مترجمون: الترجمة فعل إبداعي والتعريب محاكاة بمعايير محلية

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الترجمة هى الجسر الواصل بين الثقافات والشعوب، الترجمة التي يحتفي العالم بيومها وسيلة للتقارب بين البشر مع اختلاف جنسياتهم وأديانهم وألوان بشرتهم وعن الفارق بين الترجمة والتعريب، استطلعت “الدستور” آراء باقة من أبرز المترجمين إلى اللغة العربية.

التعريب جزء لا يتجزأ من الترجمة

بداية يقول المترجم، مينا شحاتة إن حاولنا وضع تصور لتعريف الترجمة فسوف نجد إنها عملية نقل النص من لغته الأصلية إلى لغة أخرى، مع ضرورة الحفاظ على المعنى ويمتاز كل مترجم بأسلوب خاص به، ويشترط أن يبتعد عن الترجمة الحرفية لأنها لا تؤدي وظيفة الترجمة. فليس هناك قاعدة عامة يسير وفقها المترجم للحصول على ترجمة دقيقة وأصيلة، بل وله الحق – في ظروف دقيقة – بالحذف والإضافة شريطةً أن يخدم النص دون أي إخلال بالمعنى. وأما التعريب فهو إدخال مجموعة من الكلمات الأجنبية إلى اللغة العربية، واستعمالها بطريقة تناسب خصائص العربية.

تعد أغلب هذه الكلمات متعلقةً بالاختراعات والصناعات والعلوم، وفي حالة وجود ما يقابل هذه الكلمة فلا يجوز تعريبها. وعلى أي حال أرى أن التعريب جزء لا يتجزء من الترجمة، وإن كان أشد صعوبة أمام المترجم.

بدوره، قال المترجم والشاعر الحسين خضيري "التعريب أضيق أُفقًا من الترجمة لأن التعريب هو إيجاد مقابل لمصطلح أجنبي في اللغة العربية٬ مثل كلمة كمبيوتر التي تمَّ تعريبها إلى كلمة حاسوب٬ لكن الترجمة فعل إبداعي عريض٬ أنت تقرأ نصًّا بلغةٍ مغايرة ثُمَّ تقوم بكتابة هذا النص بلغتك العربية تنقل معنى النص بكل أمانة ولا تتدخل فيه إلا بِقَدَر٬ بما يسمح به الميزان الإبداعي أي أنَّك حين تقرأ نصَّا مترجمًا لعاطف عبد المجيد على سبيل المثال ثُمَّ تقرأ نفس النص بترجمة عارف خضيري فإنك تجد لكلٍ منهما مزاياه وعطاءاته اللغوية التي جعلت النص في الحالتين نصًّا إبداعيا٬ لا تشعر أنَّه مُترجم٬ بل تشعر بأنَّه عربي أصيل٬ لأن لكلِ مترجم أسلوبه ومفرداته ولمساته ولغته الخاصّة٬ لكنهم جميعًا اتفقوا على مبدأ واحد، ألا وهو الالتزام بالنص الأصلي وعدم الخروج عنه.

لا فرق بين التعريب والترجمة

من جانبه، قال المترجم محمد عبد النبي "فعليًا لا أستطيع أن أتبيّن الفرق، وأغلب الظن أنها لعبة مصطلحات، فهناك مَن يفضّلون مصطلح تعريب على مصطلح ترجمة، خصوصًا أن كلمة ترجمة في تراثنا العربي ارتبطت بأدب التراجم والأخبار المتصل بسير الأعلام. غير ذلك فسوف يسعدني أن أجد فرصة قريبة لمعرفة التمييز التام بينهما، إن كان ثمَّة.

ويرى المترجم د.خالد البلتاجي أنه فارق كبير بالتأكيد لأن التعريب أو التمصير هو محاكاة عمل أجنبي بمعايير وعناصر محلية. يتم من خلاله تطويع الزمان والمكان والشخصيات والحكاية ألخ من عناصر السرد حسب بيئة ثقافية محلية ومغايرة غالبًا للعمل الأدبي الأصلي وهذا لا علاقة له بالترجمة لأن الترجمة الأدبية لرواية أو شعر أو مسرح هي نقل أمين للعمل المكتوب لغة أجنبية إلى اللغة الأم وهي اللغة العربية.

لا يحق للمترجم خلال عملية النقل الإضافة أو الحذف أو التغيير أو التبديل في النص على الإطلاق. بل عليه أن يقوم بنقل أمين للنص ولكل مكوناته من سياقات ثقافية وغيرها.

وهذه عملية معقدة للغاية، ففضلًا عن إجادة اللغة الأصل واللغة المصدر يجب على المترجم دراسة ثقافة اللغتين دراسة وافية ومعرفة الدلالات الثقافية لمفردات وتراكيب اللغتين بصورة تكاد تكون مطلقة. يجب أيضًا أن يكون على اتصال مباشر بواقع اللغة الأجنبية واللغة الأم، وأن تكون الرسالة المتضمنة في النص الأدبي واضحة له لأنها هي المضمون الأساسي الذي يضعه في وعاء ثقافي مختلف ألا وهو اللغة الأم التي يترجم إليها.

ويذهب المترجم السوري معاوية عبد المجيد إلي أن: التعريب هو إغراق النصّ المترجم باللغة العربية، بحيث تتزعزع أساسته وتتغيّر معالمه لأسباب مقصودة. أما الترجمة هي عمل قائم على النقل بالحفاظ قدر المستطاع على البنية والغاية اللتين كتب من أجلهما النص الأجنبي. كلّ عمل له مصاعبه، وقد يكون السؤال الأفضل هو أيهما أكثر إفادة للمتلقّي. إنّ قراءة الآداب الأجنبية اغتراب ممتع، ولذا أجد أن الترجمة مفيدة أكثر من التعريب.

من ناحيته، قال المترجم أحمد عبد اللطيف: التعريب هي الكلمة الأولى التي استخدمها العرب عند الترجمة من لغة اجنبية، فيما كانت الترجمة تعني السيرة الذاتية، مع تحولات اللغة اختفت كلمة التعريب لتكون الترجمة هي الكلمة المستخدمة لهذا الفعل، لكن هناك تعريب آخر أظن أنك ما تقصدينه، وهو التخلي التام أو الجزئي عن أسلوب المؤلف ووضع المعاني في ثوب عربي بما يتناسب مع جماليات اللغة العربية.

أما الترجمة ففي الحقيقة تسعى لعدم التضحية بشيء، كأن تحافظ على أسلوب المؤلف والمعنى المقصود بل وحتى إيقاع اللغة واقتباس الامثال الشعبية، كما هى إن كان يمكن فهمها في سياق اللغة العربية.

والحقيقة أن سؤال التعريب والتغريب سؤال مطروح طول الوقت في اشكاليات الترجمة بالنسبة لمنهجي، لا أجد حرجًا في التغريب، بل أني أرى أن التغريب وتلويث اللغة العربية بتراكيب جديدة وأساليب جديدة يعتبر أحد أهداف الترجمة، لأن هذا المزيج اللغوي ما يصنع مزيجًا ثقافيا، لكن شريطة ألا يخلق نصًا ركيكًا وغير مفهوم.

0 تعليق