الإثنين 27 أكتوبر 2025
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
حوادث وقضايا
لم تكن "سعاد" تتخيل أن البيت الذي حلمت أن يكون مأوى للأمان سيصبح مسرحًا للعذاب، وأن الزوج الذي اختارته يومًا بقلبها سيكون سببًا في رحيلها، فبعدما كانت تظن أن الصبر سيُثمر حبًا، وأن الخلافات ستنتهي مع الوقت، كان القدر يخبئ لها نهاية مأساوية داخل منزلهم بحي السيوف بالإسكندرية.
في صباح الجمعة الماضي، كان الهدوء يلف الحي الشعبي حين سمع الأهالي أصوات استغاثة من إحدى الشقق، لم يكن أحد يدرك أن خلف ذلك الباب المغلق كانت امرأة تُصارع من أجل حياتها، بينما زوجها، الذي وعدها يومًا أن يكون سندها، كان يمارس عليها أبشع أنواع التعذيب.
"سعاد"، ربة منزل في الثانية والأربعين من عمرها، كانت تعيش حياة بسيطة مع زوجها الذي تغير مع الأيام، بدأت الخلافات الصغيرة تكبر، ومع كل يوم كانت تنزف من الداخل في صمت دون أن تتحدث، تحاول أن تحافظ على بيتها مهما كلفها الأمر، وكانت تخفي دموعها خلف ابتسامة زائفة، وتردد دائمًا: "يمكن بكرة يكون أحسن".
لكن "بكرة" لم يأتِ، بل جاء يوم الرحيل، فبعد شجارٍ جديد، تجاوز الزوج كل حدود الإنسانية، صرخ، شتم، ثم امتدت يداه لتكتب آخر فصول القسوة، لم يكن الضرب هذه المرة ككل مرة، بل كان عذابًا لم تحتمله روحها الطيبة، فلفظت أنفاسها الأخيرة وهي ما زالت ترتدي ثوب البيت الذي كانت تظنه ملاذها.
الجيران الذين سمعوا الصراخ هرعوا إلى الشقة، لكنهم لم يتمكنوا من كسر الباب إلا بعد فوات الأوان، كانت سعاد مسجاة على السرير، جسدها يحمل آثار التعذيب، ووجهها يحكي كل شيء، لم يعد هناك صوت سوى صدى الصدمة التي خيمت على المكان.
شقيقها الذي تلقى مكالمة من زوجها هرول مسرعًا إلى شقة شقيقته، يلهث بين الدرجات، يردد: "يارب تكوني بخير يا سعاد"، لكنه حين وصل، تجمد في مكانه، رأى شقيقته جثة هامدة، ودموعه تسابق كلماته وهو يصرخ: " حرام عليك هي عملت فيك إيه؟".
الزوج لم ينتظر أحدًا، لاذ بالفرار قبل وصول الشرطة، ترك خلفه شقة ملطخة بالألم، وامرأة فارقت الحياة.
أمام الأجهزة الأمنية؛ قال الجيران إنهم سمعوا أصوات شجار قوية قبل الواقعة، وإن المتهم حاول إلقاء زوجته من الشرفة، ثم لجأ إلى صعقها بالكهرباء، حيث كانت سعاد تصرخ في محاولة منها لإنقاذها.
في قسم الشرطة، جلس شقيقها مذهولًا يروي التفاصيل للضباط، يحاول أن يستوعب ما حدث، بينما عينيه لا تفارق صور شقيقته التي كانت بالأمس تضحك معه.
قال بصوت حزين: "كانت بتخاف على بيتها أكتر من نفسها... كانت دايمًا بتقول أنا هصلح الأمور".
بدورها؛ نجحت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الإسكندرية، في إلقاء القبض على الزوج المتهم، وتحرر محضر بالواقعة وتولت النيابة التحقيق، والتي أمرت بحبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات













0 تعليق