شارك أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية في الدورة الحادية عشرة (11) لمؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، في الصين بحضور ليو هايشينغ وزير دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني جين شين، مساعد وزير دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.
أبو الغيط يشارك مؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية
وقال أبو الغيط في بداية كلمته:" يطيب لي أن أعبر عن خالص التقدير لجمهورية الصين الشعبية، قيادةً وشعباً، على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، وعلى استضافتها الدورة الحادية عشرة من مؤتمر الحوار بين الحضارتين العربية والصينية.. لقد تحول هذا المؤتمر، بفضل الإرادة المشتركة، من مجرد منبرٍ دوري للنقاش الثقافي، إلى واحد من ركائز مسار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الجانبين... وبما يعكس ما تقوم عليه العلاقة بين الحضارتين العربية والصينية من أساس راسخ من التفاهم العميق والتعاون البنّاء".
وأضاف إن:" اجتماعنا اليوم هو تجسيد حي لعمق الروابط التي تجمع حضارتين عريقتين قدمتا عبر التاريخ نموذجاً فريداً للتفاعل الإيجابي والتعايش الخلاق... حيث كانت قوافل طريق الحرير التاريخي جسراً لم يقتصر دوره على تبادل السلع، بل كان ناقلاً كذلك للأفكار والفلسفات والعلوم والفنون... ما أسهم في إثراء الحضارتين، بل وأضاف بكل تأثير للتراث الإنساني العالمي المشترك".
أبو الغيط: العالم اليوم يواجه تحولات متسارعة وتحديات مركبة لا تعترف بالحدود والحوار الحضاري ضرورة لا غنى عنها
وتابع قائلاً:" إن شعار دورتنا الحالية يدعو إلى التشارك في بناء مجتمع صيني عربي مستقبلي مشترك نحو العصر الجديد... وليس هدفاً مثالياً بعيد المنال... بل هو رؤية استراتيجية طموحة تعكس وعينا المتبادل بضرورة استبدال لغة الصراع بلغة الشراكة... وإدارة المستقبل بالحوار والتفاهم بدلاً من الرفض أو الكراهية.. نحن ندرك أن العالم اليوم يواجه تحولات متسارعة وتحديات مركبة لا تعترف بالحدود... من التغيرات المناخية والتهديدات الأمنية وصولاً إلى الأزمات الإقليمية ومسائل التنمية المستدامة ومخاطر التطور التكنولوجي المتسارع... وفي هذا الخضم، يصبح الحوار الحضاري ضرورة لا غنى عنها، وأداة مهمة لصياغة حلول تتسم بالاستدامة والابتكار".
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن:" عصرنا الحالي بما يشهده من تغيرات حادة بوتيرة متسارعة... قد أصاب الكثيرين عبر العالم بحالة من القلق حيال تطورات متلاحقة لا يستطيعون استيعابها... وتسهم التكنولوجيا الحديثة، خاصة تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، في زيادة الاحتقانات... بل وقد تدفع هذه الوسائط، بطبيعتها، إلى الترويج للآراء الأشد تطرفاً التي تستغل مشاعر القلق التي تنتاب عدداً كبيراً من الناس... ويكون من نتيجة هذا كله الترويج لخطاب الكراهية بين الحضارات... وإبراز التناقضات بينها... والتركيز على ما يفرقها لا ما تجتمع عليه من قيم إنسانية لا تخلو منها أية منظومة حضارية".
أبو الغيط: التصدي لخطاب الكراهية واجبٌ على كافة المؤسسات التي تعمل لخير المجتمع البشري
وقال إن:" التصدي لخطاب الكراهية واجبٌ على كافة المؤسسات التي تعمل لخير المجتمع البشري... وإن إيماننا الراسخ في الجامعة العربية هو أن الحضارات الإنسانية تتكامل وتتلاقى... وأن قوتها الحقيقية تكمن في تنوعها... ولهذا، فإننا نتمسك بمبدأ التكامل الحضاري ونبذ المقاربات الإقصائية... مؤكدين دوماً على احترام الخصوصية الوطنية وحق كل دولة في تحديد مساراتها التنموية والسياسية، بمعزل عن أي إملاءات خارجية... ففي مضمار الثقافة لا تعلو حضارة على أخرى... وبمعيار القيم، ليست هناك حضارة أعلى وأخرى أدنى".
وأضاف:" أعبر عن التقدير العميق للمبادرة الرئاسية الصينية بشأن الحضارة العالمية... التي تمثل إضافة نوعية لخطابنا الدولي... إنها رؤية حكيمة ومتوازنة تساهم في صياغة مستقبل مشترك للبشرية... وتتوافق بدرجة عالية مع مبادئنا العربية الإسلامية من تسامح واعتدال وانفتاح على الآخر".
وتابع قائلاً:" الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال قمة تيانجين عن مبادرة الحوكمة العالمية، التي تسعى إلى معالجة أوجه القصور التي يعاني منها النظام العالمي... ولا سيما نقص تمثيل دول الجنوب العالمي، وتآكل سلطة القانون الدولي والقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، والحاجة الملحة لزيادة الفعالية لمواجهة التحديات العالمية... وتهدف مبادرة الرئيس إلى إصلاح آليات الحوكمة العالمية وتفعيل النظام الدولي متعدد الأطراف، وذلك انطلاقا من عدد من المبادئ والمرجعيات الدولية الواردة في ميثاق الأمم المتحدة.. والدول العربية من دون شك هي جزء من الجنوب العالمي، وبالتالي فإن "مبادرة الحوكمة العالمية" تحاكي شواغل الدول العربية إزاء النظام العالمي الحالي وآلياته القائمة... نعتقد بقوة أنه يجب أخذ هذه المبادرة الهامة بعين الاعتبار والتقدير... وإيلاؤها ما تستحق من الدراسة والاهتمام، بالنظر إلى إسهامها المنتظر في بناء السلام والتنمية العالميين".
وأكد إن:" استثمارنا المشترك في مجال الثقافة وحماية التراث يفتح آفاق المستقبل... ويسهم في تفكيك الصور النمطية... ويساعد في تمكين الجيل القادم... الذي يجب أن نغذيه بالوعي بأن التنوع مصدر قوة وأن الحوار هو السبيل الوحيد لمعرفة الآخر والانفتاح على ثقافته.. ولا يمكن لأي مشروع استراتيجي أن ينجح دون إشراك الشباب الفعال وتمكينهم... لذا، فإننا ندعم بقوة توسيع برامج التبادل الشبابي والمبادرات المشتركة، كـ "معسكر التبادل للقادة الشباب"... لضمان أن يحملوا هم مسؤولية بناء المجتمع المشترك نحو العصر الجديد، وليكونوا أملنا في عالم أكثر سلاماً وعدلاً".


















0 تعليق