أكد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، أن الرؤية المصرية لإعادة إعمار قطاع غزةتأتي استكمالًا لدور القاهرة التاريخي في دعم الشعب الفلسطيني، وتأكيدًا على ثوابتها الراسخة تجاه القضية الفلسطينية. مشيرًا إلى أن القيادة المصرية برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي وضعت منذ اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار خطة شاملة لإعادة الإعمار تقوم على مبدأ "إعمار دون تهجير"، بما يعيد الحياة إلى القطاع ويضمن للشعب الفلسطيني حياة كريمة وآمنة بعد سنوات من الدمار والمعاناة.
ولفت إلى أن مصر قادت جهودًا مكثفة عبر معبر رفح، الذي مثّل شريان الحياة الإنساني الأول لغزة، حيث أشرفت على تدفق المساعدات الإغاثية والطبية والغذائية بشكل يومي منذ بداية الأزمة، وهو ما عكس حجم الالتزام المصري الأخلاقي والإنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين. لكنها لم تقتصر على الدور الإغاثي فقط، بل تحركت بخطة دقيقة ومتدرجة نحو مرحلة إعادة الإعمار الفعلية، مع إطلاق حوار فلسطيني-فلسطيني لتوحيد الصفوف وتنسيق الأولويات داخل القطاع.
دور القاهرة في خطة الإعمار
وأضاف "أبو الفتوح"، أن قمة شرم الشيخ للسلام كانت نقطة تحول مهمة في التحرك الدبلوماسي المصري، حيث استغلتها القاهرة لإجراء مناقشات جادة مع مختلف دول الغرب بشأن خطة الإعمار. مؤكدًا أن الرئيس عبدالفتاح السيسي استطاع إقناع عدد من قادة العالم، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بضرورة المشاركة الفاعلة في جهود الإعمار، لتصبح القضية مسؤولية دولية لا تقتصر على الدول العربية وحدها. فقد نجحت مصر في حشد دعم دولي واسع، تمهيدًا لإطلاق مؤتمر دولي حول إعادة إعمار غزة الشهر المقبل، بهدف وضع آلية واضحة للتنفيذ وتحديد أدوار الدول المانحة.
53 مليار دولار على 5 سنوات
وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن الخطة المصرية للإعمار تتضمن جدولًا زمنيًا محددًا يمتد على مدى خمس سنوات بتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار، تُوجَّه أولًا إلى الخدمات الإنسانية العاجلة والبنية التحتية الحيوية من مياه وكهرباء وصرف صحي وطرق ومرافق صحية وتعليمية. حيث يوجد ما يزيد عن 55 مليون طن من الأنقاض، بعضها يحتوي على ذخائر غير منفجرة، مما يرفع تكاليف إزالة الركام وتأمينه، فضلاً عن استحواذ قطاع الإسكان على نحو 30% من إجمالي الاحتياجات بتكلفة 15.2 مليار دولار.
وشدد أبو الفتوح على أن مصر تمتلك الخبرات الفنية والقدرات التنفيذية اللازمة لتولي عملية إعادة الإعمار بالكامل، مستندة إلى تجربتها السابقة في غزة عام 2021، حيث رصدت القاهرة حينها 500 مليون دولار كمبادرة مصرية عاجلة لإعمار القطاع بعد العدوان الإسرائيلي. وشاركت الشركات المصرية المتخصصة في تنفيذ مشروعات إسكان وطرق وبنية تحتية أثبتت كفاءتها، مما جعل من القاهرة شريكًا موثوقًا به دوليًا في إدارة وتنفيذ مشروعات الإعمار.
وأوضح الدكتور جمال أبو الفتوح، أن مصر لا تسعى فقط إلى إعادة بناء ما دمرته الحرب، بل إلى إعادة الحياة ذاتها إلى الشعب الفلسطيني، عبر خطة واقعية ترتكز على الاستدامة والتنمية طويلة الأمد، وإعادة تشغيل الاقتصاد المحلي، وتمكين الأسر الفلسطينية من العودة إلى منازلها بكرامة. مشيرًا إلى أن القيادة المصرية أثبتت مجددًا أن أمن المنطقة يبدأ من القاهرة، وأن قوة مصر الدبلوماسية والإنسانية تمثل اليوم الركيزة الأساسية في بناء سلام حقيقي يعيد الأمل لغزة بعد عامين من الانتهاكات الإسرائيلية والقصف الغاشم.
0 تعليق