تشهد الصادرات المصرية خلال العام الجاري 2025 نموًا لافتًا يعكس تحسن أداء القطاعات الإنتاجية وتوسع القاعدة التصديرية للدولة، في ظل جهود الحكومة لدعم الصناعة وتعزيز النفاذ إلى الأسواق الخارجية فقد أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاعًا ملحوظًا في قيمة الصادرات الوطنية خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، مدفوعة بزيادة صادرات السلع المصنعة ونصف المصنعة، ما يؤكد متانة القطاع التصديري وقدرته على مواصلة النمو رغم التحديات الاقتصادية العالمية.
حيث كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن تحقيق الصادرات الوطنية المصرية طفرة واضحة خلال السبعة أشهر الأولى من عام 2025، حيث تجاوزت قيمتها الإجمالية 29 مليار دولار، مقارنة بنحو 25 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، أي بزيادة تتخطى 4 مليارات دولار ويعكس هذا النمو تحسن أداء عدد من القطاعات التصديرية الحيوية، وفي مقدمتها السلع نصف المصنعة وتامة الصنع.
وأوضحت البيانات أن الصادرات المصرية من السلع نصف المصنعة سجلت ارتفاعًا كبيرًا، لتصل إلى نحو 7 مليارات و902 مليون دولار خلال الفترة من يناير حتى يوليو 2025، مقابل 5 مليارات و660 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي، بزيادة تجاوزت ملياري دولار كما شهدت الصادرات من السلع تامة الصنع نموًا ملحوظًا، إذ ارتفعت قيمتها إلى 15 مليارًا و753 مليون دولار، مقارنة بنحو 13 مليارًا و728 مليون دولار في 2024، بزيادة بلغت أكثر من ملياري دولار أيضًا.
وفيما يخص الصادرات من الوقود، أظهرت البيانات ارتفاع قيمتها إلى نحو 2 مليار و749 مليون دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، مقابل 2 مليار و667 مليون دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بزيادة قدرها نحو 81 مليون دولار كما ارتفعت صادرات المواد الخام إلى نحو 3 مليارات و407 ملايين دولار، مقارنة بـ3 مليارات و233 مليون دولار في 2024، بزيادة بلغت 174 مليون دولار تقريبًا.
أما على أساس شهري، فقد سجلت الصادرات المصرية في يوليو الماضي ارتفاعًا بنسبة 2.9% لتبلغ نحو 3.7 مليار دولار، مقابل 3.6 مليار دولار في يوليو 2024 وأرجع الجهاز المركزي هذا النمو إلى زيادة صادرات عدد من السلع الرئيسية، أبرزها منتجات البترول التي ارتفعت بنسبة 29.3%، والملابس الجاهزة بنسبة 29.1%، إلى جانب عجائن ومحضرات غذائية متنوعة بنسبة 30.7%، والأدوية والمستحضرات الصيدلانية بنسبة 1.3%.
وفي المقابل، شهدت بعض البنود التصديرية تراجعًا خلال نفس الشهر، أبرزها اللدائن بأشكالها الأولية التي انخفضت بنسبة 13.4%، والأسمدة بنسبة 46.4%، والفواكه الطازجة بنسبة 11.4%، إلى جانب تراجع صادرات البترول الخام بنسبة كبيرة بلغت 49.7%.
وبذلك تؤكد البيانات الصادرة عن جهاز الإحصاء استمرار تحسن الصادرات المصرية الإجمالية خلال عام 2025، مدفوعة بتنوع القاعدة التصديرية وزيادة الطلب على عدد من السلع المصنعة وشبه المصنعة، رغم التراجع في بعض البنود المرتبطة بالمواد الخام والطاقة.
تحسن أداء القطاعات الإنتاجية
وفي هذا السياق قال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادي، إن تجاوز الصادرات المصرية حاجز 29 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2025 يمثل إنجازًا اقتصاديًا مهمًا يعكس تحسن أداء القطاعات الإنتاجية داخل الدولة وأوضح أن هذا النمو الكبير مقارنة بنحو 25 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي 2024 يدل على نجاح الحكومة في تطبيق سياسات فعالة لدعم الصناعة الوطنية وتشجيع التصدير، عبر تبسيط الإجراءات وتوسيع برامج دعم المصدرين.
وأضاف عامر، أن ارتفاع الصادرات من السلع نصف المصنعة بأكثر من ملياري دولار يعكس تطور حلقات الإنتاج الصناعي وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المصرية قبل تصديرها، مشيرًا إلى أن هذا التحول يعزز من تنافسية الصادرات المصرية في الأسواق العالمية وأكد أن تنويع هيكل الصادرات بين السلع نصف المصنعة وتامة الصنع والمواد الخام والوقود يعد دليلًا على نضوج البنية الصناعية المصرية.
وأشار عامر، إلى أن ارتفاع صادرات الوقود والمواد الخام بنسب متفاوتة يؤكد تحسن قدرة الاقتصاد على استغلال موارده الطبيعية بشكل أفضل كما لفت إلى أن استمرار هذا الأداء يحتاج إلى مزيد من التحفيز للمصانع الصغيرة والمتوسطة وتوسيع قاعدة الإنتاج الصناعي المحلي وشدد على ضرورة استمرار جهود الدولة في فتح أسواق جديدة أمام المنتجات المصرية، خاصة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، باعتبارها أسواقًا واعدة تسهم في زيادة العائدات الدولارية ودعم ميزان المدفوعات.
رفع كفاءة المنتج المحلي وزيادة جودته
بينما قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن الأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء تؤكد أن الصادرات المصرية تسير في مسار تصاعدي مستدام، مدعومًا بتنوع القاعدة التصديرية وتنامي الطلب على المنتجات المصرية في الأسواق العالمية وأوضح أن ارتفاع صادرات السلع تامة الصنع إلى أكثر من 15.7 مليار دولار خلال سبعة أشهر فقط يعد مؤشرًا واضحًا على توسع النشاط الصناعي وزيادة قدرة المصانع المصرية على المنافسة.
وأضاف الإدريسي، أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة سواء في البنية التحتية أو تحسين مناخ الاستثمار ساهمت بشكل مباشر في رفع كفاءة المنتج المحلي وزيادة جودته، ما انعكس على قدرته في النفاذ إلى أسواق جديدة كما أشار إلى أن استقرار سعر الصرف وتوفير مستلزمات الإنتاج ساعدا على استقرار الصادرات وتحقيق معدلات نمو قوية.
وتابع الإدريسي، موضحًا أن الارتفاع الذي شهدته الصادرات في يوليو الماضي بنسبة 2.9% مقارنة بالعام السابق، مدفوعًا بزيادة صادرات الملابس الجاهزة ومنتجات البترول والصناعات الغذائية، يُظهر مرونة الاقتصاد المصري وقدرته على مواصلة التوسع رغم التقلبات العالمية وأكد أن التركيز على القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، مثل الصناعات التحويلية والدوائية، يعد مفتاحًا لتحقيق قفزة أكبر في حجم الصادرات خلال السنوات المقبلة.
وفي ختام تصريحاته، شدد الإدريسي على ضرورة تعزيز التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، وتكثيف الجهود للترويج التجاري للمنتجات المصرية في الخارج، مع تطوير منظومة اللوجستيات والنقل لتقليل تكلفة التصدير، مؤكدًا أن هذه الخطوات مجتمعة ستضمن استدامة نمو الصادرات وتعزيز دورها كأحد أهم مصادر العملة الصعبة للاقتصاد الوطني.
0 تعليق