بوركينا فاسو في قبضة التطرف.. أزمة تضرب قلب الساحل

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في أقل من عقد واحد، انقلب المشهد الأمني في بوركينا فاسو رأسًا على عقب. الدولة التي كانت تُصنَّف، حتى وقت قريب، ضمن أكثر بلدان الساحل استقرارًا نسبيًا، تحولت اليوم إلى واحدة من أخطر بؤر العنف والتطرف في إفريقيا. ومنذ سقوط الرئيس بليز كومباوري عام 2014–2015، دخلت البلاد في دوامة أمنية حادة، تزامنت مع تمدد الجماعات الإرهابية وتراجع قدرة الدولة على السيطرة على مساحات واسعة من أراضيها.

لم تعد الهجمات مقتصرة على الشمال المتاخم لمالي، بل امتدت نحو الوسط والشرق، وخلّفت وراءها أزمة إنسانية وسياسية واقتصادية غير مسبوقة

خريطة الجماعات المتطرفة ومناطق نفوذها

تتنافس عدة تنظيمات مسلحة على النفوذ داخل بوركينا فاسو، أبرزها: جماعة نصرة الإسلام والمسلمين

الفرع الأبرز لتنظيم القاعدة في الساحل، وتضم مجموعة من الحركات الجهادية التي تنفذ عمليات نوعية ضد قوات الأمن ومؤسسات الدولة. تعتمد أسلوب “الاختراق والكمائن” وتستفيد من حدود مالي كقاعدة خلفية لوجستية

تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء الكبرى

يتمركز على المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. يعرف بشراسته وتكتيكاته المباشرة، ويخوض صراع نفوذ دمويًا مع القاعدة في العديد من المناطق

جماعة أنصار الإسلام

أول تنظيم مسلح محلي النشأة في بوركينا فاسو، ويُعد المسؤول عن إدخال الفكر الجهادي إلى بيئة  بوركينا فاسو خالصة، قبل أن يتوسع ويتحالف مع شبكات إقليمية

هذه الجماعات لم تعد تعتمد فقط على المقاتلين القادمين من مالي، بل استطاعت تجنيد آلاف البوركينايين، مستغلة هشاشة الدولة وانتشار الفقر والصراعات المحلية

الأسباب العميقة… لماذا انفجرت الأزمة؟ الأزمة لم تهبط على بوركينا فاسو فجأة، بل هي نتيجة تراكمات طويلة

فراغ سياسي بعد سقوط كومباوري

أدى انهيار النظام السياسي إلى إضعاف الأجهزة الأمنية وفقدان الدولة السيطرة على الأطراف الحدودية، ما فتح الباب أمام تسلل الجماعات المسلحة وتوسعها

 

الفقر والتهميش واحدة من أفقر دول العالم:بطالة مرتفعة

استغلت الجماعات هذه البيئة لتقديم “بديل” اقتصادي واجتماعي، ولجذب الشباب الغاضب من تجاهل الحكومة المركزية.

 

الصراعات الإثنية

يُتهم بعض أفراد إثنية الفولاني بالانضمام للجماعات المسلحة، ما أدى لتصاعد عنف انتقامي بين المزارعين والرعاة، وظهور مليشيات محلية تغذي دائرة الدم.

ثمن باهظ… كوارث إنسانية واجتماعية تتفاقم

تعيش بوركينا فاسو اليوم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا

نزوح جماعي واسع

  • مئات الآلاف تركوا قراهم هربًا من العنف. مدن كاملة تحولت إلى مدن أشباح، والمدارس والمراكز الصحية أُغلقت بفعل التهديدات أو الهجمات
  • قتلى وخسائر اقتصادية خانقة
  • آلاف المدنيين والعسكريين قضوا في الهجمات
  • انهيار الأسواق والزراعة
  • توقف الحركة التجارية والسياحية
  • انتشار المجاعة في مناطق متعددة
  • تغير في أنماط التطرف… تأنيث الجماعات المسلحة

 

تتحدث تقارير دولية عن إدخال النساء في العمل المسلح، سواء كمنفذات أو مجندات أو داعمات لوجستيات، ما يعكس تحولًا خطيرًا في بنية الجماعات المتطرفة وفي آثارها على المجتمع

معركة لا تحسم بالسلاح وحده

تعيش بوركينا فاسو أزمة متشابكة الأبعاد، لا يكفي الحل الأمني وحده لكسرها. فالتطرف هنا ليس وافدًا فحسب، بل نتاج تراكمات فقر وتهميش وصراع إثني وانهيار سياسي

تأنيث الجماعات المسلحة في بوركينا فاسو… الوجه الخفي لأزمة الساحل

بينما ينصب الاهتمام الدولي على توسع القاعدة وداعش داخل بوركينا فاسو، برزت ظاهرة أكثر تعقيدا وعمقا: تزايد انخراط النساء في الجماعات المسلحة، سواء عبر التجنيد القسري أو الطوعي، أو من خلال أدوار لوجستية واستخباراتية متنامية

هذه الظاهرة تعكس تحول  استراتيجي في طريقة إدارة التنظيمات لنفوذها داخل المجتمعات الريفية، وتكشف انهيار الحواجز الاجتماعية التي كانت تمنع مشاركة النساء في العنف المسلح

لماذا ظهرت الآن؟

انهيار المجتمع التقليدي والتطرف تمدد بسرعة في المناطق التي تعاني من الفقر المدقع وغياب الخدمات وتراجع دول الدولة 

سمح للجماعات بأن تصبح "السلطة الوحيدة" في القرى المعزولة، ومعها تقلصت مقاومة المجتمع لمشاركة النساء في أعمال عنيفة

