رغم التحديات المتزايدة في العصر الحديث.. "اللغة العربية" هوية أمة وجسر حضاري يعبر الزمان والمكان

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يحل اليوم العالمى للغة العربية فى الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، ليعيد تسليط الضوء على واحدة من أعرق لغات العالم وأكثرها ثراء وانتشار. فاللغة العربية ليست مجرد وسيلة للتخاطب، بل وعاء حضارى وثقافى حمل عبر قرون طويلة علوم وآداب وفلسفات شكلت وجدان الإنسانية.

ويأتى هذا اليوم مناسبة للتذكير بقيمة اللغة العربية، ودورها التاريخى والحالى، والتحديات التى تواجهها فى عصر العولمة والثورة الرقمية، إضافة إلى الجهود المبذولة للحفاظ عليها وتطوير استخدامها فى مختلف المجالات عليها وتطوير استخدامها فى مختلف المجالات.

اللغة العربية.. جذور تاريخية وحضور عالمى

تعد اللغة العربية من أقدم اللغات الحية فى العالم، إذ تعود جذورها إلى مئات السنين قبل الميلاد، وارتبطت ارتباطا وثيقا بتاريخ المنطقة العربية والإسلامية. ومع نزول القرآن الكريم باللغة العربية، اكتسبت العربية مكانة خاصة، وأصبحت لغة الدين والعلم والإدارة فى مساحات شاسعة من العالم. 

وخلال العصور الوسطى، لعبت العربية دورًا محوريًا فى نقل العلوم والمعارف، حيث كانت لغة الطب والفلك والرياضيات والفلسفة، وترجمت إليها ومن خلالها أعمال كبار فلاسفة اليونان والفرس، واليوم، يتحدث العربية أكثر من 400 مليون إنسان، وهى إحدى اللغات الرسمية الست فى منظمة الأمم المتحدة، ما يعكس ثقلها السياسى والثقافى على الساحة الدولية.

الأدب العربى.. مرآة المجتمع وذاكرة الأمة

من جانبه قال عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة دكتور أحمد بنوته لـ"البوابة نيوز" : فى يومها العالمى نحتفل بلغتنا العربية والتى يمثل الأدب العربى أحد أهم روافدها ووسائل تطورها واستمرارها،  فمن الشعر الجاهلى الذى وثّق حياة العرب وقيمهم، مرورًا بالأدب الأموى والعباسى الذى شهد ازدهارًا غير مسبوق، وصولًا إلى الرواية والشعر الحديث، ظل الأدب العربى معبرا صادقاً عن تحولات المجتمع وهموم الإنسان العربى، وقد أسهم كبار الأدباء فى ترسيخ مكانة العربية عالميا، وكان فوز الأديب المصرى نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب عام 1988 شاهدا على قدرة اللغة العربية على التعبير عن قضايا إنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية والثقافية،  ويأتى اليوم العالمى للغة العربية ليؤكد أهمية دعم حركة الإبداع والترجمة، باعتبارهما جسرين للتواصل مع الآخر.

 

“العربية” فى عصر التكنولوجيا والرقمنة


من جانبه قال خبير الرقمنة وأمن المعلومات دكتور مهندس إسلام غانم  لـ"البوابة نيوز" : رغم عراقتها، تواجه اللغة العربية تحديات متزايدة فى العصر الحديث، خاصة مع هيمنة اللغات الأجنبية على مجالات التكنولوجيا والبحث العلمى. فالتحول الرقمى السريع فرض واقعا جديدا يتطلب تطوير أدوات اللغة العربية لتواكب متطلبات الذكاء الاصطناعي، ومحركات البحث، والتطبيقات الذكية. وعلى الرغم من هذه التحديات، شهدت السنوات الأخيرة جهودا ملحوظة لتعزيز المحتوى العربى الرقمى، سواء من خلال المبادرات الحكومية أو مشروعات القطاع الخاص، إضافة إلى إسهامات الأفراد عبر منصات التواصل الاجتماعى. ويؤكد متخصصون أن مستقبل العربية مرتبط بقدرتها على التفاعل مع العصر، دون التفريط فى قواعدها وجمالياتها.

التعليم ودوره فى حماية اللغة العربية


فى ذات السياق يكمل عميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة دكتور أحمد بنونة لـ"البوابة نيوز" : ويظل التعليم الركيزة الأساسية للحفاظ على اللغة العربية وضمان انتقالها للأجيال القادمة. غير أن الواقع التعليمى فى كثير من الدول العربية يواجه انتقادات تتعلق بضعف مناهج اللغة العربية، واعتماد أساليب تدريس تقليدية لا تشجع على الإبداع أو التفكير النقدى.

ويرى خبراء تربويون أن الاحتفال باليوم العالمى للغة العربية يجب أن يكون دافعا لإعادة النظر فى سياسات التعليم، وتحديث المناهج، وربط اللغة بالحياة اليومية وسوق العمل. كما يشددون على أهمية تدريب المعلمين، وتشجيع الطلاب على القراءة والكتابة بلغتهم الأم، باعتبارها أساس بناء الهوية والانتماء.

اللغة العربية والهوية الثقافية


وفى سياق متصل قال رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة دكتور تامر فايز لـ"البوابة نيوز" : فى يومها العالمى فإن اللغة العربية لا تنفصل عن الهوية الثقافية للأمة العربية، فهى الوعاء الذى يحمل القيم والتقاليد والتاريخ المشترك. ومع تزايد مظاهر التغريب واستخدام اللغات الأجنبية فى الحياة اليومية، تتعالى الأصوات المحذرة من تراجع مكانة العربية فى وجدان الأجيال الجديدة. ويؤكد مثقفون أن الدفاع عن اللغة العربية لا يعنى الانغلاق أو رفض الآخر، بل يتطلب الانفتاح الواعي، القائم على الاعتزاز بالذات الثقافية والتفاعل الإيجابى مع الثقافات الأخرى. و يأتي اليوم العالمى للغة العربية ليذكّر بأهمية هذا التوازن الدقيق بين الأصالة والمعاصرة.

جهود ومبادرات لإحياء العربية


وأضاف رئيس قسم اللغة العربية بكلية الآداب جامعة القاهرة دكتور تامر فايز لـ"البوابة نيوز" : تشهد الساحة الثقافية العربية العديد من المبادرات الهادفة إلى دعم اللغة العربية، سواء من خلال الجوائز الأدبية، أو المؤتمرات اللغوية، أو حملات التوعية عبر الإعلام. كما تلعب المؤسسات الثقافية والأكاديمية دورًا مهمًا فى نشر اللغة العربية عالميًا، عبر برامج تعليمها للناطقين بغيرها. ويؤكد القائمون على هذه المبادرات أن الاحتفاء بالعربية لا يجب أن يقتصر على يوم واحد فى العام، بل يكون مسارا مستداما يشارك فيه الجميع، من مؤسسات رسمية إلى أفراد.

دورها الحضارى الذى تجاوز حدود الزمان والمكان

يمثل اليوم العالمى للغة العربية مناسبة سنوية للتأمل فى واقع اللغة ومستقبلها، واستدعاء دورها الحضارى الذى تجاوز حدود الزمان والمكان. فالعربية ليست لغة الماضى فقط، بل لغة قادرة على مواكبة الحاضر وصناعة المستقبل، إذا ما توفرت الإرادة والوعى بأهميتها. 

وبين تحديات العصر وفرصه، تبقى اللغة العربية مسؤولية مشتركة، وحمايتها واجب ثقافى وحضارى، يضمن للأمة الحفاظ على هويتها، والمساهمة الفاعلة فى مسيرة الإنسانية.

أخبار ذات صلة

0 تعليق