وأكد البيان أن وزراء خارجية روسيا الاتحادية والدول الأفريقية، إلى جانب قيادة مفوضية الاتحاد الأفريقي وممثلي منظمات التكامل الإقليمي، جددوا التزامهم بتنفيذ مخرجات القمتين الروسية–الأفريقية الأولى والثانية، وخطة عمل منتدى الشراكة للفترة 2023–2026، مع الاستعداد لإعداد خطة عمل جديدة للفترة 2026–2029، على أن تُعتمد خلال القمة الروسية–الأفريقية الثالثة.
ويعكس مضمون البيان تقاطعًا واضحًا مع ثوابت الموقف الجزائري في القضايا الإقليمية والدولية، ويؤكد مكانة الجزائر كفاعل محوري في ترقية الشراكات الإفريقية–الدولية القائمة على المبادئ والاحترام المتبادل.
تصفية الاستعمار وتجريمه
ثمّن المشاركون نتائج المؤتمر الوزاري الأول للمنتدى، مؤكدين التزامهم بتعزيز نظام دولي عادل قائم على المساواة في السيادة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، ودعم الجهود الرامية إلى القضاء على الاستعمار والاستعمار الجديد. كما شدد البيان على أهمية الحفاظ على الذاكرة التاريخية لجرائم الحقبة الاستعمارية، والعمل على آليات قانونية للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالدول والشعوب الإفريقية، وهو ما ينسجم مع الرؤية الجزائرية الثابتة التي تجعل من تصفية الاستعمار وتجريمه مسألة مبدئية غير قابلة للتقادم.
السيادة ورفض التدخلات الخارجية
وأكد البيان مجددًا على مبادئ المساواة في السيادة بين الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام وحدة الدول وسلامتها الإقليمية. وهو ما يتطابق مع مواقف الجزائر المعلنة، حيث شدد معالي الوزير في كلمته على ضرورة نبذ التدخلات الخارجية التي تُفاقم الأزمات وتغذّي عدم الاستقرار، خاصة في القارة الإفريقية، والدفاع عن احترام القانون الدولي ورفض منطق الإملاءات.
الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية
وفي محور التعاون السياسي، شدد البيان على الديناميكية المتزايدة في التفاعل السياسي بين روسيا والدول الأفريقية، والدعم المتبادل داخل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، مع التأكيد على دعم الحلول الإفريقية للمشكلات الإفريقية. ويتلاقى هذا التوجه مع تشديد الجزائر على جعل هذا المبدأ حجر الزاوية في مقاربة الأزمات السياسية والأمنية بالقارة، بما يعزز الملكية الإفريقية لمسارات السلام والاستقرار.
مكافحة الإرهاب
وفي مجال التعاون الأمني، أعرب الطرفان عن قلقهما من تدهور الوضع الأمني الدولي وتصاعد التهديدات الإرهابية، مجددين التزامهما بمكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وتمويله والجريمة المنظمة العابرة للحدود وتهريب المخدرات. كما أشاد البيان بـ«مبادئ الجزائر» المعتمدة في إطار مجلس الأمن، باعتبارها إسهامًا نوعيًا في مكافحة تمويل الإرهاب باستخدام التقنيات المالية الحديثة، وهو ما يعكس الدور الريادي للجزائر في هذا الملف الحيوي.
التنمية والحوكمة الدولية
وأكد البيان دعم أجندة الاتحاد الأفريقي 2063، وخطة التنمية المستدامة 2030، وتعزيز التعاون الثلاثي وبناء القدرات في مجالات الصحة، والأمن الغذائي، والتغير المناخي، وتنمية رأس المال البشري. كما شدد على ضرورة إصلاح مجلس الأمن بما يعكس التوازنات الجيوسياسية الراهنة ويعزز التمثيل الإفريقي، مع رفض التدابير القسرية الأحادية، والدعوة إلى نظام دولي متعدد الأقطاب أكثر عدلًا وشمولًا، وهو ما يتقاطع مع رؤية الجزائر لبناء نظام دولي منصف قائم على تعددية الأطراف واحترام القانون الدولي.
كما أكدت الاطراف أهمية تعزيز التعاون في مجالات نزع السلاح وعدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومنع عسكرة الفضاء الخارجي، ودعم الاستخدام السلمي للفضاء، مع الترحيب بإطلاق الوكالة الفضائية الأفريقية بالقاهرة سنة 2025.
وفي ختام البيان، شدد المشاركون على دعم الدور المركزي للأمم المتحدة في قضايا الأمن الدولي، والأمن المعلوماتي، والذكاء الاصطناعي، والدعوة إلى أطر حوكمة عادلة وشاملة، كما رحبوا بالتطورات الأخيرة المتعلقة بوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدين ضرورة التنفيذ الكامل للاتفاق، وتسريع جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق.
ويعكس هذا التقاطع الواضح بين مضامين البيان ومواقف الجزائر ثبات الدبلوماسية الجزائرية على مبادئها التاريخية، ويؤكد في الوقت ذاته مكانة الجزائر كطرف فاعل وموثوق في ترقية الشراكات الإفريقية–الدولية والدفاع عن قضايا القارة في المحافل الإقليمية والدولية.













0 تعليق