يشهد التعليم الفني في مصر طفرة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، في ظل اهتمام الدولة بتأهيل الكوادر الفنية القادرة على قيادة التنمية الصناعية والزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مختلف القطاعات الإنتاجية ويأتي هذا التوجه انطلاقًا من رؤية القيادة السياسية بضرورة ربط التعليم بسوق العمل، وتخريج جيل جديد من الفنيين يمتلك المهارة والمعرفة والتكنولوجيا الحديثة، ليكون عنصرًا فاعلًا في تحقيق التنمية الشاملة ودعم الاقتصاد الوطني.
وأكد الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أن الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تولي اهتمامًا كبيرًا بتطوير منظومة التعليم الفني، باعتبارها أحد الركائز الأساسية للتنمية الصناعية والزراعية، وركيزة رئيسية لإعداد الكوادر الفنية القادرة على دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على المنافسة إقليميًا ودوليًا.
جاء ذلك خلال كلمته في احتفال تخريج الدفعة الأولى من طلاب مدرسة أبو زعبل للتنمية الصناعية التابعة لوزارة الصناعة، بحضور عدد من الوزراء وكبار المسؤولين وأشاد فاروق بما تحقق من تعاون مثمر بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص في دعم التعليم الفنى وربطه باحتياجات سوق العمل الفعلية، مؤكدًا أن هذا التكامل يمثل نموذجًا ناجحًا لتحقيق التنمية المستدامة في المجالات الصناعية والزراعية.
وأشار الوزير إلى أن العمالة الفنية المدربة تمثل ثروة حقيقية لمصر وأحد أهم مصادر جلب العملة الصعبة، سواء من خلال تطوير الصناعات المحلية ورفع كفاءتها الإنتاجية، أو عبر تصدير الكفاءات الفنية إلى الأسواق الخارجية، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وأضاف أن الدولة تسعى من خلال خططها إلى إعداد جيل جديد من الفنيين المؤهلين علميًا وعمليًا للمشاركة في النهضة الصناعية التي تشهدها البلاد وخلق فرص عمل نوعية للشباب.
ووجه الدكتور علاء فاروق رسالة إلى خريجي الدفعة الأولى، حثهم فيها على توسيع طموحاتهم وعدم الاكتفاء بالسعي للعمل في المصانع فقط، بل أن تكون لديهم رؤية لتحقيق الريادة من خلال تأسيس مشروعاتهم الخاصة ليصبحوا أصحاب مصانع ورواد أعمال في المستقبل وأكد أن مرحلة التدريب والعمل ليست سوى بداية لطريق طويل نحو الابتكار والإنتاج وبناء مستقبل صناعي متطور يليق بمكانة مصر وقدرات شبابها.
مصر تمتلك قاعدة بشرية ضخمة
وفي هذا السياق قال الدكتور خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن اهتمام الدولة بتطوير التعليم الفني يعكس وعيًا حقيقيًا بأهمية هذا النوع من التعليم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة، موضحًا أن الدول الصناعية الكبرى اعتمدت في نهضتها على العمالة الفنية المدربة، وليس فقط على خريجي الجامعات النظرية وأضاف أن مصر تمتلك قاعدة بشرية ضخمة يمكن توظيفها بكفاءة من خلال التعليم الفني المتطور، مشيرًا إلى أن الاستثمار في العنصر البشري هو أفضل أنواع الاستثمار طويل المدى لأنه يحقق عائدًا مستمرًا في مجالات الإنتاج والتصدير.
وتابع الشافعي أن التكامل بين وزارتي الزراعة والصناعة في دعم التعليم الفني يُعد نموذجًا ناجحًا لربط التعليم بالاقتصاد الحقيقي، خاصة في ظل التوجه نحو التصنيع الزراعي وزيادة القيمة المضافة للمنتجات المحلية وأوضح أن خريجي المدارس الفنية أصبحوا اليوم أكثر قدرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة والمعدات الصناعية، ما يعزز فرصهم في سوق العمل المحلي والدولي ويسهم في خفض معدلات البطالة ورفع معدلات النمو الاقتصادي.
العمالة المدربة هي العنصر الأهم
بينما قال الدكتور جمال صيام، الخبير الزراعي، إن تطوير التعليم الفني الزراعي يمثل خطوة أساسية نحو تحقيق الأمن الغذائي لمصر، لافتًا إلى أن العمالة المدربة هي العنصر الأهم في أي عملية إنتاج زراعي ناجحة مضيفًا أن الدولة تعمل على إعداد فنيين قادرين على استخدام الأساليب الحديثة في الزراعة وإدارة الموارد المائية والتربة بكفاءة عالية، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على زيادة الإنتاجية وجودة المحاصيل.
وتابع صيام، أن دمج التعليم الزراعي والصناعي في إطار تنموي واحد يعزز من قدرة الدولة على تحقيق التكامل بين الإنتاج الزراعي والتصنيع الغذائي، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يسهم في تقليل الفاقد الزراعي ورفع العائد من المحاصيل المصرية في الأسواق العالمية كما شدد على أهمية دعم خريجي المدارس الفنية بمنظومة حوافز وتمويلات صغيرة تساعدهم على إنشاء مشروعاتهم الخاصة، ليصبحوا رواد أعمال قادرين على الإبداع والإنتاج وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
0 تعليق