فى خطوة تعيد للوجدان المصرى والعربى روحه، انطلقت بالأمس مسابقة «دولة التلاوة»، من خلال أكبر وأضخم برامج اكتشاف المواهب، يعد مشروعًا ثقافيًا ضخمًا يهدف إلى إعادة مكانة المدرسة المصرية الأصيلة فى تلاوة القرآن الكريم، تاريخ من التلاوة والإنشاد ممتد لأكثر من مائة عام وعلّم العالم الإسلامى كله أصول المخارج وأسرار المقامات، وجمال الأداء.
انطلاق الحلقة الأولى أمس كان حدثًا ثقافيًا استثنائيًا وسهرة روحانية عاشتها الأسر المصرية والعربية فى رحاب تلاوات وأصوات مصرية اشتاقت لسماعها، كشف عنها تصدر البرنامج لـ«تريندات منصات التواصل الاجتماعى» تحت وسم «دولة_التلاوة»، وسط إشادات واسعة من النخب الدينية والثقافية التى رأت فيه «بشارة خير» و«فجرًا جديدًا» يشرق من أرض الكنانة، حسب تعبير الدكتور أسامة الأزهرى، وزير الأوقاف.
عبر الإنتاج الضخم للبرنامج ليتناسب مع ضخامة الهدف الذى يضطلع به، إذ شهدت التصفيات الأولى إقبالًا جماهيريًا غير مسبوق، تجاوز «14 ألف متسابق» من مختلف محافظات الجمهورية، فى مؤشر واضح على مدى رسوخ القرآن الكريم وجماليات تلاوته فى نفوس المصريين.
ولم يأت هذا الإنتاج من فراغ، فالتنظيم جاء بشراكة مع وزارة الأوقاف برعاية رسمية على أعلى درجة بحضور وزير الأوقاف، وبحزمة جوائز هى الأكبر من نوعها، تبلغ قيمتها «ثلاثة ملايين ونصف المليون جنيه»، إلا أن الجائزة الأكثر تميزًا – والتى قد تكون الأثمن – هى حصول الفائزين على امتياز تسجيل المصحف المرتل بأصواتهم، ليدخلوا التاريخ ويصبحوا جزءًا من الذاكرة الصوتية الخالدة للتلاوة المصرية.
أضاف للبرنامج مصداقية وجدية وجود لجنة تحكيم تضم كبار قراء مصر وعلمائها، إلى جانب حضور نخبة من الأزهر الشريف كضيوف شرف، على رأسهم الدكتور على جمعة، والشيخ أحمد نعينع، والشيخ عبدالفتاح الطاروطى، مما منح المنافسة بُعدًا علميًا وأكاديميًا إلى جانب البعد الفنى.
وقد شهدت الحلقة الأولى بروز عدد من المواهب التى أبهرت الحكام والجمهور منهم القارئ محمود كمال الدين الذى حصد أعلى تقييم بلجنة التحكيم بتلاوة وصفها الشيخ حسن عبدالنبى بـ«الفاخرة والرائقة»، داعيًا إلى دعمه ليصبح قارئًا فى المساجد الكبرى.
وتألق الطفل المعجزة «عمر على عوض» ابن الـ12 عامًا الذى قدم أداءً مؤثرًا يفوق عمره بسنوات، لدرجة أن الدكتور أسامة الأزهرى أعلن على الهواء مباشرة عن رعاية وزارة الأوقاف له تقديرًا لموهبته الاستثنائية وثباته.
كما تألق القارئ «على أحمد عثمان» الذى أظهر حضورًا صوتيًا قويًا وأداءً متقنًا ونافسه أيضًا القارئ «شهاب أحمد حسن» الذى نجح فى اجتياز التحدى بتلاوة مؤثرة من سورة «الإنسان». كذلك فعل «محمد سامى» الذى تميز بأداءٍ وصفه الداعية مصطفى حسنى بأنه «يحمل فخامة خاصة».
الجمل أن لجنة التحكيم قد أعلنت أن معايير التقييم تتبع منهجًا علميًا صارمًا يجمع بين الأصالة والحداثة، فهو لا يقتصر على سلامة الأداء التجويدى ودقة مخارج الحروف فحسب، بل يمتد ليشمل جمال الصوت، وعمق الإحساس، والبراعة فى توظيف المقامات الموسيقية لخدمة المعنى القرآنى وتصويره، مما يخلق تجربة سماعية راقية تلامس القلب قبل الأذن، وتلك التى تميز التلاوة المصرية عن غيرها.
ولم يكن التفاعل مقتصرًا على الاستوديو، فقد امتد إلى منصات التواصل الاجتماعى، حيث عبر الآلاف عن فخرهم وامتنانهم لهذا المشروع وعلق كثيرون بأن «دولة التلاوة» هو البرنامج الذى «يساهم فى بناء الوعى والحفاظ على الهوية» و«يستعيد روحًا جميلة افتقدناها طويلا»، معتبرين إياه محتوى هادفًا يستحق المشاهدة.برنامج «دولة التلاوة» من وجهة نظر الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لا يقدم مجرد منافسة فنية عابرة، بل يؤسس لمشروع ثقافى طموح يعيد الاعتبار لفن مصرى خالص كاد أن يتراجع، ويقدم للعالم أجمع أصواتًا جديدة تحمل فى طياتها عبق الماضى وأمل المستقبل، مؤكدًا أن المدرسة المصرية فى تلاوة القرآن الكريم ما تزال قادرة على إنجاب قراء جدد يكتبون بأصواتهم فصلًا جديدًا من الريادة يليق بإرث أجيال من العظماء، وبمكانة مصر فى محيط عالمها الإسلامى.















0 تعليق