحث عن بدائل سريعة للإمدادات، حيث تلقت "إنفينيون تكنولوجيز" (Infineon Technologies) الألمانية اتصالات من عملاء "نيكسبيريا" الراغبين في تأمين مصادر جديدة.
لكن خبراء الصناعة يؤكدون أن تعقيد سلاسل التوريد يجعل من الصعب تقييم حجم التأثير الفعلي للأزمة، لأن شركات السيارات لا تشتري الرقائق بشكل مباشر، بل من موردين كبار مثل "بوش" (Bosch) و"كونتيننتال" (Continental) و"أوموفيو" (Aumovio) الذين يعتمدون بدورهم على مزودين أصغر.
موقف "نيكسبيريا"
أبلغت "نيكسبيريا" عملاءها بأن القيود الصينية تعدّ "حدثاً قاهراً" يعفيها من بعض الالتزامات التعاقدية، مشيرة إلى أنها تجري محادثات مع السلطات الصينية للحصول على إعفاء يسمح باستمرار الصادرات.
وفي بيان صادر في 14 أكتوبر الجاري، أكدت الشركة أنها "تعمل مع الجهات المختصة لإيجاد حل عاجل يضمن استقرار الإمدادات"، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل
0 تعليق