تحل علينا ذكرى وفاة الفنان حسن عابدين، الذي لم يكن مجرد ممثل يترك بصمة على الشاشة فحسب، بل كانت حياته سلسلة من المحطات الإنسانية والروحية العميقة، لعل أبرزها تلك القصة التي جمعته بـ الداعية الكبير الشيخ محمد متولي الشعراوي، والتي غيرت مجرى حياته بالكامل، بعد أن نجا من حكم بالإعدام في فترة شبابه.
من جندي إلى محكوم بالإعدام
ولد حسن عابدين عام 1931 في محافظة بني سويف، ومع اندلاع حرب فلسطين عام 1948 انضم وهو في السابعة عشرة من عمره إلى صفوف المتطوعين المصريين الذين شاركوا في القتال هناك.
وبعد انتهاء الحرب، تم القبض عليه ضمن مجموعة من المقاتلين المصريين بتهمة التسلل إلى الأراضي الفلسطينية، حيث تم احتجازه وإصدار حكم بالإعدام ضده.
قضى حسن عابدين أيامًا طويلة في السجن ينتظر تنفيذ الحكم، يعيش بين الخوف والتسليم، حتى تدخلت السلطات المصرية آنذاك ونجحت في إعادة التحقيق في القضية، لتثبت براءته من التهم الموجهة إليه، ويُفرج عنه قبل تنفيذ الحكم بلحظات، كانت تلك التجربة نقطة تحول في حياته، إذ خرج منها أكثر إيمانًا وقربًا من الله.
اللقاء الذي غير مسار حياته
بعد سنوات طويلة من عمله في المسرح والتلفزيون، واجه حسن عابدين أزمة روحية قاسية، إذ شعر بالذنب لتقديمه أعمالًا فنية فيها مشاهد اعتبرها غير لائقة دينيًا، قرر وقتها الاعتزال نهائيًا وابتعد عن الوسط الفني، حتى زاره الشيخ محمد متولي الشعراوي بنفسه في منزله.
روى نجله في إحدى اللقاءات التلفزيونية أن الشعراوي جلس معه طويلاً، وأخبره أن الفن ليس حرامًا إذا كان هادفًا ويقدم رسالة راقية للناس، وقال: “يا حسن.. الفن رسالة عظيمة إذا التزمت بالحق والخير، وأنت تقدر توصل للناس بما لا يستطيع غيرك”.
فن راقٍ ورسالة باقية
قدم حسن عابدين بعد عودته العديد من الأدوار التي رسخت مكانته كأحد رموز الدراما المصرية الهادفة، مثل مسلسلات “أهلاً بالسكان، فرصة العمر، هو وهى، فيه حاجة غلط، رفقا أيها الأبناء، أنا وأنت وبابا في المشمش" وغيرها من الأعمال الفنية المتميزة حتى وقتنا هذا.
توفى حسن عابدين في نوفمبر عام 1989، بعد رحلة فنية قصيرة نسبيًا لكنها مليئة بالأثر والإيمان، تاركًا وراءه ذكرى فنان احترم جمهوره، ووقف على خط واحد بين الفن والإيمان.












0 تعليق