تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ذكرت صحيفة "لوموند" الفرنسية، أن هناك فجوة دائمة بين خطابات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتسمة بـ"المبالغة"، وبين الواقع السياسي والاقتصادي المعقد الذي يواجهه.
وأوضحت الصحيفة- في افتتاحيتها، اليوم- أن ترامب وصف اجتماعه مع نظيره الصيني شي جين بينج، الذي عقد على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك" بمدينة بوسان في كوريا الجنوبية، بأنه لقاء "استثنائي"، مشيرا إلى أنه "يستحق 12 من 10"، في حين تجنب الرئيس الصيني مثل هذا التوصيف وخرج من اللقاء بمكاسب واضحة، من بينها تعزيز موقع بلاده في ميزان القوى الاقتصادية بين الجانبين.
وأضافت أن الاجتماع، رغم ما أظهره من انفراجة نسبية في النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين، أبرز في الوقت ذاته مبالغة ترامب في تقدير قدرته على الضغط على بكين، لافتة إلى أن تهديد الصين بفرض قيود على صادراتها من المعادن الأرضية النادرة شكل تذكيرا قويا لواشنطن بامتلاك بكين أوراق ضغط استراتيجية مؤثرة في الاقتصاد العالمي.
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين تهيمن على نحو 60 في المائة من عمليات استخراج هذه المعادن الحيوية المستخدمة في التكنولوجيا المتقدمة والصناعات الدفاعية، وتسيطر على نحو 90 في المائة من قدرات تكريرها، وهو ما يمنحها نفوذا واسعا على سلاسل الإنتاج العالمية.
ولفتت إلى أن ترامب، بعد أن هدد بفرض رسوم جمركية جديدة بنسبة 100 في المائة على الواردات الصينية، اضطر إلى التراجع عن موقفه واعتماد لهجة أكثر هدوءا، موضحة أن التفاهم الجديد بين الجانبين يقضي بتعليق الصين لمدة عام القيود الجديدة على تصدير العناصر النادرة، مقابل تراجع واشنطن عن فرض رسوم إضافية، وخفض بعض الرسوم الحالية، مقابل التزام صيني عام بالتصدي لتهريب مادة الفنتانيل.
وأكدت الصحيفة أن الرسوم الأمريكية، رغم بقائها مرتفعة، لم تؤثر بصورة حاسمة على تنافسية الاقتصاد الصيني، خاصة بعد أن نجحت بكين في تنويع علاقاتها التجارية وتقليل اعتمادها على السوق الأمريكية. 
وأضافت أن الرئيس الصيني وافق في خطوة تهدئة إضافية على استئناف استيراد فول الصويا الأمريكي الذي كانت بلاده قد أوقفت استيراده، وهو ما كبد المزارعين الأمريكيين خسائر كبيرة.
واختتمت "لوموند"- افتتاحيتها- بالإشارة إلى أنه لا يمكن القول بوجود منتصر أو مهزوم في هذه المرحلة، إلا أن المؤكد أن ترامب أساء تقدير خصمه الصيني، وربما يدفعه ذلك إلى إعادة النظر في استراتيجيته، ولا سيما تجاهل أهمية التعاون مع الحلفاء الأوروبيين والآسيويين في مواجهة بكين، مؤكدة أن مواجهة الصين تتطلب تشكيل جبهة موحدة مع الحلفاء، وهو ما يستدعي تغييرًا جوهريًا في الموقف الأمريكي تجاههم.