اجتمع عدد من الشباب المشاركين في المجلس العام السابع والعشرين لاتحاد الكنائس المُصلحة في العالم (WCRC) في تشيانغ ماي – تايلاند لطرح سؤال محوري كيف يمكن للإيمان أن يجد مكانه في عالم تحكمه التكنولوجيا؟، وكيف يمكن التمسك بالرجاء وسط عالم تتصدره أخبار اليأس والصراعات؟
الإيمان والتكنولوجيا.. فرصة ومسؤولية
اجتمع نحو 30 شابًا وشابة تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا، اليوم الأربعاء، للمشاركة في حلقة نقاش حول العلاقة بين الإيمان والتكنولوجيا والغاية الإنسانية.
قاد الحوار ويليام غيبسون، المرشح للخدمة كقس في كنيسة اسكتلندا وطالب دكتوراه في اللاهوت، كما طرح تساؤلاً مفتوحًا: ما المخاوف والآمال التي تثيرها الأدوات والمنصات الرقمية في حياتنا الإيمانية؟
وخلال النقاش، أشار أحد المشاركين إلى أن المنصات الرقمية، بما فيها الذكاء الاصطناعي، باتت تشكل طريقة تفكير الإنسان، بدلًا من أن تكون أداة بين يديه.
شارك غيبسون تجربته الشخصية قائلاً إن التكنولوجيا يمكن أن تكون جسرًا لبناء المجتمع، موضحًا كيف بدأت كنيسته المنزلية من مجموعة نقاش إلكترونية تحولت لاحقًا إلى جماعة حقيقية تضم نحو 40 شخصًا، ثم تساءل:هل يمكن أن تصبح وسائل التواصل الاجتماعي في حد ذاتها شكلًا من أشكال الشهادة المسيحية؟
منصات رقمية تخدم الإيمان والمجتمع
قدّمت شابة من الكنيسة المشيخية في تايوان مثالاً مؤثرًا، إذ استخدمت كنيستها منصات "إنستجرام" و"فيسبوك" للتنسيق في جهود الإغاثة بعد فيضان ناتج عن انهيار سد في شرق تايوان، وقالت: "وسائل التواصل يمكن أن تكون شهادة حقيقية حين نستخدمها بحكمة، فهي تُظهر الرابط بين الكنيسة والمجتمع.
وفي ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، أقرّ غيبسون بفوائده العملية مثل السرعة وسهولة الوصول وتقليل التكلفة، لكنه حذّر من تداعياته الأخلاقية وتأثيره على العمل والبيئة.
وأكد قائلاً: إعلان الكنيسة هو عملنا الإبداعي المشترك؛ هو أن نراقب العالم ونتعلم منه ونستجيب لفعل الله الخالق. شهادتنا تتطلب استجابة مبدعة تجاه السياسة والقومية والتمييز والحروب.
وأضاف، أن القضية ليست فقط قضية إيمان، بل قضية إنسانية في جوهرها، قائلاً: السؤال الجوهري يتعلق بإنسانيتنا، بقدرتنا على الخلق والتخيل. فالعملية نفسها لا تقل أهمية عن النتيجة.
واختتم النقاش بتأكيد أن الإيمان الحقيقي يواجه نزعات التفاخر والتمثيل في العالم الرقمي، داعيًا إلى الأصالة لا الاستعراض.
الرجاء وسط اليأس.. الأرض في خراب لكن ليست النهاية
في الجلسة التالية، قادت القسيسة سابرينـا سلايتر، راعية الكنيسة المشيخية في نيويورك، لقاءً تأمليًا بعنوان "ما هو شكل الرجاء حين يبدو كل شيء ميؤوسًا منه؟"
زقالت في افتتاح كلمتها: "أنا واثقة أن الله معنا، وأن لديه ما يمنحنا إياه في هذا الزمن الصعب، وهذا ما يثير فيّ الحماسة."
ثم دعت المشاركين للتفكير في الأمور التي تبعث على اليأس، فكانت الإجابات صريحة وسريعة: الظلم، العنف، الفقر، الفساد، الحرب، الاستعمار، الإبادة، التغير المناخي، اللامبالاة، والجوع.
واستشهدت سلايتر بسفر إرميا "تكون الأرض خرابًا، ولكن لا إفناء تامًا " وقالت: “لقد ذكرنا كثيرًا من مظاهر الخراب، ومع ذلك نحن هنا الكتاب يقول ليس إلى فناء كامل، وهذا يترك لنا مساحة للأمل.
ثم ناقش المشاركون في مجموعات نصوصًا أخرى من الكتاب المقدس، وقالت إحدى المشاركات إن نص الإنجيل يمثل "دعوة للراحة في يسوع والمشاركة في العمل الذي يدعونا إليه".
وأكدت سلايتر في ختام اللقاء: "ما زال أمامنا عمل لنقوم به، لكن لا بأس بأن نتوقف للحظة. الأمل يمكن أن نجده حين نطلبه من الله، نقرأ كلمته، نحكي القصص، ونستمع لصوته بيننا".
واختتمت برسالة ملهمة قالت فيها: "كونوا فضوليين لتعرفوا أين يجد الناس الرجاء.. واستمعوا إلى قصصهم".
0 تعليق