قال الكاتب والمفكر اللبناني محمد الرز، إن التطورات التي شهدتها المنطقة منذ اندلاع عملية طوفان الأقصى أعادت تشكيل المشهد الإقليمي والدولي بصورة جذرية، مؤكدًا أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يعد قادرًا على تحقيق الأهداف التي أعلنها مع بداية الحرب على قطاع غزة.
فشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب
وأوضح الرز في تصريح خاص لـ«الدستور»، أن نتنياهو وضع منذ اليوم الأول ثلاثة أهداف رئيسية: تهجير الفلسطينيين، والقضاء على حركة حماس وحلفائها، وتحرير الأسرى الإسرائيليين بالقوة، مشيرًا إلى أنه حصل على دعم عسكري غير مسبوق من الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أن الوقائع بعد عامين كشفت – بحسب الرز – عن فشل هذه الاستراتيجية رغم ما وصفه بـ"الحرب الواسعة التي استخدمت فيها كل عناصر القوة".
وأضاف أن إسرائيل تواجه اليوم عزلة دولية متزايدة، بينما يتعرض نتنياهو لـ"ضغوط غير مسبوقة" بعد سلسلة التقارير والأحكام الدولية المرتبطة بسير العمليات العسكرية.
ترامب يمسك بملف الحرب و«يحد» من حركة نتنياهو
وأشار الرز إلى أن الموقف الأمريكي شهد تحولًا لافتًا، إذ قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنتنياهو صراحة: "أنت لا تستطيع مواجهة العالم"، قبل أن يعلن تولّيه الإشراف المباشر على خطة وقف الحرب في غزة وفق مخرجات مؤتمر شرم الشيخ.
وأكد أن هذا التطور منح واشنطن، وخصوصًا الرئيس ترامب، موقعًا متقدمًا في إدارة ملف الشرق الأوسط، بينما لم يعد نتنياهو – بحسب الرز – قادرًا على اتخاذ قرارات منفردة، بدليل إعلانه الدائم عن أنه أبلغ واشنطن مسبقًا بكل خطوة عسكرية يقوم بها.
تحالفات عربية – أمريكية تقلق إسرائيل
وأضاف الرز أن سلسلة التحالفات الاستراتيجية التي تعقدها الولايات المتحدة مع دول عربية عدة، مثل قطر والإمارات ومصر والسعودية وسوريا، أسست لمرحلة جديدة من الشراكات الإقليمية، وهو ما يثير تحفظ القيادة الإسرائيلية التي لطالما اعتبرت نفسها الوكيل الحصري لواشنطن في المنطقة.
وأشار إلى أن بوادر هذا التوتر ظهرت في تصريحات نتنياهو الأخيرة عن «الاستعداد للعودة إلى الحرب على كل الجبهات»، إضافة إلى التحركات الإسرائيلية في سوريا والضربات المتكررة في غزة ولبنان خلال الأيام الماضية.
الملف اللبناني: هروب إلى الأمام ومحاولة فرض شروط جديدة
وأكد الرز أن إسرائيل تسعى حاليًا، تحت ذريعة استعادة توازن الردع مع حزب الله، إلى فرض معادلة جديدة في جنوب لبنان، تقوم على إقامة منطقة عازلة بعمق 5 كيلومترات وطول يمتد من الناقورة إلى مزارع شبعا، تكون "مفرغة بالكامل من السكان والعمران"، وفق تعبيره.
وفي المقابل، قال إن لبنان يتحرك بقيادة الرئيس جوزيف عون لإحباط هذا السيناريو، عبر إعلان الاستعداد لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل تتضمن جدولًا زمنيًا لترسيم الحدود، ونزع سلاح حزب الله شمال الليطاني، مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي التي تحتلها، ووقف الاعتداءات، وإطلاق الأسرى اللبنانيين.
وأضاف الرز أن المبادرة اللبنانية تلقى رعاية أمريكية متزايدة، انعكست في إعلان الرئيس ترامب عن عزمه على دعوة الرئيس اللبناني إلى البيت الأبيض، وفي تصريحات خارجية واشنطن التي "أشادت بمواقف الحكومة اللبنانية".
توقعات المرحلة: انفراج أو انفجار
وختم الرز تصريحه، بالإشارة إلى أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة، وقد تحمل معها إما اتجاهًا نحو التهدئة وترتيبات أمنية جديدة، أو انزلاقًا نحو مواجهة واسعة بين لبنان وإسرائيل، بحسب تطورات الجبهتين السياسية والعسكرية.














0 تعليق