خبراء يضعون رؤية متكاملة للعلاقة بين الفن والإبداع والتنمية المستدامة

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في عصر تتسارع فيه التحولات الثقافية بفعل العولمة والوسائط الرقمية، باتت الحاجة إلى استثمار الإرث الحضاري والموروث الفني أكثر إلحاحًا، ليس فقط كرموز تاريخية، بل كقوة قادرة على إعادة صياغة الحاضر وإثراء المستقبل. 

وفي هذا الإطار، مؤتمر الصناعات الثقافية والإبداعية، الذي تنظمة الهيئة العامة لقصور الثقافة، بمدينة العريش، ثلاث مداخلات تأسيسية تحمل رؤية متكاملة للعلاقة بين الفن والإبداع والتنمية المستدامة، ذلك خلال جلسة مفاهيم الصناعات الثقافية والإبداعية فقد قدّم الدكتور أمجد عبد السلام بحثًا معمقًا حول الصياغات التصميمية المعاصرة، مستلهمًا من الحضارة المصرية القديمة، لتوضيح كيفية تحويل النظرية إلى تطبيق حي قادر على مواجهة تحديات العولمة الثقافية، بينما ركّز الدكتور خالد البغدادي على الاقتصاد الكامن وراء الفنون التشكيلية، مؤكدًا أن المنظومة الفنية والتعليمية المصرية تمثل رأس مال ثقافي واقتصادي ضخمًا لم يُستثمر بعد. وفي المداخلة الثالثة، قدمت الدكتورة سوزان زكريا رؤية تربوية نفسية، موضحة أن الصناعات الإبداعية أداة استراتيجية لتنمية الذاكرة الثقافية للطفل منذ مرحلة ما قبل المدرسة، ما يشكل استثمارًا حقيقيًا في بناء شخصية المستقبل وربطها بالهوية الوطنية.

 قوة الحضارة المصرية القديمة في صياغة التصميم المعاصر

 

قدم الدكتور محمد امجد عبد السلام خلال اعمال مؤتمر الصناعات الثقافية مداخلة بحثية موسعة تناولت العلاقة المتبادلة بين النظرية والتطبيق في مواجهة العولمة الثقافية، مستشهدا بالنماذج المستلهمة من الحضارة المصرية القديمة واساليب توظيفها داخل التصميم المعاصر.
واوضح الدكتور امجد ان النظرية لا تتحقق قيمتها الا عندما تمتزج بالكيان الفني الكامل لتتحول الى تطبيق حي قادر على انتاج عناصر جديدة من رحم الخبرات التراكمية، مؤكدا ان التراث لا يعني استدعاء قيم قديمة، بل يمثل طاقة ابتكار قابلة للتطوير واعادة الصياغة.
وطرح الباحث تساؤلا محوريا حول مدى ارتباط الصياغات التصميمية الحديثة باصولها النظرية، وتأثير ذلك على المنتج الفني في سياق تحديات العولمة الثقافية. وافترضت الورقة البحثية امكانية بناء توافق جديد بين النظرية والممارسة في مجال الصياغات التصميمية، بما يخلق هوية تشكيلية معاصرة تستفيد من النماذج القديمة وتعيد توظيفها.
 

المتحف المصري الكبير 

واعتمد الباحث المتحف المصري الكبير نموذجا تطبيقيّا، موضحا كيف تم استلهام عناصر من الحضارة المصرية القديمة في صياغة تصميم المتحف واساليب العرض، بدءا من التكوين الهندسي المستمد من الشكل الهرمي، وصولا الى طرق التسويق البصري للقطع الاثرية وتقديمها للعالم بروح معاصرة.
واستعرضت المداخلة عددا من الموتيفات التشكيلية المستقاة من الفن المصري القديم، مثل العناصر الادمية والحيوانية والنباتية وحركات الصيد والمعتقدات المرتبطة بالالهة، حيث أظهر البحث كيف اعاد الفنان المصري القديم توزيع العناصر وفق أساليب هندسية دقيقة، تقوم على التماثل، والتسطيح، والشفافية، وتكرار الوحدات.
وشدد الدكتور أمجد على أن توظيف هذا الموروث في اطار تصميمي معاصر يمثل مواجهة جمالية وفكرية للعولمة الثقافية، لانه يجسد شخصية حضارية اصيلة يمكن تقديمها للعالم كصناعة ثقافية لها مردود اقتصادي وفني، قائلا ان الفن المصري القديم يظل خزان طاقة ابداعية قادرة على دعم الصناعات الثقافية الحالية.
مختتما كلمته  بالتأكيد على ان دمج الفلسفات التصميمية المستمدة من الحضارة المصرية القديمة في المنتج الفني المعاصر يخلق بعدا ثقافيا جديدا، ويعزز فرص الاستثمار في الصناعات الابداعية، بما يضع مصر في موقع متقدم على خريطة الفنون العالمية.


خالد البغدادي: الفنون التشكيلية كنز مصري قادر على توليد عوائد تفوق البترول

أكد الدكتور خالد البغدادي، الخبير في اقتصاديات الإبداع والناقد المتخصص في تاريخ الفن، أن مصر تمتلك رصيدا فريدا من الفنون التشكيلية يجعلها في مصاف الدول العظمى في هذا المجال. 

 مشيرا إلى أن هذا الإرث الثري لم يُستثمر بعد بالصورة التي تليق بقيمته التاريخية والفنية.

 كما قدم رؤية شاملة تربط بين الإبداع والتنمية، مستندا إلى خبرة تمتد لثلاثة عقود في متابعة هذا الملف.
وأوضح البغدادي أن الفن، في جوهره، قوة قادرة على تغيير الواقع وتجميل الحياة، مؤكدا أن الاستثمار في الفنون ليس ترفا، بل أداة اقتصادية واجتماعية وثقافية فعالة، قائلا: "الفن هو الحل؛ يستطيع أن يعالج الأزمات الاجتماعية، والثقافية، بل والاقتصادية أيضا".
 

ريادة مصر في تدريس الفنون

 

وأشار إلى أن مصر، بحكم التاريخ، تعد دولة رائدة في تدريس الفنون وتأسيس مؤسساتها؛ فكلية الفنون الجميلة أنشئت عام 1908، وسبقها تأسيس الفنون التطبيقية في القرن التاسع عشر، وهو ما منح مصر منظومة متكاملة نادرا ما تتوافر حتى في الدول المتقدمة. وأضاف أن هذه المنظومة تضم كليات الفنون الجميلة، والفنون التطبيقية، والتربية الفنية، والمتاحف، وقاعات العرض، والمؤسسات الثقافية، ما يجعل البيئة الإبداعية المصرية متماسكة وثرية.
وأكد البغدادي أن الفنون التشكيلية المصرية "كنز لم يُكتشف بعد"، منوها بأن الإنتاج الفني المصري يتميز بالجودة الرفيعة، وأن السوق اليوم يشهد توسعا ملحوظا يعكس حركة اقتصادية حقيقية؛ فالمعارض تُفتتح يوميا، والأعمال الفنية تباع بأرقام كبيرة، مدللا بلوحة الفنان محمود سعيد التي بيعت بما يعادل أكثر من مئة مليون جنيه.

المخزون الإبداعي 


وتوقف عند الإشكالية الجوهرية التي تعوق تحول هذا المخزون الإبداعي إلى قيمة اقتصادية ضخمة، موضحا أن "المنتج موجود بالفعل، لكن تنقصه منظومة تسويق احترافية".

المستنسخات الفنية 

 وطرح البغدادي مبادرة واضحة تتمثل في إنتاج مستنسخات عالية الجودة للأعمال الفنية المصرية، تكون معتمدة ومختومة من الجهات الثقافية الرسمية، على غرار ما يحدث في المتاحف العالمية. وأكد أن وجود هذه المنتجات في المطارات والقرى السياحية والفنادق سيخلق سوقا ضخمة قادرة على ضخ مليارات الجنيهات سنويا.
مؤكدا على أن مصر تستقبل نحو خمسة عشر مليون سائح سنويا، ولو دخل واحد فقط من كل خمسة عشر إلى منافذ بيع المستنسخات، لبلغ عدد المشترين مليون سائح. وإذا اشترى كل فرد منهم منتجات فنية بقيمة ألف دولار في المتوسط، فسيسهم ذلك في ضخ نحو خمسين مليار جنيه في الاقتصاد المصري. 

وأوضح: "هذا دخل أكبر من بعض موارد الدولة التقليدية، ولا يتطلب إنفاقا، لأن المنتج موجود بالفعل في مخازن المتاحف وقاعات العرض".

 

الدور المركزي لقصور الثقافة 


وأشاد البغدادي بالاختيار الواعي لمحاور المؤتمر، وبالدور المركزي الذي تلعبه هيئة قصور الثقافة في المحافظات، مؤكدا أنها "العمود الفقري لوزارة الثقافة"، لما لها من انتشار حقيقي في كل المدن والقرى المصرية. كما نوّه بأهمية إقامة فعاليات ثقافية في سيناء، باعتبارها أرضا ذات قيمة روحية وتاريخية استثنائية، قائلا: "نحن نتحرك على أرض مقدسة، أرض تجلى فيها الرب".
واختتم البغدادي مداخلته بالتأكيد على ضرورة الانتباه إلى هذا الملف الحيوي، قائلا: "لدينا كنز حقيقي؛ إذا أحسنّا إدارته وتسويقه، سنحقق نهضة ثقافية واقتصادية كبيرة. فلنقم بدورنا، لعل من بيده القرار ينتبه بدوره".
 

 الدكتورة سوزان: الصناعات الإبداعية أداة استراتيجية لتنمية ذاكرة الطفل الثقافية

 

أكدت الدكتورة سوزان، خلال مداخلتها في المؤتمر الدولي حول الصناعات الثقافية والإبداعية، أن مرحلة ما قبل المدرسة تمثل "الفترة الحرجة في نمو الطفل، حيث تتشكل بنى الهوية والقيم الثقافية والاجتماعية وتتبلور الذاكرة الثقافية بما يتصل بالموروث الشعبي للبيئة التي يعيش فيها الطفل".
وأشارت إلى أن الأطفال في المحافظات الحدودية مثل شمال سيناء ومطروح يواجهون مخاطر التهميش الثقافي بسبب العولمة والوسائط الرقمية، ما يجعل تعزيز الذاكرة الثقافية أمرًا ضروريًا منذ السنوات الأولى للحياة. وأكدت أن الصناعات الإبداعية، بما فيها الفنون الشعبية والحرف اليدوية والمسرح والألعاب التراثية والأدب المصور، "ليست مجرد نشاطات فنية أو ثقافية، بل أدوات نفسية تربوية تغذي الخيال وتنمي القدرات المعرفية والاجتماعية للطفل، وتعزز ارتباطه بثقافته ومحليته".

الصناعات الابداعية وتنمية الذاكرة الثقافية للطفل


وأظهرت نتائج الدراسة التي أجرتها أن الأطفال المشاركين في أنشطة ثقافية متكاملة أبدوا قدرة أكبر على استدعاء الرموز المحلية والتحدث عنها بفخر، ما يعكس أهمية إدماج هذه الأنشطة في المناهج التعليمية. ولفتت إلى أن "الذاكرة الثقافية ليست مجرد تذكر فردي، بل هي عملية اجتماعية تنقل عبر الوسائط الثقافية كاللغة والفنون والحكايات الشعبية، وترسخ شعور الطفل بالانتماء لمجتمعه".
ودعت الدكتورة سوزان إلى تطوير موارد تعليمية تجمع بين السرد القصصي والنشاط اليدوي والغناء المحلي، وإلى برامج تدريبية للمعلمات حول كيفية تحويل المواد التراثية إلى أنشطة صفية ملهمة، بالإضافة إلى إشراك الأسرة في نقل التراث داخل البيت، لضمان تنمية ثقافية واجتماعية مستدامة للأطفال.
كما أشارت إلى أهمية التسويق الثقافي والحفاظ على الهوية الوطنية، معتبرة أن الصناعات الإبداعية "تمثل قضية أمن قومي للأطفال، فهم شباب المستقبل الذين سيحملون تراث مصر وثقافتها". وأكدت على ضرورة تفعيل المبادرات المحلية لتعزيز وصول التراث الثقافي إلى كل الأطفال، خصوصًا في المحافظات الحدودية، وربطهم بموروثهم الشعبي بطريقة تفاعلية وحسية تناسب أعمارهم.
ممكن تعمل مقدمه حلوة وتراعي الهمزات

7a9929d5df.jpg
fbc7ad64e1.jpg
eda7ab9b0b.jpg
5b72586b07.jpg
4699dca3c5.jpg
74201e1c70.jpg
c27e2ddcde.jpg
be13db614f.jpg
e51f35c787.jpg
IMG-20251124-WA0100
IMG-20251124-WA0100
IMG-20251124-WA0099
IMG-20251124-WA0099
IMG-20251124-WA0101
IMG-20251124-WA0101
IMG-20251124-WA0098
IMG-20251124-WA0098
IMG-20251124-WA0096
IMG-20251124-WA0096
IMG-20251124-WA0097
IMG-20251124-WA0097
IMG-20251124-WA0095
IMG-20251124-WA0095
IMG-20251124-WA0094
IMG-20251124-WA0094
IMG-20251124-WA0092
IMG-20251124-WA0092
IMG-20251124-WA0093
IMG-20251124-WA0093
IMG-20251124-WA0090
IMG-20251124-WA0090
IMG-20251124-WA0091
IMG-20251124-WA0091
IMG-20251124-WA0088
IMG-20251124-WA0088
IMG-20251124-WA0089
IMG-20251124-WA0089
IMG-20251124-WA0079
IMG-20251124-WA0079
IMG-20251124-WA0084
IMG-20251124-WA0084
IMG-20251124-WA0086
IMG-20251124-WA0086
IMG-20251124-WA0080
IMG-20251124-WA0080
IMG-20251124-WA0083
IMG-20251124-WA0083
IMG-20251124-WA0087
IMG-20251124-WA0087
IMG-20251124-WA0081
IMG-20251124-WA0081
IMG-20251124-WA0085
IMG-20251124-WA0085
IMG-20251124-WA0082
IMG-20251124-WA0082
IMG-20251124-WA0078
IMG-20251124-WA0078
IMG-20251124-WA0077
IMG-20251124-WA0077
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق