ساراماجو بعد نوبل: كيف غيَّر الكاتب البرتغالي وجه الأدب العالمي؟

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عندما نال جوزيه ساراماجو (16 نوفمبر 1922 - 18 يونيو 2010) جائزة نوبل للآداب 1998 اعتبر كثيرون أن الجائزة جاءت متأخّرة بالنسبة لكاتب بلغ مرتبة التفرد قبل سنوات طويلة.

ورغم ذلك، كان ما بعد نوبل هو المرحلة التي رسَّخ فيها الروائي البرتغالي حضوره في المشهد الأدبي العالمي، لا باعتباره صاحب أسلوب مميز فحسب، بل بوصفه كاتبًا أعاد تعريف وظيفة الرواية نفسها، ووسّع حدود السرد ليجعله مساحة للتفكير الفلسفي والتمرد الإنساني. في ذكرى ميلاده التي تحل علينا اليوم نستعرض كيف غيَّر الكاتب البرتغالي وجه الأدب العالمي بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب.

بعد نوبل، عزز ساراماجو مشروعه الروائي بأعمال حملت توقيعًا أكثر جرأة، مثل "الكهف، والآخر مثلي، وقايين" في هذه الأعمال، بدا واضحًا انحيازه للرواية التي لا تتردد في مساءلة السلطة، ومراجعة الأساطير المؤسسة، وكشف هشاشة العالم المعاصر.

واستثمر الكاتب مكانته العالمية ليقول ما يريد بصوت أعلى، وليخوض معاركه الفكرية دون مواربة، مقدمًا نموذجًا للكاتب الذي يوظف الأدب للتفكير في مصير الإنسان، لا للترفيه أو التجميل.

9c19781386.jpg

تميّز أسلوب ساراماجو، بجمله الطويلة، وحواراته المندمجة داخل النص، وتدفقه السردي الذي يشبه تيار الوعي - بأنه لا يشبه أحدًا. وما بعد نوبل، تحوّل هذا الأسلوب إلى علامة مسجلة في الأدب العالمي، وأصبح مصدر إلهام لكتاب شباب في أوروبا وأميركا اللاتينية على السواء.

ساهمت الترجمات الواسعة، والانتشار العالمي لأعماله، في تعزيز حضوره ككاتب يمتلك "لغة داخل اللغة"، قادرة على تحويل القضايا الكبرى مثل "العمى، السلطة، الدين، الزمن"إلى سرد نابض بالأسئلة.

0c05230a76.jpg

لم يكن ساراماجو روائيًا منعزلًا عن العالم. فبعد الجائزة، زادت حدة مواقفه السياسية والإنسانية، خاصة في قضايا العولمة، والحروب، والعدالة الاجتماعية. وقد جعل ذلك منه شخصية جدلية، لكنه في الوقت نفسه رسّخ صورة الكاتب الذي يتحمل مسؤولية أخلاقية تجاه العالم، ويستخدم شهرته لطرح الأسئلة الصعبة.

تحديثه للعلاقة بين الكاتب والمجتمع كان واحدًا من أبرز آثار مرحلة ما بعد نوبل، حيث منح الأدب دورًا أكثر حضورًا في النقاش السياسي والثقافي.

OIP.e_bcq16CLZjrWUFm6h-G3AHaLC?pid=Api&h

بعد رحيله عام 2010، بقي إرث ساراماجو حاضرًا في المشهد الأدبي العالمي، تُرجمت أعماله إلى عشرات اللغات وواصلت مؤسسات ثقافية وفي مقدمتها مؤسسة ساراماجو في لشبونة- الترويج لأفكاره، والنقاش حول أثره على الرواية العالمية.

اليوم، يُنظر إلى ساراماجو كأحد أبرز من جددوا شكل الرواية في القرن العشرين، وككاتب أثبت أن الأدب يمكن أن يكون مجالًا لتفكيك العالم وإعادة بنائه عبر الخيال.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق