"زلزال" اغتيال السيد حسن نصر الله.. كيف ولماذا يشكّل "نقطة تحوّل"؟!

لبنان24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
خارج كلّ التوقعات جاء الاغتيال الصادم والغادر للأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله، في سيناريو لم يتكهّن به أحد، حتى من خصوم الرجل، ولا من المتشائمين من "حرب الإسناد" المفتوحة وتبعاتها المحتملة، سواء للاعتقاد بأنّ العدو الإسرائيلي مع كلّ "الجنون" الذي يمارسه منذ "طوفان الأقصى"، لن يجرؤ على مثل هذه الخطوة "المجنونة"، أو للقناعة الضمنية بأنّ السيد "محصَّن"، وأنّ أحدًا لن يستطيع الوصول إليه.

Advertisement

 
لكنّ العدوّ المجنون والخبيث فعلها، متجاوزًا كلّ الخطوط الحمراء، فأقدم في لحظةٍ يتمنّى كثيرون لو أنّها تُشطَب من التاريخ، وتُحذَف من الذاكرة، على الجريمة المهولة، بكمية ضخمة من المتفجّرات، سُمِع دويّها في كلّ أرجاء العاصمة اللبنانية، وحتى خارجها، فأحدثت "رعبًا" غير مسبوق منذ بدء العدوان، وأعادت إلى أذهان كثيرين تاريخ الرابع من آب المشؤوم، ليعيش اللبنانيون بعدها ساعاتٍ "عصيبة" لم تنتهِ بالنعي الرسميّ، الذي بدا عصيًا على التصديق.
 
وبعيدًا عن العواطف، وما تثيره من شجون قد تكون كثيرة، فإنّ الثابت أنّ الجريمة الكبيرة قد وقعت، وأنّ الأمين العام لـ"حزب الله" نال الشهادة التي لطالما كان يتمنّاها، ولكن الثابت أيضًا أنّ مثل هذه الجريمة ترقى لمستوى "الزلزال"، الذي لا يمكن أن يكون ما بعده كما قبله، بمعزل عن الآليات التنظيمية التي يمكن أن تُعتَمَد، وهو "الزلزال" الذي يعتقد كثيرون أنه لا بدّ أن يشكّل "نقطة تحوّل" ليس في الحرب الحالية فحسب، ولكن في مسار الصراع بالمُطلَق..
 
"رمزية" السيد نصر الله
 
قد يقول قائل إنّ جريمة اغتيال السيد حسن نصر الله، ولو كانت مفاجئة وصادمة وخارج التوقعات، إلا أنّها تندرج في خانة الاغتيالات المتسلسلة التي تقدم عليها إسرائيل منذ فتح "جبهة الإسناد اللبنانية"، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة، ولا سيما في الأسبوع الماضي، خصوصًا بعد الضربة القاضية التي وجّهتها لـ"وحدة الرضوان" بمختلف قادتها، التي استُكمِلت باغتيالات شبه يومية لرفاق السيد نصر الله، وقادة الصف العسكري الأول في "حزب الله".
 
ومع أنّ الأمين العام للحزب كان يتصدّر تلك القائمة التي يروّج لها العدوّ، في سياق "حربه النفسية" مع إسرائيل، والتي لم يبقَ من وجوهها شوى قائد واحد، إلا أنّ الانطباع كان أنّ إسرائيل مهما صعّدت وتمادت، لن تمسّ به، وأنّها، حتى لو أرادت لن تستطيع، وذلك للعديد من الأسباب والاعتبارات، من بينها "رمزية" السيد نصر الله، وهي "الرمزية" نفسها، التي تدفع للاستنتاج بأنّ الجريمة لا يمكن أن تكون إلا "نقطة تحوّل" في المسار ككلّ.
 
ولعلّ هذه "الرمزية" تكمن في شخص السيد نصر الله، الذي لا يُصنَّف زعيمًا لحزب بحجم "حزب الله" فحسب، ولو بات اسمه مرادفًا له بعد قيادته على مدى ثلاثة عقود، ولكنّه يُعَدّ قائدًا تاريخيًا واستثنائيًا على مستوى المنطقة والإقليم، مع كلّ ما يمتلكه من نفوذ وتأثير في مختلف الاستحقاقات، فضلاً عن الدور الذي لعبه على مدى السنوات الماضية، ما يدفع إلى الاستنتاج بأنّ المنطقة من دونه ليست نفسها المنطقة بوجوده.
 
"نقطة تحوّل" في المسار
 
بهذا المعنى، فإنّ اغتيال السيد حسن نصر الله سيشكّل "نقطة تحوّل" بصورة عامّة، ولكنّ الجريمة بمعانيها في التوقيت الحالي، ترسم بلا شكّ "نقطة تحوّل" أيضًا في مسار الحرب القائمة حاليًا، على مستوى المقاربة والنتائج، وهو ما يرى كثيرون أنّه سيقود إلى "نقطة تحوّل" أخرى على مسار الصراع التاريخي بين لبنان والعدو الإسرائيلي، لا بل على مستوى الصراع العربي الإسرائيلي الذي يشهد منذ "طوفان الأقصى" منعطفًا تاريخيًا لا رجعة فيه.
 
يقول العارفون إنّ ما بعد اغتيال السيد نصر الله ليس كما قبله على مستوى الحرب الحالية، سواء بالنسبة إلى العدوّ الإسرائيلي، أو بالنسبة لـ"حزب الله"، فالأخير الذي لن يكون في وارد "الاستسلام"، الذي سيُعَدّ بمثابة "خيانة" لأعظم شهدائه، سيعتبر نفسه محرَّرًا من كلّ الضوابط، وهو الذي بقي حتى اغتيال السيد، ملتزمًا قواعد الاشتباك من طرف واحد، حتى لا يقع في "فخّ" الحرب الكبرى التي يريدها الإسرائيلي، ولا مصلحة فيها بالمُطلَق.
 
وإذا كان الاعتقاد بأنّ "حزب الله" سيواصل مسار المقاومة، رغم المصاب الكبير، وفاءً لدماء السيد نصر الله، فإنّ المقاربة على المستوى الإسرائيلي قد تدفع بالأمور إلى المزيد من الانحدار، فـ"نقطة التحوّل" التي يمثّلها اغتيال الرجل لا تعني أنّ إسرائيل تريد "إنهاء" المعركة، بل هي قد ترى الفرصة سانحة لمواصلة الدرب، بدليل استكمال الاغتيالات والمجازر في اليومين الماضيين، كأنّها تقول إنّها لم تكتفِ، طالما أنّ المجتمع الدولي معها.
 
يرى البعض أنّ اغتيال الأمين العام لـ"حزب الله" في ظرفٍ آخر، كان يمكن أن يجسّد معنى "الزلزال" بكلّ ما للكلمة من معنى، وأنّه كان بحدّ ذاته يمكن أن يفجّر حربًا شاملة وواسعة بلا أفق ولا حدود. قد لا يحصل ذلك اليوم، للكثير من الاعتبارات والأسباب، من بينها الظرف الصعب ومأساة الحرب والنزوح، لكنّ الأكيد أنّ الجريمة لن تبقى بلا تبعات، وأنّ الأيام المقبلة قد تكون مفصلية ومصيرية، لبلورة صورة مرحلة "ما بعد السيد"!

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق