الدستور تنشر أخطر فصول «الكتاب الأبيض» لوزارة الخارجية
استمرار إثيوبيا فى تعنتها والتصرف بشكل أحادى يثيران الشكوك حول الدافع الحقيقى وراء إنشاء السد
طرح حلول فنية تتيح لأديس أبابا توليد الكهرباء دون إضرار لكن لا استجابة على الإطلاق
أصدرت وزارة الخارجية المصرية كتابًا أبيض بعنوان «الاتزان الاستراتيجى.. ملامح من السياسة الخارجية المصرية فى عشر سنوات»، يتناول مفهوم «الاتزان الاستراتيجى»، الذى أرساه الرئيس عبدالفتاح السيسى باعتباره الإطار الرئيسى الحاكم للسياسة الخارجية المصرية.
ويعد «الكتاب الأبيض» مرجعًا توثيقيًا وتحليليًا لمفهوم «الاتزان الاستراتيجى» فى السياسة الخارجية المصرية، حيث يستعرض أطر التحرك الدبلوماسية فى الدوائر العربية والإفريقية والأوروبية والأسيوية والدولية استنادًا لمفهوم «الاتزان الاستراتيجى»، والشراكات الشاملة مع القوى الكبرى.
وركز الكتاب على ملف السد الإثيوبى، والاستراتيجية المصرية تجاه ملف مياه النيل، مع التأكيد أن مصر لا تعارض التنمية فى حوض النيل، وأنها أظهرت حسن النية خلال ١٣ سنة من التفاوض، مع تقديم البدائل والأطروحات لتلبية طموحات التنمية الإثيوبية، وهو ما قوبل بتعنت إثيوبى، تحتفظ مصر تجاهه بحقها فى الدفاع عن أمنها القومى المائى حال التعرض لأى ضرر.
المسارات التفاوضية انتهت.. والدولة تراقب بدقة تشغيل السد مع احتفاظها بحقها فى الدفاع عن أمنها المائى
شدد كتاب «الاتزان الاستراتيجى» على أن الحفاظ على الحقوق المصرية التاريخية فى مياه النيل وتطويرها يمثلان تحديًا وجوديًا للأمن القومى المصرى، مشيرًا إلى أن مصر سعت، على مدار أكثر من ١٣ عامًا، للتوصل لتسوية سلمية متوازنة لأزمة السد الإثيوبى، فى مواجهة تعنت إثيوبى، ورفض لكل الحلول الفنية والقانونية التى قدمت لها ومن شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، ونكوص متكرر عما يتم التوصل إليه من تفاهمات، ورفض للتوصل لاتفاق قانونى ملزم بشأن ملء وتشغيل السد الإثيوبى.
وأكد الكتاب أن المسارات التفاوضية قد انتهت، وأن الأداة التفاوضية قد استُنفدت، وبناءً عليه، ركز الجهد الدبلوماسى المصرى على إظهار مخاطر التعنت الإثيوبى، والتأكيد أن استمرار المواقف الإثيوبية المخالفة للمواثيق والأعراف والقوانين الدولية يمثل تهديدًا وجوديًا للشعب المصرى، وهو ما يفرض على مصر الاستمرار فى المراقبة الدقيقة لتشغيل السد الإثيوبى، مع احتفاظها بحقها المكفول بموجب المواثيق الدولية فى الدفاع عن أمنها المائى والقومى فى حال تعرضها لضرر، خاصة أن مصر تعد الدولة الأفقر مائيًا بين كل دول العالم، إذ تأتى على رأس قائمة الدول الفقيرة، وتعد أقل دول الإقليم من حيث معدل هطول الأمطار «١٨ مم/ سنة» مقارنة بإثيوبيا مثلًا «٨٦٨ مم/ سنة».
كما بلغ نصيب الفرد السنوى فى مصر من المياه ٥١٥ مترًا مكعبًا سنويًا فى عام ٢٠٢٣، «أى ما يقرب من نصف معدل خط الفقر المائى المحدد عند ١٠٠٠ متر مكعب سنويًا للفرد»، وقد تفاقم هذا الوضع بسبب عامل الزيادة السكانية وتغير المناخ، حتى باتت التقديرات تشير إلى أنه من المتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى ما دون الـ٥٠٠ متر مكعب بنهاية عام ٢٠٢٥، ومن ثم فإن اعتماد مصر على مياه النيل يعتبر اعتمادًا شبه مطلق، إذ تصل نسبته إلى ٩٨٪، وتعد مصر ثانى دولة فى العالم اعتمادًا على مصدر مائى يأتى من خارج حدودها.
وبين الكتاب أن ٨٥٪ من إيرادات مياه النيل لمصر تأتى من الهضبة الإثيوبية، أهمها من النيل الأزرق، ولذلك فإن مسألة إنشاء أى سدود بشكل أحادى، خاصة السدود ذات السعة التخزينية الكبيرة، دون الإخطار المسبق والتشاور بشأنها لتعظيم الاستفادة منها ودرء الأضرار، يشكل مصدر قلق بالغ بالنسبة لمصر.
وشددت وزارة الخارجية على أن مصر تؤكد بشكل دورى أنها ليست معارضة لفكرة إنشاء سدود فى المطلق، حيث توجد سدود منشأة بالفعل لا تشكل ضررًا بالنسبة لمصر، فى ظل احترامها للقواعد الدولية الواجبة، مثل السدود الستة فى السودان، وسدين فى أوغندا، وثلاثة سدود فى إثيوبيا، منها سد «تيكيزى» المخصص لتوليد الطاقة الكهرومائية.
وقالت إن مصر طرحت حلولًا فنية تتيح للجانب الإثيوبى توليد الكهرباء بأعلى كفاءة- وهو الهدف الإثيوبى المعلن لبناء السد– دون الإضرار بمصر، غير أن إثيوبيا استمرت فى تعنتها والتصرف بشكل أحادى، وهو ما يثير الشكوك حول الدافع الحقيقى وراء إنشاء السد الإثيوبى.
يضاف إلى ما تقدم، غياب معلومات تفصيلية وافية عن السد الإثيوبى وأمانه، ما يسبب قلقًا جديًا من مخاطر انهياره، وتأثير ذلك على دولتى المصب، حيث يتكون السد الإثيوبى من سدين: السد الرئيسى والسد الركامى، الذى ظهرت فيه شروخ عام ٢٠٢٢. وقد خاطبت مصر مجلس الأمن طالبة من الجانب الإثيوبى بتفسير أسباب ذلك، وما تم اتخاذه من إجراءات لإصلاحه، إلا أن الجانب الإثيوبى لم يتجاوب.
وأضافت أن من أكبر المخاطر المتعلقة بأمان السد مسألة وقوع السد فى منطقة محفوفة بالمخاطر الجيولوجية والطبيعية، حيث تشهد زلازل كثيرة وتتعرض لسقوط أمطار غزيرة خلال فترات زمنية قصيرة قد تؤدى إلى سقوط الجبال المحيطة به، والإضرار بجسم السد لوقوعه فى منطقة منخفضة.
ومن الناحية القانونية، تمثل الإجراءات الإثيوبية تجاوزًا صارخًا لقواعد القانون الدولى واجبة التطبيق، على رأسها عدم الإضرار والإخطار المسبق والتعاون الذى يشمل إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ومشاركتها مع الدول المعنية، وذلك لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية والعمل على تنميتها وحمايتها من التلوث، بما يحقق الاستخدام الأمثل للنهر، إلا أن التحركات الإثيوبية لا تشير إلى أنها تستهدف تحقيق هذه الأهداف فى مشروعاتها المائية الخاصة، كما أن هناك تاريخًا موثقًا للأضرار التى تسببت فيها السدود الإثيوبية للدول المشتركة معها فى الأنهار العابرة للحدود.
وشددت وزارة الخارجية على أن مصر أظهرت حسن النية خلال سنوات التفاوض الثلاث عشرة، وقدمت العديد من البدائل والأطروحات الفنية للمحافظة على التوازن بين المصالح المائية المصرية، وفى ذات الوقت تلبية طموحات التنمية الإثيوبية.
وأوضحت أن مصر قدمت مقترحات فنية تعتمد على اتباع نهج الطريقة التعاونية والمتوائمة أثناء ملء وتشغيل السد مع اتخاذ التدابير اللازمة لمنع التسبب فى ضرر، واتخاذ إجراءات فعالة للحد من آثار فترات الجفاف، ووضع قواعد محكمة تنظم التشغيل طويل الأمد للسد، وآلية مشتركة للتنبؤ والرصد.
«مفوضية الست دول».. لعبة أديس أبابا من أجل «شرعية زائفة» وإقامة سدود جديدة على النيل الأزرق
شرح كتاب «الاتزان الاستراتيجى» تبنى إثيوبيا فى الفترة الأخيرة لاستراتيجية تهدف لتوسيع نطاق الخلاف حول مسألة السدود الإثيوبية، ليضم الدول الأخرى فى الحوض، وذلك من خلال إقحام ما يسمى باتفاق التعاون الإطارى المنقوص ومفوضيته المزعومة، التى تضم إثيوبيا وخمس دول فى حوض النيل «أوغندا- تنزانيا- بوروندى- رواندا- جنوب السودان»، والذى تم فتح الباب للتوقيع عليه فى عام ٢٠١٠ فى عنتيبى- أوغندا، دون اكتمال التفاوض عليه، فى حين أنه اتفاق يأخذ فى الاعتبار فقط مصالح دول المنبع.
وقالت «الخارجية» إن هدف المسعى الإثيوبى هو اعتبار هذا الاتفاق المنقوص الإطار القانونى المستقبلى للتعاون فى حوض النيل، والذى ستبنى إثيوبيا مشروعاتها المستقبلية بناء عليه.
ويقوم الموقف المصرى، المستند إلى القواعد المستقرة للقانون الدولى، على أن هذا الاتفاق لا يمثل أى التزام على دول حوض النيل التى لم تنضم إليه، بما فيها مصر، كما أن المفوضية الناشئة عنه هى مفوضية جزئية لست دول حوض فقط، ستنضم لمفوضيتين قائمتين «الهيئة الفنية الدائمة المشتركة بين مصر والسودان، ومفوضية بحيرة فيكتوريا»، وهو أمر يمكن أن ينتهى بتزايد الانقسام بين دول الحوض، والحل لتجنب ذلك هو العودة للصيغة الأصلية التوافقية لمبادرة حوض النيل.
ويزيد الموقف تعقيدًا، وفق «الخارجية» أن مفوضية الست دول هى فى واقع الأمر مفوضية ١+٥، فى ضوء أن الدول الخمس الأخرى المنضمة للاتفاق والمفوضية تقع على رافد النيل الأبيض ولا تطل على النيل الأزرق، وبالتالى فإن أى محاولة لاستغلال تلك المفوضية فى إقرار مشروع سد إثيوبى جديد على النيل الأزرق سيكون تحايلًا للحصول على شرعية زائفة أمام المجتمع الدولى، لعدم تأثر الدول الخمس الأخرى فى تلك المفوضية بذلك المشروع.
وبناءً عليه، فإن أى مشروع إثيوبى جديد على النيل الأزرق يتحتّم على إثيوبيا الإخطار والتشاور بشأنه مع مصر والسودان، اللتين تتشاركان معها النيل الأزرق، وليس مع مفوضية ودول لا علاقة لها به.
