مع حلول احتفالات رأس السنة الميلادية، تملأ شخصية بابا نويل الشوارع والمحال التجارية والكنائس، لتصبح أحد أبرز رموز الفرح واستقبال العام الجديد، لا سيما داخل الكنائس القبطية في مصر؛ ورغم الانتشار الواسع لهذه الشخصية باعتبارها رمزًا للهدايا والبهجة، فإن كثيرين يجهلون الجذور الدينية والتاريخية العميقة التي تقف خلف بابا نويل.
وتؤكد المصادر الكنسية أن بابا نويل ليس مجرد شخصية خيالية أو تقليد مستورد من الغرب، بل يعود في الأصل إلى قديس حقيقي معترف به في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، حيث تحتفل الكنيسة بعيد نياحته في العاشر من شهر كيهك، وفقًا للتقويم القبطي.
وترجع أصول هذه الشخصية إلى القديس نيقولاوس، أسقف مدينة مورا بآسيا الصغرى في القرن الرابع الميلادي، والذي عُرف في الغرب باسم «سانت كلوز»، بينما اشتهر في الشرق باسم «بابا نويل»؛ وقد ارتبط اسمه عبر العصور بالعطاء ومساعدة الفقراء ونشر روح المحبة، وهي القيم التي تحولت لاحقًا إلى رموز احتفالية عالمية.
ويروي السنكسار القبطي أن القديس نيقولاوس وُلد في مدينة مورا لأسرة تقية، وكان ثمرة صلوات طويلة من والديه أبيفانيوس وتونة؛ ومنذ طفولته، ظهرت عليه علامات الورع والزهد، ما دفعه إلى التدرج في السلك الكنسي، حيث رُسم شماسًا ثم عاش حياة نسك داخل أحد الأديرة، قبل أن يُرسم قسًا وهو في سن صغيرة لم تتجاوز التاسعة عشرة.
وبعد نياحة أسقف مدينة مورا، وقع الاختيار على القديس نيقولاوس ليجلس على كرسي الأسقفية، ليبدأ مرحلة جديدة من الخدمة الروحية والرعوية.
وخلال فترة خدمته، تعرّض للاضطهاد في عهد الإمبراطور دقلديانوس، حيث سُجن بسبب تمسكه بإيمانه، لكنه ظل ثابتًا حتى انتهاء الاضطهادات مع تولي الإمبراطور قسطنطين الحكم، الذي أمر بالإفراج عن المسجونين بسبب عقيدتهم.
وعقب خروجه من السجن، عاد القديس نيقولاوس إلى شعبه ليستكمل خدمته، واشتهر بمحبة الناس والعدل في التعامل، إضافة إلى المعجزات التي نُسبت إليه، من شفاء المرضى وإخراج الأرواح الشريرة، ما جعله يحظى بمكانة روحية كبيرة داخل الكنيسة وخارجها.
وبعد حياة حافلة بالعطاء والخدمة، تنيّح القديس نيقولاوس عن عمر ناهز الثمانين عامًا، قضى نحو أربعين عامًا منها في خدمة الأسقفية، ودُفن في كاتدرائية مدينة ميرا.
ومع مرور الزمن، تحوّلت سيرته إلى رمز عالمي للعطاء والفرح، لتظهر شخصية بابا نويل بصورتها الحديثة التي ترافق احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة حول العالم.


















0 تعليق