أول صورة بالأشعة السينية عام 1896.. كيف غيرت تاريخ الطب

اليوم 7 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تم التقاط أول صورة بالأشعة السينية على الإطلاق فى عام 1895 من قبل فيلهلم رونتجن، الحائز على جائزة نوبل الأولى فى الفيزياء عام 1901، وكان ذلك عبر والتقاط أول صورة (يد زوجته) في ديسمبر 1895.

وقد غيّرت الأشعة السينية الطب بشكل جذري، حيث سمح برؤية ما بداخل الجسم دون جراحة (تشخيص الكسور، تحديد الأجسام الغريبة)، مهد الطريق لـ علم الأشعة الحديث، وأدى لتطوير تقنيات تشخيصية وعلاجية مثل التصوير المقطعي والتصوير بالرنين المغناطيسي وعلاج السرطان، معززاً القدرة على التشخيص الدقيق والمبكر.

وبحسب موقع " الجمعية الفيزيائية الأمريكية" وبكانت مسيرة رونتجن العلمية محفوفة بالصعوبات. فكطالب في هولندا، طُرد من مدرسة أوتريخت التقنية بسبب "مقلب" قام به طالب آخر. وكان افتقاره إلى شهادة الدبلوم سبباً في منعه في البداية من الحصول على منصب في جامعة فورتسبورغ حتى بعد حصوله على الدكتوراه، رغم قبوله في نهاية المطاف. ركزت تجاربه في فورتسبورغ على الظواهر الضوئية وغيرها من الانبعاثات الناتجة عن تفريغ التيار الكهربائي فيما يسمى "أنابيب كروكس"، وهي مصابيح زجاجية ذات أقطاب موجبة وسالبة، مفرغة من الهواء، وتُظهر وهجاً فلوريسنتياً (متألقاً) عند مرور تيار عالي الجهد خلالها. وكان مهتماً بشكل خاص بأشعة الكاثود (المهبط) وتقييم مداها خارج الأنابيب المشحونة.

في 8 نوفمبر 1895، لاحظ رونتجن أنه عندما قام بحجب الأنبوب بقطعة من الورق المقوى الأسود السميك، تسبب الضوء الفلوريسنتي الأخضر في توهج شاشة من مادة البلاتينوباريوم على بعد تسعة أقدام - وهي مسافة بعيدة جداً لتكون رد فعل لأشعة الكاثود كما كان يفهمها.

واستنتج أن هذا التوهج ناتج عن أشعة غير مرئية صادرة من أنبوب كروكس الذي كان يستخدمه لدراسة أشعة الكاثود (التي عُرفت لاحقاً بالإلكترونات)، والتي اخترقت الورق الأسود المعتم الملفوف حول الأنبوب. وكشفت التجارب الإضافية أن هذا النوع الجديد من الأشعة قادر على المرور عبر معظم المواد، بما في ذلك الأنسجة الرخوة للجسم، ولكنه يترك العظام والمعادن مرئية. وكانت إحدى أقدم اللوحات الفوتوغرافية من تجاربه فيلماً ليد زوجته "بيرثا"، حيث كان خاتم زفافها مرئياً بوضوح.

ولاختبار ملاحظاته وتعزيز بياناته العلمية، انغمس رونتجن في سبعة أسابيع من التجارب المخطط لها والمنفذة بدقة متناهية. وفي 28 ديسمبر، قدم أول بحث "مؤقت" له بعنوان "عن نوع جديد من الأشعة" في وقائع جمعية فورتسبورغ الفيزيائية الطبية. وفي يناير 1896، قدم أول عرض عام له أمام نفس الجمعية، وأتبع محاضرته بتجربة عملية: حيث صنع لوحة ليد أحد علماء التشريح الحاضرين، الذي اقترح تسمية الاكتشاف الجديد بـ "أشعة رونتجن".

