دشن قداسة البابا تواضروس الثاني صباح اليوم كاتدرائية السيدة العذراء والقديس مار مرقس الرسول بمدينة ٦ أكتوبر والتي يوجد فيها مقر مطرانية ٦ أكتوبر.
ووصل قداسة البابا إلى الكاتدرائية وكان في استقباله نيافة الأنبا دوماديوس أسقف إيبارشية ٦ أكتوبر وأوسيم، وكهنة الكاتدرائية، ثم التقطت صورة تذكارية لقداسته وسط عدد كبير من كهنة الإيبارشية، تحرك بعدها موكب قداسة البابا يتقدمه الآباء الكهنة وخورس الشمامسة في اتجاه مبنى الكنيسة، وهم يرتلون لحن "كالوس" حيث أزاح الستار عن اللوحة التذكارية التي تؤرخ لتدشين الكنيسة والتقطت صورًا تذكارية مع كهنة الكنيسة ومجلسها واللجنة الهندسية المشرفة على عمليات بناء الكاتدرائية وتشطيبها. ورتل خورس الشمامسة لحن "أفلوجيمينوس" لحظة دخول قداسة البابا إلى الكنيسة وسط حفاوة كبيرة من الشعب الذي امتلأت به كنيستي السيدة العذراء بالطابق الأرضي والقديس مار مرقس بالطابق الأول حيث بلغ عدد الحاضرين في الكنيستين ما يقرب من أربعة آلاف شخص.
وبدأت صلوات التدشين بمشاركة ٢٠ من الآباء المطارنة والأساقفة حيث تم تدشين المذبح الرئيس على اسم القديس مار مرقس، والمذبح البحري على اسم الشهيد مار جرجس، والمذبح القبلي على اسم القديسين الروميين مكسيموس ودوماديوس، ودُشِنَتْ كذلك أيقونات البانطوكراتور (حضن الآب - شرقية الهيكل) بالمذابح الثلاثة وأيقونات حامل الأيقونات والأيقونات الموجودة في صحن الكنيسة. تم بعد انتهاء التدشين التوقيع على وثيقة التدشين بيد قداسة البابا والآباء المطارنة والاساقفة وكهنة الكنيسة.
وبدأت صلوات القداس الإلهي وهو قداس الأحد الخامس من شهر بابة، وفي العظة قال قداسة البابا في بدايتها: "هذا اليوم هو يوم فرح إذ نحتفل فيه بتدشين هذه الكاتدرائية ، فإنشاء الكنيسة يمر بخطوات كثيرة منذ أن تكون فكرة واحتياج إلى أن تصير واقعًا.
يتعب في إنشائها عدد كبير من البشر منهم المسؤولين في قطاعات الدولة المتعددة وأيضًا المهندسين والفنيين والعمال بل إن كل الشعب يشترك في بناء بيت الله."
وأضاف: "في هذا اليوم المفرح أيضًا نحتفل بتذكار ظهور رأس مارمرقس الرسول أحد تلاميذ السيد المسيح والذي كانت مصر محظوظة أن يأتي إليها ويبشرها بالمسيحية في القرن الأول الميلادي."
وعن إنشاء الكنائس قال قداسته: "نحن نشكر الله أولاً وأخيراً ونشكر كل الذين تعبوا في هذا الإنشاء لكي ما يكون مكانًا يعد الإنسان أن يكون مواطنًا صالحًا على الأرض وأيضًا أن يكون مستحقًا أن ينال نصيبًا صالحًا في السماء."
وفي موضوع إنجيل القداس أشار قداسة البابا إلى أن اليوم هو الأحد الخامس من الشهر القبطي وهو مانسميه "أحد البركة" أو "أحد الشبع" وفيه نقرأ إنجيل معجزة إشباع الجموع ،والتي فيها أشبع السيد المسيح الآلاف بتعاليمه وكذلك اشبعهم جسديًا، كما اهتم أيضًا بجمع الكسر حفاظًا على البيئة ولكي تُستخدم في مجال آخر.
واستكمل: "الله يعطينا نعم كثيرة جدًا عطايا جديدة في كل صباح، عطايا عامة لكل البشر كالشمس والهواء والماء والتي تسميها أعمال العناية الإلهية وعطايا شخصيه لكل إنسان لا يمكن حصرها. وعندما يكون الإنسان راضيًا وشاكراً يعطيه الله المزيد من النعم ، لذلك فإنه من أفضل الأمور اليومية للإنسان أن يبدأ يومه وينهيه بالشكر على كل النعم الإلهية التي في حياته. إن النفس المتمردة لا تشعر بنعم الله وتكون في صراع داخلي أما النفس الراضية بعمل الله ونعمته فتكون ناجحة ومتقدمة ومحبوبة في المجتمع."
