أعلنت مؤسسة غزة الإنسانية، وهي جهة خاصة مثيرة للجدل تحظى بدعم الولايات المتحدة وإسرائيل، عن إنهاء عملياتها داخل القطاع، بعد أشهر من العمل في أربعة مواقع رئيسية لتوزيع المواد الغذائية تحولت خلال العام إلى نقاط توتر وفوضى في ظل الوضع الإنساني المتدهور في غزة.
المؤسسة تنهي مهمتها في غزة
وفي بيان مختصر، قالت المؤسسة إنها “أكملت مهمتها الطارئة بنجاح” وإن نشاطها في غزة سيتوقف بشكل دائم. وكانت المؤسسة قد واجهت انتقادات من منظمات إغاثية دولية رفضت التعاون مع صندوق الإغاثة العالمي المرتبط بها، والذي أُنشئ في ذروة المخاوف من أزمة غذاء حادة عقب تشديد إسرائيل قيودها على دخول الإمدادات في مارس الماضي.
ورأت جهات أمريكية وإسرائيلية في المؤسسة بديلًا مؤقتًا لجهود الأمم المتحدة التي واجهت تحديات لوجستية واتهامات بالفشل في حماية قوافل المساعدات من عمليات النهب. فيما اتهمت إسرائيل حركة حماس بتحويل جزء من المساعدات عن مسارها، وهو ما نفته الحركة مرارًا.
صعوبة الأوضاع في غزة
وخلال الحرب، قادت الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الأخرى شبكة كبيرة لتوزيع الغذاء والدواء والوقود في أكثر من 400 نقطة داخل القطاع، رغم صعوبة الوصول والقيود المستمرة. وفي أغسطس الماضي، أشارت لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة إلى أن جزءًا من المساعدات الموزعة عبر صندوق التمويل الإنساني العالمي تعرّض – حسب قولها – لاستخدامات لا تخدم الأهداف الإنسانية.
وفي شهادات جمعَتها الجارديان من سكان القطاع ووثائق طبية ومقاطع مصورة، فإن أكثر من ألف فلسطيني قُتلوا أو أُصيبوا بينما كانوا يحاولون الوصول إلى مواقع توزيع تديرها مؤسسة GHF، وسط إجراءات أمنية مشددة للجيش الإسرائيلي على الطرق المؤدية إليها في مناطق وسط وجنوب غزة. وبين 25 مايو و19 يونيو فقط، أعلنت عيادة الصليب الأحمر في رفح استقبال ما يقرب من 1874 مصابًا بأسلحة نارية، قال معظمهم إنهم أُصيبوا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.
وقالت المؤسسة إن مواقعها نفسها لم تشهد أي أعمال عنف، لكنها أقرت بالمخاطر التي يواجهها المدنيون خلال انتقالهم إليها. بينما تحدث متعاقدون عملوا داخل هذه المواقع عن استخدام ذخيرة حية وقنابل صوتية في محيطها، في ظل تدافع آلاف الغزيين للحصول على الغذاء.
ويقول جون أكري، المسؤول السابق في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إن مهام المؤسسة من المقرر أن تنتقل إلى مركز التنسيق المدني – العسكري (CMCC)، وهو غرفة عمليات جديدة أنشأتها الولايات المتحدة داخل إسرائيل للإشراف على ترتيبات وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات.
وأضاف أكري أن المؤسسة كانت على تواصل مع المركز الجديد ومع منظمات دولية منذ أسابيع، وأن النموذج الذي اعتمدته في عملياتها سيُعاد تطبيقه وتطويره خلال المرحلة المقبلة.
وكانت مؤسسة GHF قد أغلقت مواقع التوزيع التابعة لها بعد دخول وقف إطلاق النار الذي رعته واشنطن الشهر الماضي حيز التنفيذ. وتقع جميع المواقع التي أدارتها في مناطق خاضعة للسيطرة الإسرائيلية، ما جعل الوصول إليها شبه مستحيل بالنسبة لغالبية سكان القطاع.
وفي بيانها الختامي، قالت المؤسسة إنها وزّعت أكثر من 187 مليون وجبة بشكل مباشر على سكان غزة، ووصفت عملياتها بأنها “الأكثر أمانًا وكفاءة” في منع وصول المساعدات إلى أطراف غير معنية. وأضاف أكري: “نفخر بأننا الجهة الوحيدة التي تمكنت من تقديم وجبات مجانية بشكل مستمر ومباشر داخل غزة، على نطاق واسع”.
غير أن المسؤول السابق للمؤسسة كان قد استقال قبل أشهر، قائلًا إن تنفيذ الخطة “أصبح مستحيلًا” ضمن الالتزام التام بالمبادئ الإنسانية الأساسية.
الخارجية الأمريكية تعرب عن تقديرها للمؤسسة المثيرة للجدل
وأعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن تقديرها لعمل المؤسسة، معتبرة أنها ساهمت في تهيئة الظروف المؤدية لاتفاق وقف إطلاق النار. ونشر المتحدث باسم الوزارة، تومي بيغوت، عبر منصة X، أن “النموذج الذي اعتمدته GHF للحد من تحويل المساعدات لعب دورًا مهمًا في دفع المحادثات نحو التهدئة”.
من جانبها، حملت حركة حماس المؤسسة المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين. وكتب المتحدث باسمها، حازم قاسم، عبر قناته على تليجرام، أن المنظمات الدولية مطالَبة بضمان عدم إفلات المؤسسة من المساءلة عن “الضحايا الذين سقطوا خلال محاولتهم الوصول إلى المساعدات”.














0 تعليق