انتشرت الأخبار بسرعة في جميع أنحاء العالم. وكان توماس إديسون من بين المتحمسين لإتقان اكتشاف رونتجن، حيث طوّر منظاراً تألقياً (فلوروسكوب) محمولاً باليد، رغم فشله في صنع "مصباح أشعة سينية" تجاري للاستخدام المنزلي. وسرعان ما أصبحت أجهزة إنتاج الأشعة السينية متاحة على نطاق واسع، وافتتحت استوديوهات لالتقاط "صور العظام"، مما زاد من اهتمام الجمهور وخيالهم. ظهرت قصائد عن الأشعة السينية في المجلات الشعبية، وبرز الاستخدام المجازي للأشعة في الرسوم الكاريكاتورية السياسية، والقصص القصيرة، والإعلانات. كما روج المحققون لاستخدام أجهزة رونتجن في تعقب الأزواج غير المخلصين، وتم تصنيع ملابس داخلية من الرصاص لإحباط محاولات التلصص باستخدام "نظارات الأشعة السينية".

ومهما بدت ردود الفعل هذه طريفة أو سطحية، فقد أدرك المجتمع الطبي بسرعة أهمية اكتشاف رونتجن. بحلول فبراير 1896، وجدت الأشعة السينية أول استخدام سريري لها في الولايات المتحدة في دارتموث، ماساتشوستس، عندما أنتج إدوين برانت فروست لوحة لكسر "كوليس" لمريض، لصالح شقيقه الذي كان طبيباً محلياً. وسرعان ما جرت محاولات لإدخال قضبان معدنية أو حقن مواد معتمة للأشعة لإعطاء صور واضحة للأعضاء والأوعية الدموية، وكانت النتائج متباينة. وقد تم إجراء أول تصوير للأوعية الدموية، وأشعة سينية متحركة، واستخدام الأشعة في المجال العسكري في أوائل عام 1896.

وبالإضافة إلى القدرات التشخيصية للأشعة السينية، بدأ بعض المجرّبين في تطبيق الأشعة لعلاج الأمراض. منذ أوائل القرن التاسع عشر، أثبت العلاج بالكهرباء شعبيته للتخفيف المؤقت من الآلام الحقيقية والمتخيلة. وكان الجهاز نفسه يمكنه توليد الأشعة السينية. ففي يناير 1896، وبعد أيام قليلة فقط من الإعلان عن عمل رونتجن، قام معالج بالكهرباء في شيكاغو يُدعى إميل جروب بتعريض امرأة مصابة بسرطان الثدي المتكرر للإشعاع، وبحلول نهاية العام، لاحظ العديد من الباحثين الآثار الملطفة (المسكنة) للأشعة على السرطانات. ووجد آخرون نتائج ملحوظة في علاج الآفات السطحية ومشاكل الجلد، بينما بحث آخرون في التأثير المحتمل للأشعة على البكتيريا. حتى أن الأشعة السينية وجدت استخدامات تجميلية في عيادات إزالة الشعر التي أنشئت في الولايات المتحدة وفرنسا.

مُنح رونتجن أول جائزة نوبل في الفيزياء عام 1901 تقديراً لاكتشافه. وعندما سُئل عما كان يفكر فيه لحظة الاكتشاف، أجاب بطبيعته المعهودة: "لم أفكر، بل كنت أبحث". اليوم، يُعترف برونتجن على نطاق واسع باعتباره مجرباً عبقرياً لم يسع قط إلى الحصول على تكريم أو أرباح مالية من أبحاثه. فقد رفض لقباً كان سيمنحه دخولاً إلى طبقة النبلاء الألمانية، وتبرع بأموال جائزة نوبل لجامعته. وبينما قبل الدرجة الفخرية كدكتور في الطب التي عرضتها عليه جامعته، فإنه لم يسجل أي براءات اختراع للأشعة السينية، وذلك لضمان استفادة العالم بحرية من عمله. وكان لإيثاره هذا تكلفة شخصية كبيرة: ففي وقت وفاته عام 1923، كان رونتجن مفلساً تقريباً بسبب التضخم الذي أعقب الحرب العالمية الأولى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق