أشاد عدد من النقاد المصريين والعرب بفعاليات الدورة الـ٤٦ من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، الذى يحظى بمتابعة واسعة من صناع السينما والجمهور، مع ترقب حفل الختام المقرر إقامته اليوم والإعلان عن الجوائز، مشيرين إلى أن المهرجان حظى بتنوع فى العروض وازدحام فى جدول الفعاليات.
وأبدى بعض النقاد، خلال حديثهم، لـ«الدستور»، ملاحظات حول تباين مستوى الأفلام والتجارب السينمائية المشاركة، مشيرين فى الوقت ذاته إلى وجود تجارب فنية استثنائية، وتنظيم متميز، عكس ريادة المهرجان ووزنه على الساحة الدولية، فى ظل قدرته على تقديم تجربة متكاملة وشاملة للإنتاج الفنى فى المنطقة.
أندرو محسن: تنوع فى الإنتاج المصرى.. وتجربة استثنائية فى الفيلم الفلسطينى
رأى الناقد الفنى أندرو محسن أن المشاركة المصرية فى الدورة الحالية من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى تمثل حضورًا متوازنًا ومتنوعًا على مستوى الشكل والمضمون، رغم اختلاف طبيعة الأفلام مقارنة بالدورات السابقة.
وأشار «محسن» إلى أن وجود ثلاثة أفلام مصرية هذا العام يعكس استمرار الحضور الفاعل للسينما المصرية فى المحافل الدولية، حتى وإن تباينت مستوياتها الفنية.
وأكد الناقد الفنى أن المشاركة المصرية هذا العام جيدة ومتنوعة بين الروائى والتسجيلى، وأن وجود فيلم وثائقى وفيلمين روائيين يمنح صورة واسعة عن أشكال الإنتاج المصرى الحالى، معتبرًا أن الاختلاف فى الآراء النقدية حول هذه الأعمال دليل صحة وحيوية، وليس مؤشر ضعف، وأن السينما المصرية ما زالت تملك القدرة على المنافسة والحضور، حتى فى أصعب الظروف الإنتاجية.
ولفت فى الوقت نفسه إلى أن هناك، أيضًا، وجودًا مصريًا مهمًا فى الأفلام القصيرة، من بينها «آخر المعجزات»، إلى جانب أعمال أخرى لم تتح له فرصة مشاهدتها بعد.
وأوضح أن فيلم «كان ياما كان فى غزة» يقدم تجربة مختلفة ترتبط بالأحداث الجارية فى غزة، لكنه يفعل ذلك من زاوية إنسانية بالأساس، حيث يركز على قدرة الناس على الحياة رغم الدمار، وكيف يمكن لعروض السيرك البسيطة والغناء فى الهواء الطلق، وفوق أنقاض المدارس، أن تمنح الأطفال وأهاليهم مساحة من الأمل والرغبة فى الاستمرار.
وأضاف: «صعوبة إنتاج الفيلم تكمن فى تصويره بالكامل داخل قطاع غزة خلال فترة الحرب، ما جعل التجربة أكثر قيمة، ثم إرسال المادة المصورة لإجراء المونتاج خارجيًا، ما يمثل تحديًا كبيرًا فى الصناعة، ويجعل من الفيلم وثيقة بصرية شديدة الأهمية».
هندة حوالة: كل دورة لها متعة خاصة.. والقاهرة تعرف كيف تحتضن محبى السينما
ذكرت الناقدة التونسية هندة حوالة أن مشاركتها هذا العام فى مهرجان القاهرة السينمائى جاءت مختلفة تمامًا عن مشاركتها السابقة فى دورة ٢٠٢٢، موضحة أن حضورها الحالى كصحفية منحها فرصة أوسع لمتابعة تفاصيل المهرجان من زوايا متعددة، وأنها شعرت هذا العام بقرب أكبر من الجمهور وصنّاع الأفلام والنقاشات الفنية التى تدور داخل كواليس الحدث.
وقالت هندة إن ما يميز مهرجان القاهرة هذا العام، التنظيم المحكم والحيوية الواضحة فى كل الفعاليات، بداية من عروض الأفلام المتنوعة، مرورًا بالورش والماستر كلاس، وصولًا إلى وجود نجوم وصناع سينما من دول عربية وأجنبية، الأمر الذى يخلق حالة ثرية من الحوار والتفاعل.
وأضافت أن المهرجان نجح فى أن يكون مساحة حقيقية لتبادل الخبرات بين السينمائيين، ما يجعل كل يوم داخل دار الأوبرا المصرية بمثابة رحلة سينمائية متكاملة.
وأشارت إلى أن مشاركتها السابقة فى لجنة التحكيم جعلتها ترى المهرجان من زاوية «الالتزام والمسئولية الفنية»، لكن وجودها هذا العام كصحفية سمح لها بالتحرك بحرية أكبر، ومتابعة التفاصيل الدقيقة، والتواصل المباشر مع الجمهور، معتبرة أن «القاهرة تعرف جيدًا كيف تحتضن محبى السينما».
ولفتت إلى أن أحد أكثر الأحداث التى جذبت انتباهها هذا العام كان الماستر كلاس الذى قدمه الفنان حسين فهمى حول مشروع ترميم الأفلام العربية، وقالت إنها شعرت بأن المهرجان يمنح هذا الملف مكانته الحقيقية، خاصة أن الحفاظ على تراث السينما العربية أصبح ضرورة ثقافية، وترى أن تخصيص مساحة للنقاش حول الترميم داخل مهرجان بحجم القاهرة يعكس وعيًا بأهمية صون الذاكرة السينمائية.
ونوهت بأنها تابعت، أيضًا، عددًا من العروض والنقاشات التى تلتها، وأن أكثر ما لفت نظرها تفاعل الجمهور المصرى الذى وصفته بأنه «جمهور حى وشغوف، وذو حس نقدى»، مؤكدة أن هذا التفاعل يضيف قيمة حقيقية لكل عرض أو ندوة.
وعبرت عن تقديرها الكبير مجهودات إدارة المهرجان فى خلق أجواء منظمة وسلسة رغم الزحام والحضور الكبير، مضيفة أنها لمست هذا العام حرصًا واضحًا على تقديم دورة قوية تليق بتاريخ مهرجان القاهرة.
وشددت على أنها تتطلع إلى أن يستمر المهرجان فى تقديم هذا المستوى، وأن يواصل فتح أبوابه للتجارب العربية الطموحة، مؤكدة أن القاهرة تظل قلب السينما العربية، وأن حضورها فى كل دورة يمنحها متعة خاصة لا تتكرر فى أى مهرجان آخر.
ماجدة موريس: تنوع فنى وثقافى واسع.. وترميم التراث خطوة لا غنى عنها
أكدت الناقدة السينمائية ماجدة موريس أن الأفلام المشاركة فى الدورة السادسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى تستحق التقدير، مشيرة إلى أن هذه الدورة تميزت بتنوع فنى وثقافى واسع يعكس مكانة المهرجان؛ بوصفه إحدى أبرز الفعاليات السينمائية فى المنطقة.
وقالت موريس إنها معجبة بالأفلام المنافسة فى المسابقة الدولية، وكانت على ثقة كاملة فى أن اختيارات لجنة المشاهدة هذا العام ستكون دقيقة وموفقة.
كما أشادت بمستوى الأفلام العربية المشاركة فى المهرجان، وحرص المخرجين العرب على حضور الفعاليات والمشاركة بأفلامهم فى المهرجان كعرض عربى أول.
وأضافت أن مهرجان القاهرة بات يشكل منبعًا حقيقيًا للثقافة السينمائية للمصريين، إذ أصبح منصة تعرض نماذج سينمائية لا تصل عادة إلى صالات العرض التجارية، سواء كانت أفلامًا آسيوية أو أوروبية أو تحريكية أو وثائقية، مؤكدة أن تلك الأفلام جاءت على مستوى عالٍ من الجودة الفنية والبناء الدرامى.
وقالت: «كما توقعت، كان الشباب هم الفئة الأكثر حضورًا واهتمامًا بفعاليات المهرجان، وهو مؤشر إيجابى يعكس نمو الوعى السينمائى وتطور ذائقة الجيل الجديد».
وأكدت أن جهود ترميم الأفلام المصرية القديمة تمثل خطوة شديدة الأهمية للحفاظ على التراث السينمائى، خاصة أن مهرجان القاهرة كان من أوائل المهرجانات الذى تولى هذا الدور منذ التسعينيات.
مصطفى الكيلانى: يتجه لأن يكون المنصة العربية الأولى فى الإنتاج المشترك
قال مصطفى الكيلانى الناقد السينمائى، رئيس رابطة كتاب ونقاد الفن بنقابة الصحفيين، إن دورة هذا العام من مهرجان القاهرة السينمائى متميزة فى كل تفاصيلها، مشيرًا إلى أن هناك نقلة حقيقية تحدث على صعيد الصناعة والبرمجة داخل المهرجان. وأوضح الكيلانى أن أبرز ما يميز الدورة الحالية مشروع «أيام القاهرة لصناعة السينما»، الذى أصبح بمثابة السوق الحقيقية للمهرجان بعد التطوير الكبير الذى حدث فيه، لافتًا إلى أن وجود شبكة قوية تجمع بين صنّاع السينما الشباب وأصحاب الخبرة، منح الفعاليات طابعًا احترافيًا مهمًا، خصوصًا من خلال الجلسات النوعية وجلسات المائدة المستديرة التى وفرت مساحة مثالية للحوار وتبادل الخبرات.
وأشار إلى أن مشاركة عدد من الشركات العالمية الكبرى هذا العام تمثل تطورًا مهمًا، إذ تتيح للمخرجين والمنتجين عرض مشاريعهم على أكثر من ١٥ شركة يمكنها الدخول كشركاء تمويل أو إنتاج، معتبرًا أن هذا الأمر يرفع سقف طموحات الشباب، ويعزز فرص خروج مشاريع عربية للنور بشكل احترافى. وأضاف أنه ينتظر إطلاق «سينما الـXR»، موضحًا أنها تجربة ترتبط برؤية جديدة تمامًا تعتمد على تقنيات متطورة، من بينها الذكاء الاصطناعى، ما يعكس رغبة المهرجان فى مواكبة أحدث التطورات العالمية فى صناعة وعرض الأفلام. وذكر أن ملف الإنتاج المشترك يحدث فيه نشاط ملحوظ هذا العام، ما يضع مهرجان القاهرة على مسار التحول إلى المنصة العربية الأولى فى هذا المجال. وعلى مستوى البرمجة الفنية، لفت إلى وجود تطور واضح هذا العام مع عرض عدد كبير من الأفلام المهمة فى المسابقة الرسمية، ومسابقة الأفلام القصيرة، والمسابقة العربية، معتبرًا أن هذا التنوع يعكس جهدًا كبيرًا ورؤية واعية للاحتفاء بالسينما العربية ودعم صنّاعها.
ونوه بأن الدورة الحالية تحقق إنجازًا مهمًا على مستوى الصناعة العربية، وتُعيد ترسيخ مكانة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى كإحدى أبرز وأقوى المنصات السينمائية فى المنطقة.
خيرية البشلاوى: حدث قومى يعكس الحالة الثقافية للمجتمع
اعتبرت الناقدة الفنية خيرية البشلاوى أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لم يَعد مجرد فعالية ثقافية تُعرض فيها الأفلام وتوزع فيها الجوائز، بل حدثٌ قومى، يعكس بعمق الحالة الاجتماعية والثقافية التى يعيشها المجتمع المصرى.
وأوضحت أن المهرجان، باعتباره أحد أبرز المهرجانات السينمائية فى المنطقة العربية، يتأثر ويتشكل وفقًا للمناخ العام، ولا يمكن عزله عن التحديات والتطورات التى تمر بها الدولة، خاصة أن كل ما يمس التعليم والثقافة وصناعة الترفيه يترك أثره على المهرجان، سواء فى مستوى الأفلام أو نوعية النقاشات أو درجة التفاعل الجماهيرى.
وأبدت الناقدة خيرية البشلاوى تحفظها على بعض الأفلام المشاركة فى الدورة، كونها تعانى ضعفًا فنيًا فى مستويات الإخراج أو السرد أو البناء الدرامى، معتبرة أن اختيارها يثير التساؤل حول المعايير التى تستند إليها لجان التحكيم.
وقالت: «مهرجان القاهرة يحتاج بوضوح إلى استعادة شخصيته الفنية التى تمثل بصمته الخاصة بين المهرجانات الكبرى، وغياب معايير واضحة لتحديد أنواع الأفلام المشاركة، أو الهوية الفنية التى يريد المهرجان ترسيخها، جعل المشاهد يشعر بأن الخط العام للبرنامج أصبح أقل تحديدًا»، مشددة على أن شخصية أى مهرجان تُبنى من خلال رؤية متماسكة، تحدد نوعية الأفلام التى يرغب فى عرضها ووجهته الفكرية والجمالية.















0 تعليق