أكره بيدق الشطرنج لا لفقره ولا لضعفه ولكن لغبائه.. لاندفاعه.. لحقده.. للمأساة التي يصنعها لنفسه ولغيره.
بيدق الشطرنج لا يدرك أن اللعبة والمتعة والإثارة وحتى فرصته الضئيلة للحياة.. تظل موجودة ما دام الملك موجودًا.
هذه قواعد، وإنْ كنتُ تراها ظالمة، نحن لم نخترعها ولم نخترع الحياة.. من حقك ألا تحبها لكن هذه قواعد اللعبة منذ أن تم اختراعها.. نجاتك الوحيدة أن تصبح يومًا "ملك".. وهذا أشبه بمستحيل لأنه يحتاج إلى ذكاء.. والبيادق أغبياء.
هل فهم البيدق ذلك؟.. لا.
هل فهم لماذا "مسموح" له فقط أن ينحرف إلى اليمين لأنه على أقل تقدير سيكون في المنتصف.. أما الحركة إلى اليسار من اليسار سيصبح خارج الإطار؟ّ!.
ما علينا!..
ففي كل شئ نحن نعاني حماسة البيادق الزائفة.. نعاني من اندفاعهم.. من غبائهم.. من إصرارهم على الغباء.. من قتلهم الفرصة تلو الأخرى.. من خداع المرآة لهم.. من تضامنهم الخادع وجمعهم الذي لا يزن.. لا أعرف لماذا لا تفهم البيادق أنه حتى في حالة نجاة أحدهم.. أحد أهم قواعد اللعبة أن يتم استبداله؟.
الأكثر غرابة أنه برغم نهايات الأدوار المعروفة في كل مرة مع انتهاء اللعبة.. كل مرة تجري البيادق لتتراص في "دور جديد" ولديها أمل لا أعرف من أين أكتسبته!.
هنا لا مجال للخيال.. هنا تجارب سابقة وخطوات محسومة.. أنا لستُ ضد التمني والخيال والحلم.. لكن خيال دون لجام من عقل يتحول إلى "خبال".. تمني دون إدراك لواقع "بله".. حلم دون إمكانيات "عته".
لحظة صدق واحدة يحتاجها البيدق ليعيش سالمًا أو يشارك في اللعبة على قدر قوته.. لو أدرك أن قوته تكمن في معرفة إمكانياته لتفاوض بحكمة وتجنب الصدام.
قلت مرة لبيدق ولم ينتبه: "في حياتك، هل رأيت زبونًا يستقل سيارة رغم أنف مالكها؟!"..سكت ولم يجب.. ورد عامل "الكرتة" كلها ماشية بالحب يا أسطى".
يا أيها البيادق..
لحظة النصر لا تكن لمن لا عقل له.. لا تكون لطامح طامع دون عقل ولا حيلة ولا إمكانيات.. لحظة النصر لمن عرف قدره وقدرته.
لحظة النصر لمن أدرك أنها لعبة والكل فيها يموت.. يمكن استبدال قطعة بأخرى إلا الملك.. وحده لا يمكن استبداله.. فاللعبة تبقى قائمة مادام الملك موجودًا.
نجاتك أن تصبح يوما من الملوك..أما أن تكون بيدقًا وغبيًا فهذه قمة المأساة لأنك ستظل ترى في المرآة ما لا يراه غيرك.
هوامش
* البيدق ليس الضعيف بل الجاهل بحدوده.
* المأساة لا تصنعها القواعد، بل الجهل بها.
* ليس كل من مات مظلومًا.. بعضهم مات لأنه أصرّ أن يلعب دورًا لا يفهمه.














0 تعليق