قدّم الدكتور القس متري الراهب، مؤسس ورئيس جامعة دار الكلمة في بيت لحم – فلسطين، كتابًا جديدًا وصفه بأنه "علامة فارقة في الفكر اللاهوتي الفلسطيني المعاصر"، إذ يجمع ثمانية من اللاهوتيين المسيحيين الفلسطينيين الذين يقدّمون قراءة جديدة للإيمان والرجاء وسط واقع الاحتلال والمعاناة اليومية.
وفي تقديمه للكتاب، طرح القس الراهب تساؤلات عميقة: "كيف نحافظ على الإيمان والرجاء في زمن الإبادة؟ وكيف نشهد للحق وسط الألم، ونتخيّل عالماً مختلفاً يسوده العدل والمصالحة؟"
وأوضح أن هذه التساؤلات ليست قضايا نظرية أو لاهوتية مجردة، بل هي تجربة حيّة يعيشها الفلسطينيون يوميًا، وتشكل جوهر هذا العمل الجماعي الذي يمزج بين الإيمان والمقاومة، وبين الصليب وشجرة الزيتون كرمزين للوطن والرجاء معًا.
لاهوت من قلب الحياة الفلسطينية
ينبع الكتاب من الواقع الفلسطيني المعيش، حيث يتحول الألم إلى مصدر للإلهام والإيمان. ويستعرض مساهمات اللاهوتيين المشاركين تجارب الناس اليومية، وصلوات الجدّات، والتراث الكنسي والليتورجي، كمنابع متجددة للفهم اللاهوتي والتحرّر الإنساني.
ويقدّم الكتّاب في هذا العمل المشترك لاهوتًا تحرريًا معاصرًا يرى أن الإيمان ليس انسحابًا من الواقع، بل انخراطًا فيه بصدق وشجاعة، مستندين إلى قناعة بأن الله حاضر في قلب الألم، لا على هامشه.
أصوات فلسطينية جديدة
من بين المشاركين في إعداد الكتاب جون منيّر وصموئيل منيّر، وهما لاهوتيان فلسطينيان من القدس يمثلان جيلًا جديدًا من المفكرين المسيحيين الساعين إلى ربط الإيمان بالواقع الاجتماعي والسياسي.
الدكتور جون منيّر حاصل على درجات علمية من جامعات لندن، إدنبره، وأمستردام، ويعمل حاليًا على رسالة دكتوراه بجامعة إدنبره حول اللاهوت السياسي للمؤمنين الفلسطينيين في ضوء طقس “النار المقدسة”.
كما أسّس مجلة أكاديمية بعنوان Journal of Palestinian Christianity في كلية بيت لحم للكتاب المقدس.
أما الدكتور صموئيل منيّر، فحاصل على درجتين من جامعتي درهام وإكستر، ويعمل في مجال المناصرة والإغاثة الإنسانية في غزة والضفة الغربية، وشارك مؤخرًا في تأليف دراسة بعنوان "تفكيك الاستعمار في لاهوت التحرير الفلسطيني: مناهج ومصادر وأصوات جديدة."
رسالة أمل تتجاوز الجدران
يؤكد الكتاب أن الإيمان الفلسطيني لا يُختزل في الألم، بل يتجدد في كل تجربة مقاومة أو صلاة أو بحث عن معنى.
ومن بين فصوله تنبثق رؤية إنسانية عالمية تدعو إلى الحرية والعدالة والمصالحة، لا كمفاهيم نظرية بل كحياة يومية عاشها الشعب الفلسطيني جيلاً بعد جيل.
ويُعد هذا العمل شهادة فكرية وروحية على أن الرجاء الفلسطيني لا يُهزم، وأن اللاهوت يمكن أن يكون صوتًا للحق والمصالحة في عالمٍ يمزقه العنف.
0 تعليق