لوبوان: لا يوجد أعظم من هذا المشروعٍ الضخم تكريمًا للفراعنة
لوفيجارو: جوهرة مصر الجديدة وحدث استثنائى يُبرز التراث الثقافى المصرى
المتحف المصرى الكبير كان محل اهتمام الصحافة العالمية التى أبدت انبهارها بشكل لا مثيل له بتراث الحضارة المصرية القديمة ونشرت موضوعات عديدة تبرز أهميته وتشرح مكوناته للقارىء الغربى.. وكان القاسم المشترك بين معظم تلك التقارير بالصحافة العالمية، وخاصةً الفرنسية، هو إبراز مقتنيات الفرعون الصغير الملك توت عنخ آمون.
صحيفة "لوموند" أعرق الصحف الفرنسية ذكرت أن هذا المشروع ضخم، ذلك أن المتحف الكبير الذى أنجزته السلطات المصرية مليءٌ بالفخر. سيكون أكبر متحف فى العالم، وسيضم بعضًا من أجمل وأقدم الآثار فى تاريخ البشرية، وسيضم أكبر وأحدث مركز لحفظ الآثار على الإطلاق. كل ذلك يقع فى موقع فريد، قبالة عجائب الدنيا السبع الباقية: أهرامات الجيزة.
أضافت لوموند: خمسون هكتارًا، وأكثر من مئة ألف قطعة تم نقلها من أنحاء مصر الأربعة، بما فى ذلك معبد كامل والكنز الشهير لتوت عنخ آمون، ومعدات حديثة للغاية، وحدائق، ومكتبات، ومتاجر، ومطاعم فاخرة.
يبدو أن وزير الثقافة، فاروق حسني، هو من خطرت له الفكرة قبل أكثر من ثلاثة وعشرين عامًا خلال رحلة إلى باريس. ويُقال إن أعلى مستويات الدولة "انبهرت" فورًا. فى عام ١٩٩٢، أقرّ مرسوم رئاسى المشروع رسميًا. وفى عام ١٩٩٩، كُلّف خبراء إيطاليون بإجراء دراسة جدوى، تلتها بعد ثلاث سنوات مسابقة معمارية كبرى نُظمت برعاية اليونسكو.
واجهة المتحف المبهرة

وتابعت: يبهرك المشروع بمجرد أن ترى واجهة المتحف "المضيئة": جدار بطول ٨٠٠ متر وارتفاع ٤٠ مترًا، مصنوع بالكامل من المرمر، وهو صخر دافئ اللون وشفاف بعض الشيء، يُميز الحرف اليدوية فى جنوب مصر. توصلت الحكومة والمهندسون المعماريون وعلماء الآثار وعلماء المتاحف أخيرًا إلى اتفاق.
وبغض النظر عن الاعتبارات الجمالية، يُعدّ الأمن أمرًا ضروريًا فى بلدٍ تعرّض مرارًا وتكرارًا لهجمات إرهابية فى المناطق السياحية. فرضت أجهزة أمن الدولة مسافة لا تقل عن ٨٠ مترًا بين المدخل الرئيسى والطريق لتجنب هجمات السيارات المفخخة". وكان التحدى الأكبر فى مكان آخر: نقل ١٠٠٠٠٠ قطعة أثرية إلى المتحف وعبور طرق مصر الوعرة ووصولها سالمة. كانت هذه أكبر عملية نقل للآثار فى تاريخ البشرية.
العمل الصبور للمرممين المصريين

من جانبها، اختارت "ليكسبريس" أن تسلط الضوء على مركز الترميم بالمتحف.. وتحدثت مع نخبة من خبراء الترميم بالمتحف فكتبت عن أحدهم: "كان عيد مرتاح شابًا يقضى ساعات فى قراءة الكتب عن الملك توت عنخ آمون، ويتتبع الهيروغليفية، ويحلم بأن يحمل يومًا ما قناع الفرعون الصغير الذهبى الشهير بين يديه.. اليوم، أصبح واحدًا من ١٥٠ مرممًا مصريًا محترفًا يعملون فى مختبرات الترميم بالمتحف المصرى الكبير، ويقومون، من بين أمور أخرى، بمعالجة المجموعة الثمينة للملك توت عنخ آمون التى اكتشفت عام ١٩٢٢ فى مقبرة بوادى الملوك والتى نجت من اللصوص.
قال الخبير البالغ من العمر ٣٦ عامًا: "بفضل توت عنخ آمون، اخترت دراسة علم الآثار. حلمتُ بالعمل على كنوزه، وتحقق هذا الحلم".. يتعين على الجمهور الانتظار بضعة أشهر أخرى لاكتشاف ثمار عمله، فالمتحف المصرى الكبير يجمع لأول مرة ما يقرب من ٥٠٠٠ قطعة من كنز توت عنخ آمون.
وأضافت "ليكسبريس": لقد ثبت أن ترميم تابوت توت عنخ آمون - الذى تم نقله مباشرة من مقبرته - كان من أكثر العمليات حساسية. ظلت مجموعة توت عنخ آمون متناثرة لفترة طويلة فى مواقع عديدة، بما فى ذلك المتحف المصرى فى ميدان التحرير، ومتحف الأقصر، ومقبرة توت عنخ آمون نفسها فى وادى الملوك. خضعت بعض القطع لترميم خفيف قبل نقلها بأمان.
قبل أى تعامل، قامت الفرق بالتوثيق الفوتوغرافى وتحليل الأشعة السينية والاختبارات المختلفة لتقييم حالة كل قطعة. وتشمل كنوز توت عنخ آمون قناعه الجنائزى الذهبى الشهير، والتوابيت المذهبة، والتمائم الذهبية، وقلائد اللؤلؤ، والقفازات الكتانية، والتماثيل، والأضرحة المصغرة، والعربات الاحتفالية، ومومياءتين جنينيتين، يفترض أنهما ابنتاه الميتتان.
كل قطعة تروى قصة.. الفلسفة التى قادت الفريق طوال العملية هى القيام بالحد الأدنى الضرورى مع احترام تاريخ القطعة، حسبما يوضح خبير الترميم محمد مصطفى. ويضيف مرتاح: "كان علينا أن نفهم حالة كل قطعة - طبقات الذهب، والمواد اللاصقة، وبنية الخشب - كل شيء على الإطلاق".
تجربة نادرة ولغز ضخم

أثناء تجول الزوار فى المتحف، سيُعجبون بجمال هذه القطع الأثرية. لكن بالنسبة لنا، تُذكرنا كل قطعة بساعات عمل لا تُحصى، ونقاشات حماسية، وتدريب مكثف.
سوف يقدم المبنى المتطور، الذى تم بناؤه بالقرب من أهرامات الجيزة بتكلفة تزيد على مليار دولار، للزوار تجربة نادرة: لمحة من خلف جدار زجاجى لمراكب الشمس للفرعون خوفو التى يعود تاريخها إلى ٤٥٠٠ عام، وفقًا للمعلومات التى تم الحصول عليها من إدارة المتحف.
تقول الخبيرة هند بيومى إن وضع الشمع على الأسطح الذهبية ساعد فى الحفاظ على الأشياء فى ذلك الوقت، لكنه أدى إلى إخفاء بعض التفاصيل التى نريد الآن الكشف عنها للعالم.. على مدى عدة أشهر، قامت هذه المحترفة البالغة من العمر ٣٩ عامًا وزملاؤها بإزالة الشمع الذى كان، مع مرور الوقت، يحبس الأوساخ ويفقد الذهب بريقه، ليعود للأثر رونقه وجماله.
أجرى المرممون المصريون، الذين تدرب العديد منهم على يد خبراء يابانيين، أعمالهم المتطورة فى تسعة عشر مختبرًا متخصصًا فى الخشب والمعادن والبردى والمنسوجات وما إلى ذلك.
وفى مختبر الأخشاب، استخدمت المرممة فاطمة مجدي، ٣٤ عامًا، عدسات مكبرة وأرشيفات فوتوغرافية لإعادة تجميع أوراق الذهب الرقيقة بعناية. تقول: "كان الأمر أشبه بتجميع أحجية ضخمة. شكل الكسور، وخطوط الكتابة الهيروغليفية - كل تفصيل كان مهمًا".
العاملون بالسياحة يتشوقون للافتتاح

تحت عنوان "المتحف المصرى الكبير.. جوهرة القاهرة الجديدة"، نشرت صحيفة "لوفيجارو" تقريرًا مصورًا يضم ١٤ صورة من داخل المتحف، كما نشرت تقريرًا آخر حول إعلان افتتاح المتحف المصرى الكبير فى الأول من نوفمبر، ووصفته بأنه "حدث استثنائى يُبرز التراث الثقافى المصري"، و"سيكون أكبر متحف أثرى فى العالم مُخصص لحضارة واحدة".
وذكرت الصحيفة أن المتحف، الذى تبلغ تكلفته مليار دولار، يضم أكثر من ١٠٠ ألف قطعة أثرية، أكثر من نصفها سيُعرض للجمهور. وستكون المجموعة الأثرية الضخمة للملك توت عنخ آمون، التى تضم أكثر من ٥٠٠٠ قطعة أثرية، أبرز معالمه.
وأشارت "لوفيجارو" إلى أن العاملين فى قطاع السياحة يتشوقون لافتتاحه، وينتظر الكثير منهم بفارغ الصبر افتتاح هذا المشروع الثقافى الضخم.
وبينما ينتظر المتحف المصرى الكبير الافتتاح الرسمي، يستقبل المتحف زوارًا فى عدة صالات عرض منذ عدة أشهر، إلا أن أبرز المعارض، كنز توت عنخ آمون، الذى لم يُكشف عنه بعد.
وأضافت "لوفيجارو": "بعد سنوات من عدم الاستقرار الذى شهدته مصر خلال ما يسمى بالربيع العربي، ثم سلسلة من الهجمات الإرهابية، وأخيرًا جائحة كوفيد-١٩، انتعشت السياحة فى مصر: استقبلت ٣.٩ مليون زائر فى الربع الأول من عام ٢٠٢٥، بزيادة قدرها ٢٥٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام ٢٠٢٤، وهو عام قياسى بالفعل.
يقول راجى أسعد، أستاذ الاقتصاد بجامعة مينيسوتا: "أى مبادرة تزيد من عائدات النقد الأجنبى من المرجح أن تحقق عائدًا جيدًا على الاستثمار". ويضيف: " مقارنةً بمشاريع ضخمة أخرى، والتى غالبًا ما تكون غير مربحة، يبرز هذا المشروع" وسط مشاريع ضخمة أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى منذ عام ٢٠١٣.
كنوز توت عنخ آمون

موقع RTBF البلجيكى ذكر أن المتحف سيكون أكبر متحف أثرى فى العالم، ويضم أروع مجموعة من الفن المصرى على الإطلاق. لكن أبرز ما فى المعرض بلا شك هو عرض ٥٦٠٠ قطعة أثرية من كنز توت عنخ آمون، بما فى ذلك القناع الجنائزى الشهير لأشهر الفراعنة. وتعول السلطات المصرية على هذه الجوهرة لجذب الزوار. وتأمل على المدى البعيد فى استعادة روائع تاريخية أخرى، وإعادة حجر رشيد وتمثال نفرتيتى النصفى إلى المتحف، وكلاهما لا يزالان فى أوروبا.
أضاف الموقع البجيكى: فتح المتحف المصرى الكبير جزءًا كبيرًا من جناحيه للزوار قبل الافتتاح الرسمى وتمكّن الزوّار من الاستمتاع بالبهو الرئيسى حيث يقف تمثال رمسيس الثانى العملاق، الذى يبلغ ارتفاعه أحد عشر مترًا، كما استمتعوا بالدرج الكبير الذى يضمّ بعضًا من أجمل التماثيل الجنائزية فى مصر القديمة. خلال ثلاثة أيام، تمكّن أربعة آلاف زائر يوميًا من زيارة اثنتى عشرة غرفة أخرى تُجسّد جزءًا صغيرًا من تاريخ حضارة الفراعنة.
عرض اللآلئ المصرية
أما مجلة لوبوان فقد قالت: ما من مشروعٍ أعظم من هذا المشروعٍ الضخم تكريمًا للفراعنة، إنه ليس فقط أكبر متحفٍ بُنى فى مصر على الإطلاق، بل أيضًا أكبر مجمعٍ فى العالم مُخصصٍ للحضارة المصرية، ويضم مركزًا علميًا ومركزًا للمؤتمرات وقاعةً للعروض.. سيُضاهى أعظم المتاحف فى العالم، مثل متحف اللوفر والمتحف البريطانى ومتحف المتروبوليتان.
لكن هذا المجمع المتحفى لن يكون مجرد فرصة لعرض اللآلئ المصرية القديمة وحفظها وترميمها وتحليلها. وتعول السلطات على هذا المشروع، لإنعاش السياحة.










0 تعليق