تتزايد يومًا بعد يوم الانتهاكات التي تقوم بها ميليشيات الدعم السريع بحق المدنيين السودانيين، في ظل عدم وضوح الرؤية بشأن الهدنة التي اقترحتها الرباعية الدولية في السودان، لتجنيب المدنيين ويلات الحرب الدائرة هناك، بعد الانتهاكات التي تعرض لها مواطني إقليم الفاشر غربي السودان.
وإزاء ذلك وجهت كبيرة مسؤولي حقوق الإنسان في الأمم المتحدة تحذيرا صارخا لأطراف الحرب الأهلية في السودان، مشيرة إلى أن الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، الذي اندلع في أبريل 2023، أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، ونزوح ما يقرب من 13 مليون شخص، وتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
الحرب في السودان
وتصاعدت أعمال العنف بشكل كبير في الأسابيع الأخيرة، عندما سيطرت القوات شبه العسكرية على مدينة الفاشر الرئيسية في شمال دارفور، مما دفع إلى ورود تقارير عن ارتكاب فظائع وقتل جماعي.
ونقلت صحيفة ذا ناشيونال عن المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك قوله في جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان عقدت لمعالجة الوضع المتدهور بسرعة: "يجب على كل المشاركين في هذا الصراع أن يعرفوا: نحن نراقبكم وسوف تسود العدالة".
اعتمدت الدول بالإجماع خلال جلسة لمجلس الأمن قرارًا بشأن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن عمليات القتل الجماعي المبلغ عنها خلال سقوط مدينة دارفور في أيدي قوات الدعم السريع، وهي آخر معاقل الجيش السوداني في المنطقة الغربية الشاسعة.
وستسعى بعثة تقصي الحقائق إلى تحديد هوية مرتكبي الانتهاكات والتحقيق في الفظائع المزعومة في الفاشر.
من جانبها قال تورك: "يجمع موظفونا أدلة على انتهاكات يمكن استخدامها في الإجراءات القانونية. لقد أرسلنا عدة بعثات إلى المناطق التي يفر منها المدنيون، ونرسل المزيد. وقد أشارت المحكمة الجنائية الدولية إلى أنها تتابع الوضع عن كثب".
ودعا توروك المجتمع الدولي إلى ضمان حصول المدنيين من الفاشر والمناطق المحيطة بها على المساعدات الإنسانية والحماية "التي يحتاجون إليها بشدة".
وبحسب المنظمة الدولية للهجرة، فرّ 90 ألف مدني من مدينة الفاشر منذ سقوطها في قبضة الميليشيات شبه العسكرية.
وقالت المنظمة إن القصف العنيف والهجمات البرية في الفاشر ومحيطها خلال الأسبوعين الماضيين أجبرت العائلات على الفرار عبر طرق غير آمنة مع "عدم القدرة على الوصول إلى الغذاء أو الماء أو المساعدة الطبية تقريبًا".
وقالت المنظمة إن عشرات الآلاف من المدنيين ما زالوا محاصرين داخل المدينة، ويعيشون في ظروف أشبه بالمجاعة مع انهيار المستشفيات والأسواق وأنظمة المياه.
وقالت منى رشماوي، عضو البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، إن "أجزاء كبيرة من مدينة الفاشر أصبحت الآن مسرحاً للجريمة".
الجيش السوداني والدعم السريع
وأضافت في الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة : "لقد أجرت بعثتنا لتقصي الحقائق مقابلات مع شهود عيان وجمعت أدلة على فظائع لا توصف : عمليات قتل متعمد، وتعذيب، واغتصاب، واختطاف من أجل الحصول على فدية، واحتجاز تعسفي، واختفاء قسري، وكل ذلك على نطاق واسع".
وتسعى دول الرباعية الدولية التي تضم الولايات المتحدة ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى وقف الحرب بين الطرفين، وقد وضعت هذه الدول خطة للسودان في سبتمبر الماضي: هدنة لمدة ثلاثة أشهر، يتبعها وقف لإطلاق النار، وعملية سياسية لتحديد القيادة المستقبلية للبلاد.
يأتي ذلك فيما هاجم وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، قوات الدعم السريع، متهما إياها بالإعلان عن اتفاق لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، "لكنها لا تنوي الالتزام به".










0 تعليق