نزوح الرجال وتزايد أعداد الأرامل

مئات الآلاف من الرجال قتلوا وهجروا، ما خلق أسر بلا عائل

نساء بلا مصادر دخل

هذا الفراغ الاجتماعي والاقتصادي منح الجماعات فرصة لاستقطاب النساء عبر المال أو "الحماية"

استراتيجية مقصودة من التنظيمات

كل من جماعة نصرة الإسلام والمسلمين (القاعدة) وتنظيم الدولة (داعش) أدركا أن إشراك النساء يزيد القدرة على التغلغل داخل المجتمعات ويخلق طبقة جديدة من الداعمين

  • يعزز العمل الاستخباراتي يصعب على الدولة كشف التحركات
  • أشكال مشاركة النساء داخل الجماعات المسلحة
  • التجنيد القسري  حيث تؤكد منظمات حقوقية أن مئات النساء اختطفن أو أُجبرن على الزواج من مقاتلين خدمة الجماعة في المعسكرات
  • العمل كطاهيات أو ناقلات مؤن وتربية الأطفال على الفكر المتطرف

المشاركة الطوعية بدافع النجاة وبعض النساء انضممن طوعًا، نتيجة:

  • الحاجة المادية وفقدان الأسرة
  • البحث عن حماية في مناطق الخطوط الأمامية
  • الاقتناع الأيديولوجي بعد سنوات من العيش تحت حكم الجماعات
  • أدوار تنفيذية مباشرة وفي تطور غير مسبوق في الساحل:
  • هناك حالات لنساء حملن السلاح خلال هجمات على قرى معزولة

وأيضا مشاركة نساء في الكمائن الليلية استخدام النساء كـ"مراصد" لرصد تحركات الجيش تنفيذ بعض العمليات الانتحارية النادرة التجسس وجمع المعلومات النساء يتحركن بحرية أكبر داخل الأسواق والقرى، ما يجعلهن مصادر مثالية للمعلومات أدوات تجنيد محلي

وسيلة لنقل الرسائل والأسلحة لماذا تتسابق الجماعات على "تأنيث" صفوفها؟

  • صعوبة كشف النساء أمنيا
  • الجيش البوركينابي يعاني من نقص الموارد والقدرات الاستخباراتية
  • المرأة تستطيع عبور الحواجز دخول الأسواق ولتواصل مع السكان
  • بسهولة أكبر من الرجال تثبيت السيطرة الاجتماعية
  • التنظيمات تعي أن السيطرة على النساء تعني السيطرة على
  • الأطفال العائلة النسيج العائلي
  • لذلك تستخدم النساء لنشر الفكر المتطرف داخل البيت
  • الاستفادة من "الصورة الناعمة"
  • تستخدم الجماعات النساء لإظهار نفسها كحركات "تحمي الفقراء والأرامل"، رغم أنها في الواقع مصدر الخطر الأساسي

أطفال على خط النار

أطفال النساء المجندات غالبا يتم تجنيدهم مبكرا، ليصبحوا جيلا جديدا من مقاتلي التنظيمات

ظاهرة “تأنيث الجماعات المسلحة” ليست تفصيلاً جانبيًا في أزمة بوركينا فاسو،  مؤشر على مدى انهيار البنية الاجتماعية، وتحوّل النساء – بقهر أو اختيار – إلى أدوات مركزية في بناء سلطة الجماعات المتطرفة

إنها ظاهرة مركبة، تجمع بين الإكراه والفقر والفراغ الأمني، وتُعد أحد أخطر التحولات في مسار الصراع داخل الساحل الإفريقي

يقول الخبير في الشؤون الإفريقية الدكتور حامد المسلمي إن الظاهرة تتجاوز مجرد مشاركة فردية

 تجنيد النساء في الجماعات المسلحة بالساحل لم يعد مجرد استثناء… نحن أمام تحول استراتيجي يغير بنية التنظيمات ويجعلها أكثر قدرة على التمدد داخل المجتمعات المحلية. ويضيف أن الجماعات باتت تدرك القدرة المجتمعية التي تملكها النساء:

النساء يمتلكن قدرة أكبر على الحركة، والوصول للمعلومات، واختراق البيئات الريفية… ولهذا أصبح الاعتماد عليهن جزءا من خطط العمليات وليس دورا مساعدا

تعاني المناطق الشمالية والشرقية في بوركينا فاسو من انهيار مؤسسات الدولة، ما خلق فراغا أمنيا واجتماعيا. 

هذا الفراغ استغلته الجماعات المسلحة لتوسيع نفوذها  ويعلق الدكتور المسلم تأنيث التنظيمات المسلحة يزيد من معدلات تجنيد القاصرات ويُعمّق انهيار الثقة بين السكان والدولة… وهذه نتيجة شديدة الخطورة على الأمن الإقليمي

ويرى د. المسلمي أن الخطر لا يتوقف عند حدود بوركينا فاسو:

إذا لم تُواجه الظاهرة بخطط مجتمعية حقيقية، سنرى نفس النموذج ينتقل إلى مالي والنيجر وشمال بنين… الظروف هناك مهيأة تماما للتكرار

الحلول الأمنية لم تعد كافية في مواجهة جماعات تتغلغل في النسيج الاجتماعي. ويشدد المسلمي على تمكين المرأة اقتصاديا وتعليميا في مناطق النزاع هو خط الدفاع الأول ضد تجنيدها كما يدعو إلى برامج تأهيل ودمج للنساء اللواتي خرجن من هذه الجماعا لأن تجاهلهن سيعيد إنتاج التطرف داخل المجتمعات

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق