في مجتمع تسوده تقاليد راسخة وأعراف اجتماعية صارمة، تظهر على السطح بين الحين والآخر جرائم مروعة تهز الرأي، تلك الجرائم التى يكون الدافع الرئيسى فيها هو الشك فى السلوك حيث تُقتل نساء على أيدى أزواجهن أو أقاربهن بهذا الدافع وذلك المحرك، الذي سرعان ما يستشرى فى عقل الجاني سواء كان زوج أو أخ أو قريب، لتقوده موجة من الغضب العارم الذى يزين فيه الشيطان إراقة دم الضحية مهما كانت قريبة من الجان.
هذه الجرائم المقيتة غالباً ما تُصنف تحت مسمى "جرائم الشرف" فى الأوساط القانونية والاجتماعية، وهى ما تطرح تساؤلات عميقة حول التفاعل بين القانون والعرف الاجتماعى فى مصر، وكيفية حفظ دماء الأسرة من مجرد شك قد يهدم بنيانها.
جرائم ارتكبت بدافع الشك في السلوك
ترصد “البوابة” عددًا من الجرائم ارتكبت بدافع الشك فى السلوك، والتي وقعت الأيام القليلة الماضية و خلفت من ورائها ضحايا أريقت دمائهم لمجرد الشك.
ذبح ابنة عمه لشكه فى سلوكها
تجرى جهات التحقيق بالجيزة، التحقيقات حول قيام شاب بمحاولة ذبح ابنة عمه بسبب شكه فى سلوكها بمحيط مركز البدرشين، وأمرت بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيقات، والتحفظ على سلاح الجريمة سلاح أبيض، وذلك بعدما استعلمت عن الحالة الصحية للمصابة التى كانت حالة حرجة، وطلبت تحريات أجهزة الأمن حول الواقعة.
القبض على المتهم
تلقى ضباط مباحث قسم شرطة البدرشين بلاغًا من مستشفى البدرشين بوصول فتاة مصابة بجرح ذبحى فى الرقبة.
وعلى الفور انتقل رجال الشرطة إلى مكان الحادث، وبالفحص تبيَّن صحة البلاغ، وأن الفتاة مصابة بجرح ذبحى فى الرقبة، وتتلقى العلاج داخل المستشفى.
وبإجراء التحريات الأولية، تبيَّن أن وراء ارتكاب الواقعة نجل عمها، وذلك بسبب شكه فى سلوكها.
وتمكنت القوات من ضبط المتهم، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال الواقعة، فيما تولت النيابة العامة التحقيقات.
جريمة بشعة في قرية زنارة بالمنوفية
شهدت قرية زنارة التابعة لمركز تلا بمحافظة المنوفية جريمة مروّعة، بعدما أقدم عامل على قتل زوجته ونجله داخل منزلهم، بدعوى الشك في سلوك الزوجة، في حادثة هزّت مشاعر الأهالي وأثارت حالة واسعة من الحزن والغضب داخل القرية.
جنازة مهيبة وحزن يخيم على الأهالي
شيّع المئات من أهالي القرية والقرى المجاورة جنازة الضحيتين، حيث خرجت الجنازة من مسجد المقابر بقرية كفر جنزور التابعة لمركز بركة السبع بمحافظة المنوفية، وسط حالة من الصدمة والحزن الشديد.
وأجمع المشيعون على حسن خلق المجني عليها وسمعتها الطيبة، مؤكدين أنها كانت حافظة لكتاب الله وتقوم بتحفيظ الأطفال القرآن الكريم، مما زاد من وقع الفاجعة على المجتمع المحلي.
أبدى أهالي قرية زنارة استياءً واسعًا، مؤكدين أن الضحية كانت مثالًا للأخلاق الحميدة وتحظى باحترام الجميع، وأنها لم يصدر عنها ما يُثير الشبهات.
واعتبر الأهالي أن الجريمة وقعت في لحظة انفعال غير مبرّر، وأن ما حدث ترك جرحًا عميقًا في مشاعر سكان القرية.
وكان اللواء علاء الدين الجاحر، مدير أمن المنوفية، تلقى إخطارًا من مأمور مركز شرطة تلا يفيد بقيام عامل بقتل زوجته ونجله داخل منزله بقرية زنارة في ظروف غامضة. وعلى الفور، تحركت قوة أمنية إلى موقع الحادث وتم ضبط المتهم.
النيابة تصرّح بالدفن بعد عرض الجثامين على الطب الشرعي
أصدرت النيابة العامة بمركز تلا قرارًا بالتصريح بدفن جثمان السيدة ونجلها عقب انتهاء إجراءات الطب الشرعي، تمهيدًا لنقلهما إلى مقابر العائلة. وكانت النيابة قد أمرت بنقلهما في البداية إلى مشرحة مستشفى شبين الكوم التعليمي لفحصهما وتحديد سبب الوفاة بدقة، وذلك في إطار التحقيقات الجارية.
وأوضح مصدر أمني بمديرية أمن المنوفية أن جهات التحقيق أمرت بنقل الجثامين إلى مشرحة مستشفى تلا ثم إلى مشرحة شبين الكوم التعليمي، لاستكمال الفحوص الطبية اللازمة، تمهيدًا لإعداد التقرير النهائي للطب الشرعي، قبل تسليم الجثامين لذويهم.
القبض على المتهم والتحفظ عليه
تمكنت مباحث مركز تلا من القبض على المتهم فور ورود البلاغ، حيث اعترف بالجريمة عقب توقيفه، وتم تحرير محضر بالواقعة وإخطار النيابة العامة التي تولت مباشرة التحقيقات.
وخلال التحقيقات، أدلى المتهم باعترافات تفصيلية، قائلاً إنه منذ عودته من عمله بالخارج راودته شكوك بشأن سلوك زوجته، وهو ما دفعه – بحسب اعترافه – لاتخاذ قرار التخلص منها ومن نجلها. وأوضح أنه عقب تنفيذ الجريمة قام بنشر صور على موقع "فيس بوك". وأضاف في اعترافاته: "أيوه قتلتهم... الشك كان هيقتلني".
قتل زوجته فى صباح العرس
أحالت الدائرة الرابعة الاستئنافية بمحكمة جنايات أسيوط، اليوم الأربعاء، أوراق طالب لفضيلة المفتى لإبداء الرأى الشرعى فى إعدامه لقيامه بقتل زوجته فى الصباحية بسبب شكوكه فى سلوكها، وحددت جلسة اليوم الرابع من دور شهر ديسمبر القادم للنطق بالحكم.
عقدت الجلسة برئاسة المستشار جمال إبراهيم الشريف رئيس المحكمة، وعضوية المستشارين هانى تاج الدين السيد الرئيس بالمحكمة، ومحمد جمال على نائب رئيس المحكمة، وأمانة سر عليان جامع ووائل عبد الحميد.
وتعود وقائع القضية رقم ١٨٥٣٧ لسنة ٢٠٢٤ جنايات الفتح إلى بلاغ من المتهم "محمد. م. ب" ٢٤ عامًا، طالب مقيم بقرية الفيما، يفيد بقيامه بذبح زوجته "أزهار. ع. م" ١٦ عامًا داخل مسكن الزوجية.
انتقل معاون وحدة مباحث مركز الفتح، إلى موقع الحادث وتبين وجود المتهم جالسًا بجوار جثة زوجته مفصولة الرأس أمام باب الحمام، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة باستخدام سكين ملقاة بجوار الجثة.
أمام وكيل نيابة الفتح أحمد أبو دولة، قال المتهم إنه تزوج من المجنى عليها يوم ١ سبتمبر ٢٠٢٤، وبعد انتهاء حفل الزفاف صعدا إلى شقتهما، وفى اليوم التالى للعرس، لم يرَ دماء نتيجة العلاقة الزوجية مما أثار شكوكه بها، فأحضر سكينًا من المطبخ وذبحها حتى فصل رأسها عن جسدها.
توصلت تحريات معاون وحدة مباحث مركز الفتح، إلى أن المتهم لا يعانى من أى أمراض نفسية أو عقلية، وأنه اعتقد أن زوجته ليست بكرا مما دفعه لارتكاب الجريمة.
كشف تقرير الطب الشرعى عن وجود جرح ذبحى بأعلى العنق وفصل للرأس عند مستوى الفقرات العنقية بين الثانية والثالثة، بالإضافة إلى جروح قطعية بالوجه، كما تبين أن غشاء البكارة من النوع الحلقى وبه قطوع حديثة.
قوانين صارمة
أوضح قانون العقوبات عقوبات الجرائم التى ترتكب حينما يمسك الزوج زوجته فى حالة تلبس بالزنا حيث بين فى المادة ٢٣٧، من فاجأ زوجته حال تلبسها بالزنا وقتلها فى الحال هى ومن يزنى بها يعاقب بالحبس بدلاً من العقوبات المقررة فى المادتين ٢٣٤، ٢٣٦.
المادة ٢٣٤، من قتل نفسا عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد، ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو اقترنت بها أو تلتها جناية أخرى، وأما إذا كان القصد منها التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها بالفعل أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو بالسجن المؤبد، وتكون العقوبة الإعدام إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابى أما المادة ٢٣٦ كل من جرح أو ضرب أحداً عمداً أو أعطاه مواد ضارة ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكنه أفضى إلى الموت يعاقب بالسجن المشدد أو السجن من ثلاث سنوات إلى سبع، وأما إذا سبق ذلك إصرار أو ترصد فتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن.
وتكون العقوبة السجن المشدد أو السجن إذا ارتكبت الجريمة تنفيذاً لغرض إرهابي، فإذا كانت مسبوقة بإصرار أو ترصد تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد.
الانتقام يغيب العقل
قالت الدكتورة داليا العقاد الخبيرة النفسية والسلوكية، إن جرائم القتل التى ترتكب بسبب الشك فى السلوك، والتى يكون عادة بطلها زوج أو أخ أو قريب، تفتقر فى معظمها إلى التيقن والتثبت من ارتكاب الضحية لجريمة الشرف التى قتلت بسببها، لافته إلى أن الجانى فى معظم الحالات يتسرع فى إراقة دم ضحيته دون تفكير، حيث إن ما يسطير على تفكيره الانتقام دون قراءة ما يترتب عليه من ضياع أسرة وتفتتها وذلك حينما تقتل الزوجة ويحبس الزوج.
غياب الوازع الدينى
وتابعت "العقاد":" تكمن جذور المشكلة التى تخلفها جرائم القتل بدافع الشرف، فى عدة عوامل يأتى على رأسها، العادات والتقاليد، حيث يعتبر "الشرف" فى العديد من المجتمعات الريفية والصعيدية قيمة عليا يجب الحفاظ عليها، حتى لو كان الثمن حياة إنسان، علاوة على دور الإشاعات، حيث تلعب الإشاعات دوراً كبيراً فى هذه الجرائم، حيث يتحول الكلام غير الموثوق إلى "حقيقة" تدفع لارتكاب الجريمة، مشيرة إلى أن ضعف الوازع الدينى لدى بعض الناس قد يغيب الفهم الصحيح للدين فى هذه الحالات، حيث يتجاهل الجناة أن الإسلام وضع عقوبات محددة للزنا بشروط صارمة يستحيل توفرها، وحرّم الاقتراب من الزنا نفسه فضلاً عن القتل بدوافع الشك".
وصمة عار
وأردفت الخبيرة النفسية والسلوكية، أن جرائم القتل بدافع الشك فى السلوك تمثل وصمة عار على جبين المجتمع، وتستدعى وقفة جادة من جميع الأطراف، سواء كان على مستوى الدولة ممثلة فى القوانين والمجتمع المدنى والمؤسسات الدينية، فحياة الناس ليست سلعة يمكن التضحية بها على مذبح الشكوك والإشاعات، والكرامة الإنسانية تستحق حماية تتفوق على أى عرف أو تقليد.








0 تعليق