انضمت إيطاليا رسميًا إلى فرنسا في المطالبة بإرجاء توقيع اتفاق ميركوسور للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبي ودول السوق المشتركة في أميركا الجنوبية، في خطوة تهدد بإفشال إبرام الاتفاق خلال الأيام القليلة المقبلة، وتثير استياء واضحًا لدى البرازيل.
ويضع هذا الموقف المتشدد من جانب إيطاليا وفرنسا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أمام تحدٍّ سياسي كبير، في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي للحفاظ على مصداقيته كشريك تجاري دولي.
وأعلنت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني أن توقيع اتفاق ميركوسور في الوقت الراهن سيكون «سابقًا لأوانه»، مؤكدة أن إيطاليا تطالب بضمانات كافية، لا سيما لحماية القطاع الزراعي. وأضافت ميلوني أن روما تتوقع تلبية هذه الشروط بحلول بداية العام المقبل، ما يعني عمليًا تعطيل مسار التصديق داخل الاتحاد الأوروبي. ويأتي هذا الموقف من إيطاليا ليعزز موقف فرنسا التي أبدت مرارًا معارضتها لاتفاق ميركوسور بصيغته الحالية.
وأثار هذا التطور صدمة داخل أروقة الاتحاد الأوروبي، حيث شددت المفوضية الأوروبية في الأيام الأخيرة على ضرورة توقيع اتفاق ميركوسور قبل نهاية العام، لتجنب توتر العلاقات مع البرازيل وبقية دول أميركا اللاتينية. ورغم التحفظات، أكدت المفوضية أن الأمل لا يزال قائمًا في التوصل إلى توافق سياسي، مشيرة إلى أن قادة الدول الأعضاء سيناقشون الملف خلال القمة الأوروبية المرتقبة في بروكسل.
في المقابل، عبّرت البرازيل عن غضبها من الموقفين الإيطالي والفرنسي، حيث وجّه الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا تحذيرًا مباشرًا إلى إيطاليا وفرنسا، داعيًا قيادتي البلدين إلى تحمّل مسؤولياتهما وعدم عرقلة اتفاق ميركوسور. وأكد لولا دا سيلفا أن البرازيل قدّمت تنازلات كبيرة، محذرًا من أن بلاده لن توقّع الاتفاق إذا استمر التعطيل الأوروبي.
ويكتسب موقف إيطاليا أهمية خاصة، إذ تمتلك مع فرنسا وعدد من الدول الأخرى القدرة على تشكيل أقلية معارضة داخل الاتحاد الأوروبي، ما يمنع تمرير اتفاق ميركوسور في هذه المرحلة. وفي المقابل، تضغط دول مثل ألمانيا وإسبانيا للإسراع في إقرار الاتفاق، معتبرة أنه يمثل فرصة استراتيجية لتعزيز الشراكات التجارية العالمية.
ويرى مراقبون أن الانقسام الحالي داخل الاتحاد الأوروبي حول اتفاق ميركوسور يضع العلاقات مع البرازيل أمام مرحلة دقيقة، ويكشف عن تعارض المصالح بين الدول الأوروبية، خاصة بين المدافعين عن القطاع الزراعي والداعين إلى توسيع نطاق التجارة الحرة.













0 تعليق