وحسب «الكتاب الأبيض» فقد أظهر الخطاب الذى وجهته إثيوبيا لمجلس الأمن الدولى بشأن السد الإثيوبى، ردًا على خطاب مصر إلى مجلس الأمن فى ١ سبتمبر ٢٠٢٤، اعتراضًا على الملء الخامس للسد، نية إثيوبيا فى استغلال ذلك الاتفاق للترويج لسدودها المقبلة، حيث زعمت أن ما يسمى باتفاق التعاون الإطارى ومفوضية الست دول التى ستنشئها هو الإطار المستقبلى للتفاوض حول السد الإثيوبى وأى سدود مستقبلية.
ووقتها أصدرت الهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان بيانًا فى أكتوبر ٢٠٢٤ تدعو فيه دول حوض النيل إلى إعادة اللحمة لمبادرة حوض النيل، وعدم اتخاذ أى إجراءات أحادية من شأنها زيادة الانقسام بين دول المنابع ودول المصب، والأخذ بالتجارب الناجحة فى هذا الإطار، بما فى ذلك تجارب إفريقية رائدة، مثل حوض نهر الزامبيزى والسنغال، والتى تضمن استمرارية التعاون واستدامة التنمية للجميع.
من جانب آخر، تؤكد مصر باستمرار أنها لطالما دعمت التنمية فى كل دول حوض النيل، ولن تعرقل أى مشروعات سدود بدول حوض النيل الشقيقة طالما أنها التزمت بقواعد القانون الدولى، خاصة أن مصر نفسها شاركت فى إنشاء وتمويل عدد من المشروعات على مجرى نهر النيل مثل سد «أوين» فى أوغندا، وسد «جوليوس نيريرى» بتنزانيا، حيث تم بالفعل تركيب وتشغيل وتسليم توربينات، بما يلبى احتياجات تنزانيا الحالية من الكهرباء.
وفى السياق نفسه، وتأكيدًا للاهتمام المصرى بتنمية دول حوض النيل، أعلنت مصر فى ١٦ أكتوبر ٢٠٢٤ عن تدشين آلية استثمار جديدة فى دول حوض النيل الجنوبى، بهدف تعزيز الاستثمار فى المشروعات التنموية ومشروعات البنية الأساسية، بما فى ذلك المشروعات المائية، على أن يتم ذلك وفقًا للقانون الدولى والمعايير الاقتصادية لتعزيز فرص نجاحها.
وتسهم الحكومة المصرية فى هذه الآلية بمبلغ ١٠٠ مليون، دولار، مع دعوتها للقطاع الخاص المصرى وشركاء التنمية للمشاركة فيها أيضًا، وتدرس الحكومة المصرية حاليًا بالتعاون مع الأشقاء فى دول حوض النيل، كيفية استخدام هذه الآلية الجديدة لدعم مشروعات السدود فى دول الحوض، وأعلنت مصر فى نوفمبر ٢٠٢٤ عن مساهمتها فى مشروع سد ميكانا فى دولة الكونغو الديمقراطية، وجار دراسة دعم سد «أنجولو» مع دولتى أوغندا وكينيا، وكذلك سد «تشينوجى» الذى يقع بين رواندا وأوغندا وتنزانيا.
13 عامًا من المراوغات فى مواجهة حُسن النية المصرية
الامتناع عن تنفيذ التوصيات الفنية
٢٠١٢/ ٢٠١٣
أُنشئت عام ٢٠١٢ «لجنة» بمقترح من رئيس الوزراء الإثيوبى الراحل «ميليس زيناوى»، وتضم خبراء دوليين، بالإضافة إلى خبراء من كل من مصر والسودان وإثيوبيا- لتقييم آثار السد.
وخلصت اللجنة فى تقريرها الصادر عام ٢٠١٣ إلى وجود نقص كبير فى الدراسات الإثيوبية المتعلقة بالأمان، والبيئة، والتأثيرات الاقتصادية والاجتماعية للسد. وطلبت إجراء دراسات تفصيلية لتقييم الآثار الاقتصادية والبيئية والاجتماعية على دولتى المصب.
