رئيس الوزراء في قمة العشرين: إصلاح النظام المالي العالمي أصبح ضرورة وجودية.. ومصر تدعو العالم إلى مؤتمر دولي لإعمار غزة

تحيا مصر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في لحظة فارقة من التحولات الاقتصادية والجيوسياسية التي يشهدها العالم، شارك الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، في جلسة رفيعة المستوى ضمن أعمال( قمة )(مجموعة العشرين)، حيث قدم رؤية شاملة حول مستقبل النظام المالي العالمي، وتحديات التنمية، وسبل معالجة أزمة الديون، إضافة إلى وضع رؤية سياسية وإنسانية للتعامل مع الأزمة في قطاع غزة.

خطاب مدبولي لم يكن مجرد عرض تقني لمواقف مصر، بل جاء ليعكس تحولًا كبيرًا في إدراك المجتمع الدولي لأهمية دمج السلام والتنمية ضمن مقاربة موحّدة، وتأكيد دور الدول الصاعدة — وعلى رأسها مصر — في صياغة ملامح النظام الاقتصادي العالمي الجديد.

مجموعة العشرين ودورها في إصلاح الهيكل المالي العالمي

استهل رئيس الوزراء كلمته بالتأكيد على أن مجموعة العشرين أصبحت اللاعب الأكثر تأثيرًا في تشكيل مستقبل الاقتصاد العالمي، خاصة في ظل ما يعانيه العالم من أزمات عابرة للحدود، بدءًا من التضخم وأزمات الديون، وصولًا إلى الاحتياجات التمويلية الضخمة للدول النامية.

وأشار مدبولي إلى أن النظام المالي العالمي يحتاج إلى إعادة هيكلة شاملة تستجيب لطموحات الدول النامية، موضحًا أن واحدًا من أهم عناصر الإصلاح هو تعزيز إمكانية الحصول على التمويل غير المشروط، عبر إنشاء آليات تمويل مبتكرة، وتطوير الأدوات القائمة لتصبح أكثر سرعة ومرونة.

وأكد رئيس الوزراء أن الدول النامية لا يمكنها أن تواصل مسار التنمية دون شبكة أمان مالية دولية قوية، تتفادى القيود التعجيزية وترتكز على العدالة والإنصاف في توزيع الموارد والتمويل.


أزمة الديون العالمية.. ضرورة إنشاء آلية دولية جديدة

وفي محور آخر، شدد مدبولي على أن أزمة الديون التي تضرب العديد من الدول منخفضة ومتوسطة الدخل أصبحت خطرًا مباشرًا على الاستقرار العالمي، وأن استمرارها يهدد جهود التنمية المستدامة.

وأعلن أن مصر تدعم بقوة إنشاء آلية دولية شاملة لإدارة الديون، توفر حلولًا واقعية ومستدامة، وتسمح للدول الأقل دخلًا بإعادة هيكلة التزاماتها دون أن تتعرّض لقيود اقتصادية خانقة.

كما دعا رئيس الوزراء إلى تعزيز التعاون متعدد الأطراف وتفعيل دور المؤسسات المالية الدولية، مشيرًا إلى ضرورة تجديد الالتزام العالمي بنظام التجارة متعدد الأطراف وبمنظمة التجارة العالمية، باعتبار التجارة الدولية محركًا رئيسيًا للنمو الشامل، وليست مجرد آلية تبادل تجاري.

من شرم الشيخ إلى غزة.. ربط التنمية بالسلام

انتقل مدبولي بعد ذلك إلى الملف السياسي الأكثر إلحاحًا: القضية الفلسطينية والأوضاع في غزة.

وأكد أن تحقيق التنمية المستدامة لا يمكن أن يستمر في غياب الاستقرار السياسي، موضحًا أن قمة شرم الشيخ للسلام التي أنهت الحرب في غزة كانت خطوة محورية على طريق بناء شرق أوسط أكثر أمنًا وازدهارًا.

وشدد رئيس الوزراء على أن تنفيذ قرار مجلس الأمن الصادر في 17 نوفمبر بشأن غزة يمثل ضرورة إنسانية وسياسية، فضلًا عن أهمية بدء المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترامب للتعامل مع الأزمة الإنسانية في القطاع، عبر تسريع وصول المساعدات الأساسية وبدء عمليات إعادة الإعمار والتعافي المبكر دون أي تأجيل.

وأكد مدبولي أن مصر تعتبر حل الدولتين الأساس الوحيد لأي تسوية نهائية وجادة للقضية الفلسطينية، وأن تجاهل هذا الحل يعني استمرار دائرة العنف وعدم الاستقرار في المنطقة.

مؤتمر دولي في القاهرة لإعادة إعمار غزة

وفي ختام كلمته، أعلن رئيس الوزراء أن مصر ستستضيف قريبًا مؤتمرًا عالميًا للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، داعياً دول مجموعة العشرين وكبرى القوى الاقتصادية للمشاركة في هذا الحدث، الذي سيشكل — بحسب وصفه — "نقطة تحول حقيقية في تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني، ووضع أسس عملية إعادة الإعمار على قواعد شفافة وسريعة ومتكاملة.

وأكد مدبولي أن مصر ترى في هذا المؤتمر جزءًا من مسؤوليتها التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني، ورسالة واضحة بأن التنمية وإعادة البناء يجب ألا يخضعا لأي تأجيل أو اعتبارات سياسية.


رؤية مصر.. اقتصاد عالمي عادل وسلام شامل

تعكس مشاركة رئيس الوزراء في قمة العشرين رؤية مصر لدور أكثر عدالة للنظام المالي الدولي، وآليات أكثر إنصافًا لمعالجة أزمات الديون، إضافة إلى تأكيدها أن السلام في الشرق الأوسط ليس خيارًا سياسيًا فقط، بل شرطًا حتميًا لتحقيق التنمية العالمية.

وكما بدا في كلمته، فإن مصر تتحرك على مسارين متوازيين.

المسار الاقتصادي ..إصلاح النظام المالي العالمي ودعم التجارة والتنمية.

المسار السياسي.. دعم حل الدولتين وإعادة إعمار غزة وبناء شرق أوسط مستقر.


وهكذا جاءت كلمة مدبولي لتؤكد أن العالم، بعد أزماته المتلاحقة، لم يعد قادرًا على أن يفصل بين الاقتصاد والسياسة، وأن مستقبل التنمية مرتبط بشكل مباشر بمستقبل السلام.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق