في صمتٍ منظم، تتحرك منظومة الكهرباء في مصر بخطوات عملية نحو إحكام السيطرة على الاستهلاك وتقليص الفقد، فمع تسارع وتيرة التحول إلى العدادات الذكية، تتغير خريطة توزيع الكهرباء تدريجيًا، مستندة إلى أدوات أكثر دقة وعدالة في القياس والمحاسبة.
العدادات الذكية تقتحم الشبكة
وفي هذا الإطار، أفادت مصادر مسؤولة بالشركة القابضة لكهرباء مصر بأن تسع شركات توزيع تابعة لها أنهت، منذ مطلع شهر أكتوبر الجاري، تنفيذ أعمال تركيب نحو 60 ألف عداد كودي ومسبق الدفع.
دفعة قوية لضبط الاستهلاك ووقف
وتأتي هذه الخطوة ضمن خطة موسعة تستهدف تقنين أوضاع المخالفين، والحد من الاستهلاك غير المشروع، وتعزيز كفاءة التحصيل، بما ينعكس إيجابًا على استقرار الشبكة الكهربائية وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
منظومة أكثر انضباطًا وعدالة
وفي المحصلة، تعكس الخطوات المتسارعة التي يتبناها قطاع الكهرباء توجهًا واضحًا نحو بناء منظومة أكثر انضباطًا وعدالة، تعتمد على التكنولوجيا كأداة رئيسية لضبط الاستهلاك وترشيد الموارد.
فتركيب العدادات الكودية ومسبقة الدفع لم يعد مجرد إجراء إداري، بل أصبح جزءًا من رؤية شاملة تستهدف معالجة التشوهات المزمنة التي عانت منها الشبكة لسنوات طويلة، وعلى رأسها الفقد التجاري وسرقات التيار.
كما تمثل هذه الإجراءات رسالة حاسمة بأن المرحلة المقبلة لن تسمح باستمرار الاستخدام العشوائي أو غير القانوني للكهرباء، في ظل الضغوط المتزايدة على الموارد وارتفاع تكاليف الإنتاج.
فالتحول إلى أنظمة القياس الذكية يمنح الدولة قدرة أكبر على المتابعة الدقيقة، ويعزز من كفاءة التحصيل، ويوفر بيانات حقيقية تساعد في التخطيط المستقبلي للتوسعات وتحسين جودة الخدمة.
وعلى الجانب الآخر، يحقق هذا التوجه قدرًا من العدالة بين المشتركين، إذ يضمن أن يدفع كل مستهلك قيمة ما يستخدمه فعليًا دون تحميل الشبكة أعباء إضافية ناتجة عن المخالفات.
ومع استمرار تنفيذ هذه الخطط على نطاق أوسع، تتجه منظومة الكهرباء في مصر نحو مرحلة أكثر استقرارًا واستدامة، قوامها الانضباط، والحوكمة، والتكنولوجيا الحديثة، بما يخدم الاقتصاد الوطني ويحسن مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

















0 تعليق