شهد مشروع محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء سلسلة من المراحل التنفيذية المتتابعة، عكست التدرج من الاتفاقيات الحكومية، مرورًا بالأعمال الإنشائية، وصولًا إلى بدء تركيب المعدات النووية الرئيسية في قلب المفاعل الأول.
بدأت الرحلة في 19 نوفمبر 2015، عندما وقّعت مصر وروسيا الاتحادية الاتفاقيات الحكومية الخاصة بإنشاء محطة الضبعة النووية لتوليد الكهرباء، مع إقرار التعاون مع شركة «روساتوم» الروسية لتكون الشريك الفني والاستراتيجي في تنفيذ المشروع. وفي عام 2017 انتقل المشروع إلى مستوى أكثر تفصيلًا، بتوقيع العقود التفصيلية بين هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء و«روساتوم»، والتي شملت عقود التصميم والإنشاء والتمويل، إضافة إلى توريد الوقود النووي وخدمات معالجة الوقود المستهلك.
وخلال عام 2019 بدأت الأعمال التمهيدية في موقع الضبعة، حيث تمت تهيئة الموقع وإقامة البنية الأساسية، وإنشاء المرافق والخدمات اللازمة، تمهيدًا لبدء التنفيذ الإنشائي للمحطة. توازى ذلك مع استيفاء الاشتراطات الرقابية والفنية؛ إذ شهد عام 2021 استكمال المتطلبات الأساسية للمضي في إجراءات التراخيص النووية، وإعلان هيئة المحطات النووية عن التقدم رسميًا بملف طلب الحصول على إذن إنشاء للوحدات النووية المقرر إقامتها بالمحطة.
وجاءت نقطة التحول في 29 يونيو 2022، عندما أصدرت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية إذن إنشاء الوحدة الأولى من محطة الضبعة النووية، بما أتاح البدء في الأعمال الإنشائية النووية الرئيسية للمفاعل الأول. وفي يوليو من العام نفسه أُعلن رسميًا عن بدء هذه الأعمال بحضور مسؤولين مصريين وروس، إيذانًا بالدخول الفعلي في مرحلة تنفيذ المفاعل الأول على أرض الواقع.
وخلال عام 2023 تتابعت الموافقات الرقابية بالحصول على تراخيص الإنشاء لباقي الوحدات النووية الثانية والثالثة والرابعة من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، وبدأت تباعًا الأعمال الإنشائية الرئيسية لكل وحدة وفق ما أعلنته هيئة المحطات النووية، بما عزز من وتيرة التنفيذ الشامل للمحطة ككل. ثم شهد عامَا 2023 – 2024 توسعًا كبيرًا في الأعمال المدنية والإنشائية بمباني المفاعلات والمباني المساعدة، مع استكمال إنشاء وتجهيز مبنى المفاعل الأول، من أعمال الأساسات والخرسانة إلى الهياكل الحاملة والمرافق المساندة.
ومع التقدم في الأعمال، دخل المشروع خلال الفترة من 2024 إلى 2025 مرحلة الاستعدادات الفنية الدقيقة داخل مبنى المفاعل الأول؛ حيث جرى تجهيز حلقة الدعم (Support Ring)، وجملون الدعم (Supporting Truss)، وجملون الدفع (Thrust Truss)، إلى جانب تجهيزات الرفع والمناورة، تمهيدًا لاستقبال وعاء ضغط المفاعل، باعتباره أحد أهم مكونات قلب المفاعل النووي.
وفي سياق موازٍ، تم اعتماد يوم 19 نوفمبر من كل عام «عيدًا للطاقة النووية» في مصر، تخليدًا لتوقيع اتفاقية مشروع الضبعة النووي، وترسيخًا لمكانة البرنامج النووي السلمي ضمن ركائز استراتيجية الدولة في مجال الطاقة وتأمين مصادرها المتنوعة.
ومن المقرر أن تتوَّج هذه المراحل خلال اليوم، 19 نوفمبر 2025، بالحدث الأبرز في مسيرة مشروع الضبعة النووي، والمتمثل في بدء تركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة الأولى بمحطة الضبعة النووية، وذلك خلال احتفالية رسمية يُنتظر أن تشهد حضورًا رفيع المستوى من الجانبين المصري والروسي.
ويُعد هذا الحدث نقطة انتقال نوعية للمشروع من مرحلة الإنشاءات المدنية إلى مرحلة تركيب المعدات النووية الرئيسية، بما يعكس التقدم الجوهري نحو تشغيل أول محطة نووية لتوليد الكهرباء في مصر وفق أعلى معايير الأمان والجودة.















0 تعليق