من السعال إلى الاختناق.. مراحل تطور الانسداد الرئوي المزمن

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

يُعد مرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) أحد أبرز الأمراض التي ترتبط مباشرة بعادة التدخين، فهو أحد أبرز المخاطر التي يحذر منها الأطباء عند الحديث عن أضرار السجائر، والتدخين هو العامل الأول وراء الإصابة بهذا المرض، الذي يُعتبر أحد الأسباب الرئيسة للوفاة في العالم، إذ يتسبب وحده في نحو 140 ألف حالة وفاة سنويًا داخل الولايات المتحدة.

ووفقا لـ MSD يتسم هذا المرض بصعوبة إخراج الهواء من الرئتين بشكل كامل بسبب ضيق المسالك الهوائية وتلف أنسجتها، ما يؤدي إلى احتباس الهواء داخل الرئتين مع مرور الوقت، هذه الحالة المزمنة تتطور تدريجيًا لتسبب سعالًا مستمرًا، وضيقًا في التنفس، وتراجعًا في القدرة على ممارسة الأنشطة اليومية، إضافة إلى زيادة القابلية للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي.

ورغم أن المرض مزمن ولا يمكن الشفاء التام منه، إلا أن التعامل المبكر معه واتباع العلاج المناسب يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في جودة حياة المصاب، بل ويُساعده على العيش فترة أطول وبنشاط أكبر، وفيما يلي أربع نقاط أساسية يجدر بكل مريض أو مقدم رعاية معرفتها حول هذا المرض.

1. يشمل الانسداد الرئوي المزمن أكثر من حالة واحدة

الانسداد الرئوي المزمن ليس مرضًا واحدًا بل مصطلح يشمل حالتين رئيستين: التهاب الشعب الهوائية الانسدادي المزمن وانتفاخ الرئة.

يُعرف التهاب الشعب الهوائية المزمن بأنه سعال متكرر مصحوب ببلغم لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر في العام وعلى مدى سنتين متتاليتين. 

أما انتفاخ الرئة فيحدث نتيجة تدمير دائم وغير قابل للعكس لجدران الحويصلات الهوائية داخل الرئتين، مما يؤدي إلى توسعها وفقدان قدرتها على أداء وظيفتها في تبادل الغازات بكفاءة.

كثيرًا ما يجتمع المرضان في الشخص ذاته، ويحدد مدى انسداد مجرى الهواء شدة الأعراض وقدرة المريض على التنفس. 

ورغم أن التدخين يُعد السبب الأشهر، إلا أن هناك عوامل وراثية تلعب دورًا في بعض الحالات، مثل نقص مضاد التريبسين ألفا-1، وهو اضطراب جيني يزيد من خطر الإصابة بالمرض في سن مبكرة حتى لدى غير المدخنين. 

يُكتشف هذا الخلل عادةً من خلال فحوص الدم أو التحاليل الجينية باستخدام مسحة من الفم أو من بقعة دم صغيرة.
 

2. الفرق بين الانسداد الرئوي المزمن والربو

تتشابه أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن مع أعراض الربو في بعض الجوانب، فكلاهما قد يسبب السعال المصحوب بالبلغم، والأزيز، وضيق التنفس، إلا أن هناك فارقًا جوهريًا بين الحالتين.
 

في الربو، انسداد مجرى الهواء قابل للعكس عادة، إما تلقائيًا أو بواسطة العلاج، بينما في الانسداد الرئوي المزمن يكون الضرر في أنسجة الرئة دائمًا في الغالب، ومع ذلك يمكن تخفيف بعض أعراض الانسداد مثل التشنجات العضلية في القصبات وزيادة الإفرازات عبر العلاجات المناسبة.

تتوفر أدوية الاستنشاق بعدة أشكال، مثل البخاخات المحمولة، ومساحيق الاستنشاق الجاف، وأجهزة الرذاذ، وجميعها تساهم في توسيع الممرات الهوائية وتخفيف الأعراض.

وقد يعاني بعض المرضى من متلازمة تداخل الربو مع الانسداد الرئوي المزمن، وهي حالة تجمع بين المرضين، وغالبًا ما يُعالج المصابون بها وفق بروتوكولات علاج الربو.

أما عن نوبات التفاقم أو “الاحتدام”، فهي نوبات مفاجئة من تدهور الأعراض. في الربو قد تُثار بسبب الحساسية أو التمارين، بينما في الانسداد الرئوي المزمن تنتج غالبًا عن العدوى أو تلوث الهواء، وتتجلى في زيادة شدة ضيق التنفس وكثرة البلغم الملون. 

ويُعد التدخل السريع لعلاج هذه النوبات أمرًا بالغ الأهمية لتفادي المضاعفات.
 

3. أهمية العلاج المبكر

من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا حول هذا المرض هو الاعتقاد بأنه لا فائدة من العلاج، والحقيقة أن العلاج المبكر يحدث فرقًا كبيرًا، فالأدوية الحديثة والعلاجات المساندة تساعد على تحسين التنفس وتقليل الأعراض وإبطاء تقدم المرض، مما يتيح للمريض ممارسة حياته بصورة أفضل.

اتباع نمط حياة صحي يُعد خطوة محورية في إدارة المرض، ويتضمن ذلك المحافظة على وزن مثالي، وممارسة الرياضة المنتظمة، واتباع نظام غذائي متوازن.

كما أن التطعيمات الدورية مثل لقاح الإنفلونزا السنوي، ولقاح المكورات الرئوية، بالإضافة إلى التطعيم ضد كوفيد-19 والفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، تسهم في تقليل خطر العدوى التنفسية التي قد تزيد من تدهور الحالة.

 

4. لا يزال الوقت مناسبًا للإقلاع عن التدخين

يظل الإقلاع عن التدخين الخطوة الأهم في رحلة علاج مرض الانسداد الرئوي المزمن، بغض النظر عن المرحلة التي وصل إليها المرض، فالإقلاع حتى في المراحل المتقدمة يحقق فوائد ملموسة، مثل تقليل السعال والبلغم، وإبطاء تدهور وظائف الرئة.

 

يُنصح بتجربة أكثر من أسلوب للمساعدة في التوقف عن التدخين، مثل:

  • تحديد موعد دقيق للإقلاع والالتزام به.
  • استخدام تقنيات تعديل السلوك، كمكافأة النفس أو تجنب المواقف التي تحفز التدخين.
  • المشاركة في جلسات دعم جماعي أو استشارات متخصصة.
  • استخدام بدائل النيكوتين مثل العلكة أو اللاصقات أو أجهزة الاستنشاق أو أقراص الاستحلاب أو البخاخ الأنفي.
  • تناول الأدوية المخصصة لتقليل الرغبة الملحّة في التدخين.

إضافة إلى ذلك، تتوفر مؤسسات ومجموعات دعم لمساعدة المرضى على التأقلم مع المرض، مثل مؤسسة COPD Foundation التي تقدم مواد تثقيفية وأدوات دعم للمرضى ومقدمي الرعاية، ونادي Better Breathers Club التابع لجمعية الرئة الأمريكية الذي يتيح للمصابين التواصل وتبادل الخبرات ضمن بيئة داعمة ومشجعة.
 

باختصار، يمكن القول إن مرض الانسداد الرئوي المزمن، رغم كونه مرضًا مزمنًا ومعقدًا، إلا أن السيطرة عليه ممكنة بالعلاج المبكر، ونمط الحياة الصحي، والأهم بالإقلاع عن التدخين. 

فكل خطوة يتخذها المريض نحو الوعي والعناية بصحته، تُقربه من حياة أكثر راحة واستقرارًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق