‏بين النزوح والجوع.. جنوب السودان يواجه أسوأ أزمة منذ الاستقلال

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يشهد جنوب السودان أزمة إنسانية متفاقمة مع تراجع غير مسبوق في التمويل الدولي، ما دفع ملايين السكان إلى حافة الجوع والمرض. فمع استمرار النزوح الواسع وتراجع المساعدات إلى أدنى مستوياتها منذ تأسيس الدولة، تجد المنظمات الإنسانية نفسها أمام فجوة تمويلية حادة تهدد بوقف خدمات حيوية يعتمد عليها ملايين الأشخاص للبقاء.

حذرت منظمة أوكسفام في تقرير لها اليوم من أن ما يقرب من 6 ملايين شخص، أي نحو نصف سكان جنوب السودان، يعيشون في حالة من الجوع الحاد، مع افتقارهم للمياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي، نتيجة خفض التمويل الإنساني في وقت تتصاعد فيه الاحتياجات بصورة غير مسبوقة.

وأوضحت المنظمة أن المانحين قدموا في عام 2025 أقل مستوى تمويل منذ تأسيس الدولة في عام 2011.

وأشار التقرير إلى أن تقليص المساعدات بشكل كبير ترافق مع ارتفاع حاد في أعداد المحتاجين للدعم، إذ نزح أكثر من مليوني شخص داخل البلاد بسبب الفيضانات الواسعة، في حين لجأ أكثر من مليون شخص آخرين بعد فرارهم من الحرب في السودان المجاور.

ويظهر التقرير أن عام 2025 سجل أدنى مستوى للتمويل المقدم لجنوب السودان منذ الاستقلال، إذ لم يمول سوى أقل من 41% من خطة الاستجابة الإنسانية البالغة 1.7 مليار دولار، رغم بقاء شهر واحد فقط على نهاية العام.

وفي مدينة رينك، إحدى أكثر المناطق اكتظاظا وضعفا، حيث يصل ما يصل إلى ألف شخص يوميا إلى مراكز العبور، تضطر أوكسفام إلى خفض عملياتها بنسبة 70% خلال الشهر المقبل. وتحذر المنظمة من أنها قد توقف عملها بالكامل هناك بحلول فبراير ما لم يتوفر تمويل جديد.

وقالت شبنم بلوش، المديرة القطرية لأوكسفام في جنوب السودان، إن خفض المساعدات "كارثي" بالنسبة لملايين الأشخاص الذين يعانون من الجوع الشديد والمرض، مؤكدة أن المنظمة تواجه احتمال تقليص استجابتها الإنسانية بشكل حاد، وقد تضطر للإغلاق الكامل في رينك خلال أقل من ثلاثة أشهر.

وأكدت أن العالم يبدو وكأنه "يدير ظهره" للفئات الأكثر احتياجا في لحظة حرجة تهدد حياتهم.

ويكشف التقرير أن آلاف الفارين من الصراع والجوع في السودان يعيشون في رينك الحدودية وسط أزمات صحية متفاقمة، حيث لا يتوفر سوى صنبور مياه نظيف واحد لكل 433 شخصا في أحد مراكز العبور، وهو نصف الحد الأدنى للمعايير الإنسانية.

حالات الكوليرا

كما تستمر التقارير الطبية في رصد حالات جديدة من الكوليرا والإسهال المائي الحاد والتهاب الكبد الوبائي E، في ظل إغلاق أو تعطل 450 منشأة صحية، بما يعادل 35%.

وأظهر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) أن نحو 6 ملايين شخص يعانون من جوع حاد، بينهم 1.3 مليون يعانون من سوء تغذية حاد مصحوب بارتفاع معدلات الوفيات، متوقعا ارتفاع العدد إلى 7.5 مليون شخص بحلول أبريل المقبل.

وتحذر أوكسفام من أن غياب الدعم قد يدفع أعدادا أكبر نحو مستويات كارثية من الجوع.

ونقل التقرير شهادة ماريا، إحدى العائدات من السودان، التي قالت إن المنظمات العاملة تقلصت مقارنة بالسنوات السابقة، وإن سوء الصرف الصحي وتعطل صنابير المياه يضاعفان معاناة الأسر التي بدأت تخفض استهلاكها من المياه خوفا من انعدامها. وأضافت: "الماء هو الحياة".

كما عبرت أوكسفام عن قلقها من أن التخفيضات الضخمة في المساعدات ستؤدي إلى زيادة الهشاشة والمخاطر التي تواجه النساء والفتيات، إذ قد تجبر الأسر على تبني آليات تكيف ضارة، من بينها زواج الأطفال أو إرسال النساء والفتيات إلى مناطق غير آمنة بحثا عن الموارد، مما يزيد مخاطر العنف الجنسي والاستغلال.

واختتمت بلوش بالتأكيد على ضرورة ألا ينسى المانحون الأزمة في السودان وانعكاساتها على جنوب السودان، محذرة من أن ملايين الأشخاص قد يواجهون الجوع أو انتشار الأمراض سريعا إذا لم يستعد شريان الحياة الإنساني بشكل عاجل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق