«تايم لاين» من الفكرة حتى الافتتاح.. بالأرقام والتواريخ محطات بارزة في تاريخ المتحف المصري الكبير.. صرحٍ جديدٍ يقدّم الماضي برؤية المستقبل ويعزز مكانة مصر كعاصمة للتراث الإنساني
بداية من الفكرة التي انطلقت عام 1992 وحتى الافتتاح اليوم الأول من نوفمبر 2025.. يخرج المتحف المصري الكبير للنور بعدما طال انتظار هذا الموعد الذي يكشف عن صرح تاريخي عظيم ينضم إلى المئات بل والآلاف من المواقع الاثرية التي تحتضنها مصر، ففي قلب منطقة الجيزة وعلى مقربة من أهرامات الجيزة الشهيرة، ينبض المتحف المصري الكبير بمشوارٍ طويلٍ وحافلٍ امتدّ لسنوات، شهد فيه المشروعُ مراحلَ تأسيس وتجهيز وتأجيلات متعددة حتى يصل اليوم إلى افتتاحٍ رسميّ يُعدّ علامة فارقة في تاريخ الثقافة المصرية والعالمية.
من هنا انطلقت فكرة المتحف المصري الكبير
البداية تعود إلى أنّ فكرة إنشاء المتحف انطلقت في تسعينيات القرن الماضي، حيث تمّ طرح المشروع بهدف إقامة صرحٍ يُكرّس حضارة مصر القديمة في موقع جديد يتسم بسعة وإمكانيات أكبر، وهو ما وضع الأساس لرؤية طويلة الأجل. وبعد ذلك، في عام 2002 تمّ وضع حجر الأساس للمتحف تقريباً، ما مثل انطلاقاً فعليّاً وإن كان التنفيذ الكامل سيأخذ وقتاً أطول.
ومن ثمّ، في عام 2005 بدأت أعمال التمهيد والبناء الفعلية، فتمّ تجهيز الموقع – منتهيّاً إلى أعمال البناء الكبيرة التي انطلقت لاحقاً خلال العقد الواحد والعشرين.
توسعات المتحف المصري الكبير
خلال هذه الفترة تغيّرت خطوط المشروع وتوسّعت نطاقاته لتشمل مساحات عرض ضخمة، مرافق لحفظ تراث مصر القديم، منظومة زوار حديثة، والمنطقة المحيطة التي تربط المتحف بالأهرامات والبيئة السياحية المحيطة بها.
ومع تقدّم الأعمال، واجه المشروع عدداً من التحديات التي أثّرت على مواعيد الافتتاح. فإلى جانب طبيعة البناء والحفظ والأعمال التقنية، جاءت أحداثٌ سياسية واقتصادية إلى جانب جائحة كورونا لتعقّد الجدول الزمني وتؤخّر مراحل جاهزية المتحف.
عقبات في سبيل استكمال مسيرة المتحف
على الرغم من ذلك، بدأ المتحف يُفتتح تدريجياً للجمهور من خلال “افتتاح تجريبي” أو “مرحلة ما قبل الافتتاح الكامل” حيث فتحت بعض الأجزاء قبل موعد الافتتاح الرسمي، ما سمح للزوار برؤية جزء من المعروضات والمكان قبل التحقّق من جاهزيته الكاملة.
افتتاح المتحف المصري الكبير
وبجهود كبيرة راحت مصر على مدى السنوات الأخيرة تسخر كل ما لديها من قوة من أجل أنهاء الأعمال الخاصة بالمتحف المصري الكبير، لتحين اللحظة التي طال انتظارها ١ نوفمبر ٢٠٢٥، والذي يتابعه الملايين حول العالم يتشوقون لافتتاح المتحف المصري الكبير.
أبرز مميزات المتحف المصري الكبير
وبالإضافة إلى ذلك، تميّز المشروع بتصميم حديث وإدارة بيئية مبتكرة، حيث أُدخلت مرافق للحفظ، وتكنولوجيات ترشيد الطاقة والمياه، واعتمد البناء على مواد محلية وتجهيزات حديثة تأخذ بعين الاعتبار الاستدامة والتشغيل طويل الأمد.
ولا يعد افتتاح المتحف مجرد انجازٍ معماري أو سياحي، بل هو احتفاءٌ بحضارة مصر القديمة أمام العالم، ويمثّل نقطة تحول في كيف تُعرض تلك الحضارة للمستقبل. ومع افتتاحه للجمهور، يُفتح فصلٌ جديد في مسار التراث المصري والمعرفة العالمية، حيث سيكون المتحف مقصدًا ليس للزائر فقط، بل للباحث والمهتم بالتاريخ والفن والحضارة.
لا يقتصر المتحف المصري الكبير على كونه صرحًا كبيرًا يحتضن آثار مصر القديمة، بل يُعدّ تجربة متكاملة تجمع بين العلم والفن والمعمار والهوية. فبمجرد دخول الزائر من البهو الرئيسي، يجد نفسه أمام تمثال رمسيس الثاني الذي يرحّب به في مدخلٍ عظيم تعلوه إضاءة طبيعية تتسلل من واجهات زجاجية مثلثة الشكل، مستوحاة من خطوط الأهرامات. هذا البهو، الذي يُعرف باسم البهو العظيم، يضم مجموعة من أضخم التماثيل الملكية والقطع الحجرية التي كانت تُعرض في المتاحف القديمة أو المخازن الأثرية.
قاعة توت عنخ آمون
ويحتضن المتحف قاعة توت عنخ آمون، التي تُعدّ قلب المشروع، إذ تُعرض فيها المجموعة الكاملة للملك الذهبي لأول مرة في مكان واحد منذ اكتشافها عام 1922، في عرض حديث يوظف التكنولوجيا والضوء والصوت لتقديم تجربة غامرة تعيد للزائر أجواء مقبرة الفرعون الشاب.
مركز الترميم المتكامل
ويضم المتحف كذلك مركز الترميم المتكامل، الذي يُعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، حيث تُجرى فيه عمليات صيانة دقيقة للقطع الأثرية قبل عرضها، باستخدام تقنيات متقدمة في فحص المواد وتحليلها. هذا المركز لا يخدم المتحف فقط، بل يُعتبر مؤسسة بحثية تخدم التراث المصري بوجه عام.
أهم مميزات قاعات العرض
كما خُصّصت داخل المتحف قاعات عرض دائمة ومؤقتة تتيح تدوير المقتنيات وعرض معارض دولية، إلى جانب مكتبة أثرية ومركز تعليمي يسعيان إلى توسيع المعرفة العامة حول تاريخ مصر القديم، مع تخصيص منطقة للحدائق والمطاعم والمحال الثقافية التي تربط الزائرين بين التاريخ والترفيه في تجربة متكاملة.
ويمتاز تصميم المتحف، الذي فاز به المعماري الأيرلندي "هينغان بينغ"، بانسجامه مع البيئة الصحراوية المحيطة، إذ تتدرج واجهاته الحجرية لتلتقي بصريًا مع أفق الأهرامات، في مشهد معماري فريد يجعل من المتحف امتدادًا بصريًا للحضارة نفسها.














0 تعليق