"اتصال مألوف وليس حقيقيًا".. الوجه المتحول للهجمات الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

لم يعد من الغريب أن يتلقى أحدنا اتصالًا بصوتٍ يعرفه جيدًا: نبرة الأم، أو لهجة المدير، أو طريقة حديث شريك الحياة، الصوت نفسه، بجميع تفاصيله الدقيقة، يطالب بتنفيذ أمر عاجل تحويل مبلغ، مشاركة كلمة مرور، أو فتح رابط ما، ومع سرعة الموقف وضغط اللحظة، يبدو الطلب منطقيًا، قبل أن يتبين لاحقًا أن الصوت لم يأتِ من الشخص الحقيقي، بل من خوارزمية متقنة أعادت إنتاجه بشكل يكاد يطابق الأصل.

هذه ليست حبكة فيلم تشويق، إنها واحدة من ملامح الموجة الجديدة للهجمات الإلكترونية التي تُستخدم فيها تقنيات الذكاء الاصطناعي لرفع مستوى الخداع إلى حدود غير مسبوقة.

 

من أداة ابتكار… إلى منصة للاحتيال

لوقت طويل، كان المتخصصون في أمن المعلومات قادرين على كشف رسائل الاحتيال بلمحة واحدة أخطاء لغوية، صياغات ساذجة، روابط غير مألوفة. لكن دخول الذكاء الاصطناعي التوليدي على خط الجرائم الإلكترونية بدل المعادلة بالكامل.

أصبح المهاجم قادرًا على صياغة رسائل تتسم بالدقة والإقناع، وكتابة شفرات خبيثة دون حاجة لخبرة تقنية كبيرة، ما جعل عملية الخداع أكثر صقلًا، وأصعب بكثير على الضحية أن تشك فيها. وهكذا ظهر سباق واضح بين قدرات الدفاع الرقمي والتقنيات التي يجري توظيفها للهجوم.

 

تحولات جذرية في أساليب الجريمة الرقمية
 

• تصيد مصمّم خصيصًا لكل ضحية:
بدلاً من الرسائل العامة التي تبدأ بـ “عزيزي المستخدم”، باتت عمليات الاحتيال تُبنى على دراسة دقيقة للغة الشخص وطريقته في الكتابة وسلوكياته على المنصات الرقمية. رسائل تبدو وكأنها صادرة من جهة يعرفها المستخدم جيدًا، أو حتى من أحد معارفه، ما يرفع نسب النجاح بشكل كبير.
• تطوير برمجيات الفدية بطريقة أكثر سهولة وانتشارًا:
يعتمد بعض المخترقين اليوم على أدوات ذكاء اصطناعي متقدمة لكتابة شفرات الفدية، لدرجة سمحت بظهور نموذج “الفدية كخدمة”. أي أن المهاجم لم يعد بحاجة ليكون مبرمجًا؛ يكفي أن يستأجر الأدوات الجاهزة مقابل نسبة مما يتم ابتزازه من الضحايا.
• أتمتة التسلل واكتشاف الثغرات:
بعض المجموعات الإجرامية باتت تستغل الذكاء الاصطناعي في تنفيذ اختراقات متواصلة دون تدخل بشري، عبر برمجيات قادرة على البحث عن نقاط الضعف والتحرك بسرعة واتخاذ قرارات هجومية دقيقة.

هذا التطور السريع خلق واقعًا أمنيًا جديدًا يفرض على المؤسسات والأفراد إعادة النظر في أدوات حمايتهم، بعد أن أصبحت الهجمات تعتمد على ذكاءٍ لا ينام.

 

كيف نحمي أنفسنا من هذا المستوى من الخداع؟

ورغم الصورة المعقدة، لا تزال مساحة الدفاع قائمة. فالتقنيات نفسها التي تُستخدم في الهجوم يمكن أن تُوظف لرصد التلاعب في الأصوات، وتحليل السلوك الرقمي، واعتماد وسائل تحقق أكثر صرامة.
ومع ذلك، تبقى الحقيقة الأهم: العامل البشري هو الحلقة الأكثر عرضة للخطأ. فمعظم الاختراقات تنجح لأن أحدهم صدّق معلومة أو نفّذ طلبًا دون تدقيق كافٍ.

ولذلك، فإن الوعي، والحذر، والتأكد من هوية المتصل أو مرسل الرسالة even لو كان الصوت مألوفًا لم يعد ترفًا، بل ضرورة لحماية الذات في عالم أصبح فيه الذكاء الاصطناعي قادرًا على تقمّص من نعرفهم بدقة مدهشة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق