ضرورة توثيق الجرائم الإسرائيلية من وسائل الإعلام الدولية

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

على الرغم من تحقيقات الأمم المتحدة في الجرائم المرتكبة في غزة وتوصل العديد من منظمات حقوق الإنسان إلى أن إسرائيل مسؤولة عن الإبادة الجماعية في القطاع، إلا أنه من المفارقات أن بعض وسائل الإعلام الغربية، خاصة الأمريكية، لا تزال مترددة في استخدام هذا المصطلح. يأتي ذلك على الرغم من الاتفاق الذي جرى التوصل إليه بمبادرة وخطة من رئيسهم دونالد ترامب ورعاية مصرية ودعم من قطر وتركيا، وبعد ما يقرب من عامين من القصف ومقتل ما لا يقل عن 65 ألف فلسطيني ودمار كامل للقطاع. لكن هل سيغيرون لهجتهم تجاه إسرائيل؟.

صحيح أنه لا يمكن إنكار أن الرواية الإسرائيلية لم تعد قادرة على احتكار الخطاب الإعلامي بعد السابع من أكتوبر، لكنّ الملاحظ أن بعض البرامج وخاصةً الأمريكية والبريطانية مازالت مصرّة في المقابلات مع الضيوف على توجيه أسئلة تضعهم في موقف الدفاع عن النفس مثل "هل تدين حماس" و"هل تدين خطف الرهائن"، تمهيدًا بعد ذلك لتبرير الانتهاكات الإسرائيلية باعتبارها الضحية المحاطة بالأعداء وهم الفلسطينيون مصدر الإرهاب والعنف!.

منع الوصول للحقيقة

ومازال الكيان المحتلّ يمنع الوصول للحقيقة بكل ما لديه من وسائل حتى يبقى العالم أسيرًا لروايته. ويستمر حتى الآن في منع وسائل الإعلام من الوصول إلى القطاع حتى لا يتم تصوير الوضع المأسوي هناك والإبادة والجرائم التي تفوق أي حروب سابقة في التاريخ المعاصر. وقد حثّت رابطة الصحافة الأجنبية، في بيان لها الجمعة، إسرائيل على فتح الحدود فورًا والسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول بحرية واستقلالية إلى قطاع غزة بعد سريان اتفاق شرم الشيخ ودخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. لكن إسرائيل تماطل في منح وسائل الإعلام حق الوصول إلى قطاع غزة المدمر، مثلما منعت من قبل الصحفيين الدوليين من دخول غزة وتغطية الحرب بعد 7 أكتوبر 2023. ولن يستمر ذلك طويلًا لأنها مسألة وقت، ربما ساعات أو أيام، حيث ستنكشف "الفضيحة بجلاجل" لقوات الاحتلال لأن ما سيشاهده العالم من جرائم ارتكبتها الآلة العسكرية للعدو يفوق الخيال وسيفتح المزيد من الملفات لشهور وسنوات قادمة ولن يسكت الرأي العام الدولي بل من المتوقع أن يواصل الناشطون مظاهراتهم للمطالبة بمحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم وفرض عقوبات حقيقية.

وقد وجهت نقابة الصحفيين الفلسطينيين الدعوة إلى المؤسسات الإعلامية والحقوقية الإقليمية والدولية إلى سرعة التوجه إلى غزة لرصد وتوثيق الانتهاكات، مشددة على أهمية السماح للصحافة الدولية بالدخول إلى القطاع، بعد عامين من منع الصحفيين الأجانب من الوصول إليه وتقديم الصحفيين والصحفيات الفلسطينيين في غزة نموذجًا نادرًا في الشجاعة المهنية لنقل الحقيقة وكشف الانتهاكات الإسرائيلية، رغم الاستهداف المباشر لهم من قبل قوات الاحتلال مما أدى لاستشهاد 250 صحفيًا وصحفية قضوا خلال عامين من العدوان الإسرائيلي على الصحافة الفلسطينية.