وتناول قداسة البابا أربعة نقاط تلخص دور وتأثير الكنيسة في حياة أبنائها، وهي:
١ - الكنيسة هي موضع الكلمة المقدسة:
فيها نتعلم الإنجيل ونعيش الوصية ونفرح بعمل الله على الدوام. " اَلْكَلاَمُ الَّذِي أُكَلِّمُكُمْ بِهِ هُوَ رُوحٌ وَحَيَاةٌ،" (يو٦ : ٦٣)
فالإنسان بدون الإنجيل ليس فيه روح وحياة "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" ( عب ٤ : ١٢) كلمه الله تشكل الإنسان وتجعله إنسانًا روحانيًا ينتمي للسماء وليس للأرض.
٢ - الكنيسة هي محل الصلوات والأسرار المقدسة:
في الكنيسة نقيم القداسات والصلوات المتنوعة حسب وصية السيد المسيح "يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ،" ( لو ١٨ : ١ ) السيد المسيح علمنا أن نصلي طوال اليوم نصلي بالقلب. وهناك صلوات تجمعنا في الكنيسه مثل القداسات والعشيات والمناسبات وهناك صلوات في نطاق الأسرة وصلوات أخرى داخل القلب.
أكثر صلاة تصليها الكنيسه هي: "كيريي ليسون" أي "يا رب ارحم" وفيها نطلب الرحمة من الله، فالإنسان عندما يتواجد مع الله لا يستطيع أن يطلب أي شيء سوى الرحمة " اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ." . (مز ٥١ : ١ ) سوف يقف البشر أمام السيد المسيح الديان وسيعطي كل إنسان حساب وكالته عن حياته وعمله ومسؤولياته.
الصلاة والشكر في كل حين تجعل الإنسان فرحًا فالصلاة هدفها الأول والأخير هو سعادة الإنسان، والإنسان السعيد هو الذي يشعر أن سنوات العمر التي أعطاها الله له هي سنوات للعمل والخدمة ليكون إنسانًا ناجحًا.
٣ - الكنيسه موضع الصحبة المقدسة:
نخاطب الله في الصلاة الربانية "أبانا " ويأخذ الكاهن عند رسامته لقب "أبونا" فالأبوة هي الصفة المهمة التي تجمعنا في الكنيسة والتي يكون فيها الأب الكاهن هو المسؤول الروحي عن شعب الكنيسة يشجعهم على الحياة الفاضلة لكي ما نستحق جميعًا أن يكون لنا نصيب في ملكوت السماوات.
٤ - الكنيسة هي موضع الشفاعة المقدسة:
بحسب تقليد كنيستنا القبطية نطلق أسماء القديسين على الكنيسة ونتشفع بهم أمام السماء، وعلى رأسهم أمنا القديسة العذراء مريم شفيعة جنسنا ومعها باقي القديسين، كما نجد الكنيسة مزينة بأيقونات القديسين. كل هؤلاء يشفعون من أجلنا ونتواصل مع السماء من خلالهم فقد عاشوا حياة مقدسة ونحن نجتهد أن نكون مثلهم عندما نمضي حياتنا في سلام.
وقدم قداسته الشكر لنيافة الأنبا دوماديوس والآباء الكهنة على الجهد الكبير الذي بذلوه في بناء هذه الكنيسة، كما وجه الشكر لكل المسؤولين الذين ساعدوا في هذا العمل، ومن شاركوا مشاركة ظاهرة أو خفية، كبيرة أو صغيرة وهي عند الله كثيرة ومقدرة جدًا.
وعقب القداس أقيمت احتفالية بمناسبة التدشين ألقى فيه نيافة الأنبا دوماديوس كلمة شكر وترحيب بقداسة البابا، مقدمًا التهنئة لقداسته بعيد ميلاده وذكرى ظهور القرعة الهيكلية، وعرض فيلم تسجيلي يرصد مراحل تأسيس وإنشاء الكاتدرائية كما تم تكريم كل من كان له دور وجهد في بناء وتشطيب وتجهيز الكاتدرائية.
وفي الختام تحدث قداسة البابا مهنئًا الكل بالكنيسة المدشنة داعيًا إيَّاهم إلى أن يتمثلوا بالقديس مار مرقس الذي تحمل كنيستهم اسمه.
















0 تعليق