الإثنين 13/أكتوبر/2025 - 11:04 ص 10/13/2025 11:04:50 AM
حدد قرار تشكيل لجنة تطوير الإعلام اختصاصاتها فى مهمة إعداد خارطة طريق شاملة تتضمن المستهدفات، بما فى ذلك توصيف الوضع القائم، وتحديد الجهات والأشخاص المنوط بهم تنفيذ المخرجات بشكل فاعل، تباينت الآراء منذ صدور القرار بين مؤيد ومعارض! وجه الاعتراض الأبرز هو كثرة عدد أعضاء اللجنة البالغ عددهم نحو سبعين عضوًا، فى حين يعترض البعض الآخر على أن هدف اللجنة مزج بين دراسة أحوال الإعلام المرئى والمسموع مع الصحافة، حيث يرى أصحاب هذا الرأى أن أزمات الصحافة المكتوبة تختلف نسبيًا عن مشكلات الإذاعة والتليفزيون، يرى آخرون أن اللجنة تم تشكيلها من خبراء كبار فى حين لم يكن هناك تمثيل لائق للشباب، الذين يمثلون النسبة الأكبر من إجمالى السكان، فضلًا عن قدرة هؤلاء الشباب على استيعاب الإعلام الجديد ومنصاته وآلياته.
هناك أيضًا من يرى أن ما يعانيه الإعلام الرسمى من جهة، يختلف عن الإعلام شبه الرسمى والخاص من جهة أخرى، فالأخير لديه آلية إدارة أكثر حداثة وتطورًا بحكم حداثة عمر الكيان الذى لم يبلغ الخامسة عشرة بعد. رأى أحدهم كذلك أن مفاتيح حل أزمات الإعلام مسموعًا ومقروءًا ومرئيًا تتمثل فى إلغاء أى قوانين تقيد الحرية وتبيح لأى مسئول عدم التعاون مع الوسيلة الإعلامية. وتلك الأخيرة مشكلة حقيقية، حيث امتنع جّل المصادر الرسمية عن الإدلاء بحوارات أو السماح بمعلومات أو الرد على استفسارات الجماهير. صوت مختلف تمامًا رأى أن المفتاح الحقيقى لتطوير الإعلام هو تطوير أحوال القائمين بالاتصال أنفسهم من الناحيتين المهنية والمادية، وفى هذا شرح يطول.
على كل الأحوال، جاء تشكيل اللجنة ليثير حالة من النقاش المجتمعى أثارت اهتمام كثير من أهل المهنة وغيرهم من عموم المصريين. هناك أصحاب رؤى يؤمنون بأن المهمة من أساسها لا ينبغى أن تكون بتكليف أو تشكيل حكومى، حيث إن دور وسائل الإعلام هو محاسبة الحكومة والسعى لمراقبتها. يتحفظ البعض أيضًا على أسماء ضمها قرار التشكيل، حيث أخفقت تلك الأسماء فى إدارة مشاريع إعلامية تولت مسئوليتها، الموضوعيون انتقدوا عدم وجود بند فى قرار التشكيل يعطى قرارات اللجنة حصانة ويضمن تنفيذ توصياتها، حتى لا يكون الأمر مجرد كلام والسلام، رأى آخر فسر أزمة الإعلام بأنها تتمثل فى «خنقه»، وكلما تم فك «الخنق» كلما حدث الإصلاح الذى نبتغيه.
وهكذا، بين الإفراط فى التفاؤل بالمخرجات المنتظرة من اللجنة، والتشاؤم المبالغ فيه جاءت انطباعات المهتمين حول قرار تشكيل اللجنة والهدف المحدد لها. للأسف، وجدت من خلال متابعتى الشديدة للأمر أن صوت المتحفظين هو الأعلى وأن تحفظات البعض جاءت منطقية وتحتمل النقاش والأخذ والرد، فيما أنها تضمنت فى سياق الاعتراض مقترحات فى غاية الإيجابية يمكن البناء عليها والاستفادة بها. فى حين جاءت تحفظات البعض الآخر بدون مبرر منطقى، وربما فاحت منها رائحة الشخصنة، المهم فى الأمر أن الكل أجمع على أن المُعوّل الأهم الذى يضمن نجاح تلك اللجنة فى أداء مهمتها هو وجود النية «الحقيقية» لإصلاح المنظومة الإعلامية.
أما فيما يتعلق برؤيتى الشخصية، والتى لا ألزم بها أحدًا ولا أفرضها على أحد بالطبع، فقد رأيت أن من واجبى أن أدلى بها؛ لتكون إبراء للذمة، فقد يهتم بها أحد أعضاء اللجنة فيأخذ منها ما يرى فيه النفع والفائدة. مبدئيًا، أنا لا أتفق مطلقًا مع من أصدر حكمًا متجنيًا على اللجنة قبل أن تعقد أولى جلساتها، إذ وصفها بأنها لجنة «ما فيش فايدة» وفى هذا تسرع وتجن لا يليقان، فحتى لو أننا سلمنا برمادية الصورة الحالية فكيف تكون فائدة السعى لتبييضها إن نحن اقتنعنا بوجهة نظره أن لا فائدة ترجى من الإصلاح؟ فليس علينا إلا الإيمان بإمكانية التطوير بنفس القدر الذى آمنت القيادة السياسية بحتميته.
بالطبع ليس من حقى المصادرة على رأى أحد، ولكن من واجبى أن أناقش هذا الرأى طالما صرح به صاحبه ليقنع به الرأى العام. مبدئيًا، رأى أحدهم أن تشكيل لجنة مكونة من 64 عضوًا علاوة على رئيسها لبحث أزمة، هو أزمة فى حد ذاته! ومن ثم أقول إن كثرة العدد مبررة؛ لأن اللجنة ضمت أعضاء أساسيين، بحكم مناصبهم، حيث ستوكل إليهم وإلى مؤسساتهم مهمة تنفيذ تلك التوصيات، كما أنه من الواجب أن تشارك هذه القيادات غيرها من الأعضاء فى نقاشاتهم حتى يرّشدوا من أحلام الحالمين بتوضيح الحقائق على أرض الواقع، فهم الأكثر دراية بشعابها. كما أن اللجنة تضم أيضًا رموزًا إعلامية وثقافية من ذوى الخبرات الواسعة، ووجود هؤلاء ضرورى لأنهم الأقرب للقاعدة الكبرى من العاملين وعن طريقهم يمكن رؤية الوضع الحقيقى داخل المؤسسات، فضلًا عن وجود خبراء فى التحول الرقمى والإعلام الحديث، وهو الأمر الذى كنا سنتهم اللجنة بالتقصير لو أنها أغفلته فى تشكيلها، فالمستقبل لابد أن يكون أحد أهم أولوياتها، وهذا ما ننتظره من هؤلاء الخبراء واسعى الاطلاع على الإعلام الجديد ووثيقى الصلة بمؤسسات إعلامية عربية وأجنبية ناجحة.
0 تعليق