أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الولايات المتحدة الأمريكية هي التي اقترحت عقد القمة المقبلة بين الجانبين في العاصمة المجرية بودابست، في خطوة وصفها بأنها تمثل مؤشرًا على رغبة واشنطن في استئناف الحوار السياسي المباشر مع موسكو بعد أشهر من الجمود والتوتر المتصاعد بين البلدين.
وقال بوتين، خلال كلمته أمام وسائل الإعلام عقب مشاركته في مؤتمر الجمعية الجغرافية الروسية اليوم الخميس، وفقًا لما نقلته وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك"، إن المبادرة بعقد القمة جاءت من الجانب الأمريكي، موضحًا أن روسيا تنظر إلى هذا المقترح بإيجابية وتعتبره "فرصة لإعادة فتح قنوات التواصل بين القوتين النوويتين الأكبر في العالم".
وأضاف الرئيس الروسي: "نحن لا نرفض الحوار، بل نؤيده، شرط أن يكون قائمًا على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بعيدًا عن لغة الإملاءات أو الضغوط السياسية." وأوضح أن بلاده كانت دائمًا منفتحة على النقاش مع واشنطن حول الملفات الاستراتيجية التي تمس الأمن الدولي، بما في ذلك قضايا الحد من التسلح النووي والاستقرار في أوروبا الشرقية والأزمة الأوكرانية.
وأشار بوتين إلى أن اختيار بودابست كمكان محتمل لعقد القمة يعكس الثقة في الدور الوسيط الذي تلعبه المجر داخل الاتحاد الأوروبي، مضيفًا أن بلاده ترحب بأي جهود من شأنها تهيئة الأجواء لاستعادة الحوار السياسي البنّاء بين الشرق والغرب.
وأوضح أن موسكو مستعدة لمناقشة مختلف القضايا "من دون شروط مسبقة"، مشددًا على أن روسيا تعتبر الحوار هو السبيل الوحيد لتجنب مزيد من التصعيد العالمي في ظل الظروف الراهنة، خاصة في ظل استمرار الصراع في أوكرانيا وتزايد التوترات في مناطق عدة من العالم.
من جانب آخر، نقلت وسائل إعلام روسية عن مصادر دبلوماسية أن الاتصالات الأولية بين موسكو وواشنطن بشأن القمة بدأت منذ عدة أسابيع، بمشاركة وسطاء أوروبيين من المجر والنمسا، مشيرة إلى أن الاجتماعات التحضيرية قد تعقد خلال نوفمبر المقبل إذا ما تم التوصل إلى توافق مبدئي حول جدول الأعمال.
وتوقعت المصادر أن تشمل القمة – حال انعقادها – مناقشة ملفات الأمن الأوروبي، والحد من الأسلحة النووية، ومستقبل العلاقات بين روسيا والغرب، إضافة إلى الترتيبات الأمنية في البحر الأسود والقطب الشمالي، وهي القضايا التي تشكل محور التوتر بين الطرفين في السنوات الأخيرة.
ويرى مراقبون أن قبول واشنطن بعقد القمة في بودابست يمثل تحولًا نسبيًا في الموقف الأمريكي، خاصة بعد شهور من تبني الإدارة الأمريكية نهجًا متشددًا تجاه موسكو، في حين يسعى الجانب الروسي إلى استغلال المبادرة لتأكيد استعداده للحوار والانفتاح الدبلوماسي.
وتأتي هذه التطورات في وقت تشهد فيه العلاقات الروسية الأمريكية توترًا مستمرًا بسبب الحرب في أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على موسكو، إلى جانب الخلافات بشأن نشر الصواريخ متوسطة المدى في أوروبا والتوسع العسكري للناتو بالقرب من الحدود الروسية.
وفي ختام تصريحاته، شدد بوتين على أن بلاده ستظل منفتحة على أي مبادرة تسهم في استقرار العلاقات الدولية، قائلًا: "روسيا لا تسعى إلى المواجهة، لكنها لن تقبل بسياسة الإملاءات. نؤمن بأن الحوار القائم على الاحترام المتبادل هو السبيل الوحيد لضمان الأمن العالمي."
0 تعليق