ولم تنفذ إثيوبيا التوصيات الفنية والبيئية التى أوصت بها اللجنة، ولم تزود مصر بمعلومات مستقلة حول أمان السد.
فشل «إعلان مالابو»
٢٠١٤
صدر الإعلان المشترك عن القمة الرئاسية المصرية الإثيوبية التى عقدت فى مالابو يونيو ٢٠١٤، الذى أسفر عن تشكيل اللجنة الوطنية الثلاثية للإشراف على الدراسات الفنية.
وتم ذلك دون الاستعانة بخبراء دوليين بناءً على طلب إثيوبى، ونص الإعلان على عدد من المبادئ أهمها التزام إثيوبيا بتجنب أى ضرر محتمل من السد على استخدامات مصر المائية، والتزام مصر بالتعاون البنّاء معهم، ولكن عمل اللجنة فشل بسبب عراقيل إثيوبية متكررة.
ملء أحادى بالمخالفة لإعلان المبادئ
٢٠١٥
عقدت اجتماعات اللجنة الفنية الثلاثية واتفقت على تشكيل لجنة خبراء رباعية من الدول الثلاث بجانب الاستعانة بشركة استشارية دولية «مكتب BRL الفرنسى» لإجراء دراسات إضافية حول السد لحسم أى خلاف حول نتائج الدراسات النهائية.
ووقع الرؤساء الثلاثة لمصر وإثيوبيا والسودان فى الخرطوم «إعلان المبادئ» فى مارس ٢٠١٥، الذى تضمن الاتفاق حول مبادئ التعاون والتنمية، وعدم التسبب فى ضرر بين الدول الثلاث، والاستخدام المنصف لمياه النيل، والتزام إثيوبيا بعدم البدء فى الملء الأول دون اتفاق مسبق مع مصر والسودان حول قواعد ملء السد.
وعلى الرغم من ذلك، أدى التعنت الإثيوبى لإفشال عمل اللجنة. واجتمعت الدول الثلاث فى أديس أبابا أثناء قمة الاتحاد الإفريقى واتفقت على الانتهاء من الدراسات الفنية للسد، إلا أن إثيوبيا استمرت فى عرقلة تنفيذ الدراسات الفنية التى تعاقدت عليها الدول الثلاث مع الشركة الفرنسية المتخصصة، وقدمت خطة ملء أحادية الجانب، وشرعت فى تنفيذها فى عام ٢٠٢٠ بالمخالفة لإعلان المبادئ، واستمرت فى ذلك خلال عام ٢٠٢١.
إحباط جهود التُّساعى
٢٠١٨
اقترحت مصر فى عام ٢٠١٨ لتجاوز الخلافات، عقد اجتماعات بمشاركة وزراء خارجية الدول الثلاث والرى ومديرى أجهزة المخابرات بجانب الخبراء الفنيين، وتناولت المباحثات النقاط الخلافية فى التقرير الاستهلالى المقدم من المكتب الاستشارى سابق الذكر، وتم التوافق على خطوات عملية، لكن إثيوبيا امتنعت عن تنفيذ ما تم الاتفاق عليه.
إفشال المجموعة العلمية المستقلة
٢٠١٨
على الرغم من استمرار النهج الإثيوبى المعرقل، اقترحت مصر خلال الاجتماع التساعى الذى عقد فى ١٥ مايو ٢٠١٨ إنشاء المجموعة الوطنية البحثية المستقلة، وهى عبارة عن مجموعة غير حكومية مكونة من خمسة خبراء من كل دولة من الدول الثلاث كان من المفترض أن تعقد تسعة اجتماعات لمناقشة وتطوير سيناريوهات مختلفة مرتبطة بقواعد ملء وتشغيل السد الإثيوبى.
وبعد أن حققت المجموعة بعض التقدم فى البداية فى وضع مبادئ تشغيل منسق للسد الإثيوبى، تراجعت إثيوبيا عن التفاهمات.
رفض التوقيع على اتفاق الوساطة الأمريكية والبنك الدولى
٢٠١٩/٢٠٢٠
تدخلت إدارة الرئيس الأمريكى «دونالد ترامب» الأولى، بتشجيع مصرى، بفاعلية فى أزمة السد الإثيوبى فى نوفمبر ٢٠١٩، حين دعت مصر والسودان وإثيوبيا إلى اجتماع فى واشنطن بحضور كل من وزير الخزانة الأمريكى ورئيس البنك الدولى.
وتم الاتفاق على عقد أربعة اجتماعات عاجلة لوزراء مياه الدول الثلاث بمشاركة ممثلين عن الولايات المتحدة والبنك الدولى، على أن تنتهى بالتوصل إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله بحلول منتصف يناير ٢٠٢٠.
وأسفرت المناقشات عن توافق مبدئى على إعداد خارطة طريق تتضمن ستة بنود رئيسية، كان أهمها تنظيم ملء السد الإثيوبى خلال فترات الجفاف والجفاف الممتد.
وتم التوصل بالفعل لاتفاق وقّعت عليه الدول الثلاث، إلا أن إثيوبيا رفضت التوقيع على الاتفاق النهائى.
تعثر المفاوضات برعاية الاتحاد الإفريقى
٢٠٢٠/ ٢٠٢١
عقد مجلس الأمن الدولى، ولأول مرة فى مسائل المياه، اجتماعًا حول السد الإثيوبى فى عام ٢٠٢٠ بناءً على طلب وجهد دبلوماسى مصرى مكثف، إعمالًا للمادة ٣٥ من ميثاق الأمم المتحدة التى تجيز للدول الأعضاء أن تنبه المجلس إلى أى أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين. ودعت مصر خلاله مجلس الأمن إلى التدخل من أجل تأكيد أهمية مواصلة الدول الثلاث مصر وإثيوبيا والسودان التفاوض بحسن نية، تنفيذًا لالتزاماتها وفق قواعد القانون الدولى من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن لقضية السد الإثيوبى، وعدم اتخاذ أى إجراءات أحادية قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق. وأسفر ذلك عن إطلاق مسار جديد للمفاوضات بقيادة الاتحاد الإفريقى بهدف الانتهاء من بلورة اتفاق قانونى نهائى ملزم لجميع الأطراف، إلا أنه إزاء تعنت إثيوبيا فى المفاوضات تعثرت تلك المفاوضات كسابقاتها.
عرقلة المرونة المصرية خلال المفاوضات المباشرة
٢٠٢٣
على الرغم من النهج الإثيوبى المعرقل على مدار السنوات السابقة فإن مصر أبدت مرونة للتوصل لاتفاق نهائى، ووافقت على عقد جولات مفاوضات مكثفة لمدة أربعة أشهر فى النصف الثانى من عام ٢٠٢٣.
وبالفعل تم عقد أربع جولات ما بين شهر أغسطس وديسمبر٢٠٢٣، واقترحت خلالها بدائل فنية مختلفة، تتضمن مشاركة البنك الدولى لخبرته الواسعة فى مجال السدود، إلا أنه على غرار السوابق رفض الجانب الإثيوبى كل المقترحات المصرية.
واستمرت مصر فى عرض بدائل جديدة، ولكنها لم تسفر عن أى تقدم فى هذا الشأن بسبب التعنت الإثيوبى المتصاعد، الذى وصل لحد النكوص عن تفاهمات سابقة، ولذا فقد بات واضحًا لمصر أن المسارات التفاوضية قد انتهت وأن الأداة التفاوضية قد استنفدت.















0 تعليق