تُقدّم الأواني الحجرية المصرية من عصر ما قبل الأسرات رؤيةً فريدةً للتطور التكنولوجي للحضارات القديمة فقد صُنعت آلاف الأواني الحجرية خلال هذا العصر ويفتقر العديد منها إلى السياق الأثري بسبب النهب والتنقيب العشوائي، كما وُجدت العديد من القطع المزيفة.
وقد سعت دراسة أمريكية حديثة نشرتها مجلة ناتشر إلى تقليل الغموض وتقديم طريقة جديدة لتحليل وتصنيف القطع الأثرية ذات التناظر الدوراني بناءً على مسحها ثلاثي الأبعاد مقدمة مقياسًا للجودة يعتمد على التمركز والدائرية، ونفترض أن القطع من مختلف الحضارات صُنعت باستخدام تقنيات تصنيع متباينة.
نختبر هذه الفرضية مجموعة بيانات تضم 19 إناءً من عصر ما قبل الأسرات من متحف بيتري، و25 مزهرية حديثة الصنع آليًا، و24 مزهرية معاصرة مصنوعة يدويًا، بالإضافة إلى العديد من القطع من مجموعات خاصة. نلاحظ تجمعات حسب جودة التصنيع ونحدد استخدام أدوات دقيقة. وبمقارنة المسح ثلاثي الأبعاد لقطعة غير موثقة المصدر بفئات الجودة المعروفة، نستطيع تصنيف القطعة وتحديد القطع المزيفة المحتملة.
الأواني الحجرية المصرية ما قبل الأسرات، التي يعود تاريخها إلى ما يقارب 4000-3100 قبل الميلاد، هي تحف متقنة الصنع مصنوعة من مواد مثل البازلت والديوريت والأنديزيت والبورفيري والبريشيا الجيرية، وغيرها، مما يعكس التطور التكنولوجي والثقافي للمجتمع المصري القديم خلال فترات نقادة الأولى إلى الثالثة.
الأواني الحجرية المصرية القديمة
أين توجد الأوانى؟
تُوجد هذه الأواني بشكل أساسي في مدافن النخبة، حيث تم التنقيب عن المئات منها في مواقع رئيسية مثل سقارة (مجمع الأهرامات المدرجة)، وأبيدوس، ونقادة، وهيراكونبوليس.
ويُقدّم اكتشافها، بدءًا من تنقيبات القرن التاسع عشر التي أجراها فلندرز بيتري، واستمرارًا عبر عمليات التنقيب الحديثة، رؤى بالغة الأهمية حول التجارة والحرف اليدوية والتسلسل الهرمي الاجتماعي في عصر ما قبل الأسرات. مع ذلك، تُعقّد تحدياتٌ كالنهب وضعف التوثيق عمليةَ حصر القطع بدقة وتحديد مصادرها.
ما هو معيار التصنيف؟
اعتمد تصنيف الأواني الحجرية المصرية في عصر ما قبل الأسرات تاريخيًا على التصنيف النمطي وتحليل المواد. وقد أرست أعمال فلندرز بيتري الرائدة إطارًا أساسيًا من خلال تصنيف الأواني حسب الشكل والمادة والتسلسل الزمني، وربط التغيرات الأسلوبية بالسياقات الثقافية والزمنية. ولا تزال مجموعته في متحف بيتري مصدرًا رئيسيًا للباحثين وقد وسّع لوكاسنطاق عمل بيتري، مركزًا على أصول هذه الأواني وانتمائها الثقافي، مع التركيز على مصادر المواد وشبكات التجارة.
وقد حسّنت دراسات تصنيفية أحدث هذه المناهج. فقد أجرى أستون تحليلًا شاملًا للأواني الحجرية المصرية، مصنفًا إياها حسب المادة ومحددًا مواقع المحاجر المحتملة، مما أتاح رؤى ثاقبة حول استغلال الموارد والتجارة.
ركزت دراسة مالوري الثانية بشكل أكبر على أواني البازلت التي تعود إلى ما قبل الأسرات والأسرة الأولى، مؤكدةً مواقع المحاجر من خلال التحليل الكيميائي، ودارسةً تقنيات التصنيع المحتملة، وملاحظةً الندرة النسبية لأواني البازلت مقارنةً بوفرة الأواني المصنوعة من أحجار أكثر ليونة، مثل المرمر المصري.


















0 تعليق