نشر قوة دولية في القطاع

ولعل دعوة مصر لضرورة نشر قوة دولية في القطاع يعكس رغبتها في تلافي ما حدث سابقًا من استهداف للصحفيين وإبادة شاملة للفلسطينيين وإضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف إطلاق النار الأخير في غزة بما يضمن تفادي أي نكوس قد يحدث مستقبلًا، خاصةً وأن غياب المرجعية الأممية قد يجعله خاضعًا فقط لرغبة ترامب أو نتنياهو أو حتى مرتبطًا بوجودهما في السلطة. ويكون بذلك وجود قوات أممية لحفظ اتفاق السلام توثيقًا في حد ذاته لأي جريمة مبيّتة. ومن المفارقات التي تعكس النوايا السيئة وإضمار التراجع عن التنفيذ أن أصواتًا تعالت على الفور داخل الولايات المتحدة وإسرائيل ترفض هذا المطلب المصري، وتدفع بأن تدخل الأمم المتحدة في هذا الاتفاق سيفشله، وذلك على الرغم من عدم وجود تعليق رسمي أمريكي وإسرائيلي حول المطلب المصري حتى الآن.

وغير خافٍ أن نتنياهو قد تفقده الخطة الأمريكية منصبه مع تفكك ائتلافه المدعوم من الأحزاب اليمينية المتطرفة، بما يقود إلى انتخاباتٍ مبكرة، لن يكون فيها الفائز حتى يغسل الكيان المحتل سمعته ويعلق الجرائم المرتكبة في رقبته وقد يلاحق بسببها من المحاكم الدولية، وهو المطلوب حاليًا للمحكمة الجنائية الدولية. لكنه سيستميت في توظيف استعادة الأسرى الإسرائيليين لدعم حملته الدعائية في أي انتخاباتٍ مقبلة. 

إن نتنياهو ومن كان قبله ليسوا إلا حكومات حرب وتدمير وإبادة واستيطان وتوسع، ومن يصنع السلام لا يمكن أن يكون مجرم حرب قتل الآلاف وشرد مئات الآلاف. وقد ذكرها السيد عمرو موسى وزير خارجية مصر السابق بعد السابع من أكتوبر عندما أكد في ندوة بالجامعة الأمريكية بالقاهرة أن أي حديث عن سلام حقيقي مع الفلسطينيين والعرب لابد أن يسبقه ابتعاد نتنياهو وكافة رموز اليمين المتطرف –الصهاينة-لأنهم لا يمكن أن يجلسوا على نفس الكرسي الذي حاربوا منه وارتكبوا جرائم تعاقب عليها القوانين الدولية والإنسانية لقيادة السلام.   

وقد قالها العلامة عبد الرحمن ابن خلدون منذ قرون: "التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار وفي باطنه نظر وتحقيق"؛ والتحقيق في التاريخ يبين أن حكومات العدو كانت ولازالت حكومة حرب ودمار.

نتائج قمة شرم الشيخ للسلام

الآن، كل الذين عانوا على امتداد عامين ومن قبل ذلك سنوات طويلة، مازالوا في انتظار تنفيذ نتائج قمة شرم الشيخ للسلام، وأن تكون في قيمة وحجم تضحياتهم. لكن المطلوب، ليس من الكيان المحتل والولايات المتحدة الأمريكية والقوى الدولية فقط، بل أيضًا من القوى الفلسطينية للاتفاق على برنامج وطني واحد للمستقبل يولي مصلحة الشعب الفلسطيني الصدارة مع تجاهل الحسابات الضيقة لمرة واحدة!.

هذه الخطوة جوهرية حاليًا ولابد أن تتحقق حتى يمكن طلب دعم عربي سياسي ودبلوماسي ومالي أكبر ويكون بدوره حجر الأساس للتوجه نحو الساحة الدولية وتوسيع الاعتراف بدولة فلسطين وتثبيت أركانها والمضي قدمًا نحو محاسبة الكيان المحتل عن جرائمه. نعم قد يكون الحزن والألم والدماء هي "لبنة بناء" المستقبل الفلسطيني لكن بشرط عدم العودة للخلافات التقليدية التي طالما أطاحت بحلم القضية واستغلتها الدولة العبرية لإحكام القبضة على كافة الأوراق في الحرب والهدنات. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق