الخميس 13/نوفمبر/2025 - 04:35 م 11/13/2025 4:35:51 PM
أحزننى وكثيرين، ما قامت به بعض الفتيات أثناء زيارة المتحف المصرى الكبير، وقيامهن بوضع روج «أحمر الشفاه» على عدد من التماثيل داخل المتحف الكبير، وهو التصرف الذى يرفضه كل مصرى وطنى، يحب بلده ويعشق حضارتها.
هذا التصرف الصبيانى غير المدروس، ليس وليد اللحظة بل إنه نتاج غياب الوعى، وغيوم المعرفة، المتحف المصرى الكبير، أحدث هدايا مصر للعالم، يضم المتحف بين طياته قرابة الـ100 ألف قطعة أثرية، لا يعقل أن تقوم السلطات الأمنية والأجهزة المكلفة بالتأمين بوضع عسكرى أو فرد أمن عند كل قطعة، حتى لا يساء استخدامها، إنما علينا أن ننضبط أولًا، علينا أن نتعامل بشكل جيد مع المناطق الأثرية على أنها ثروة تتناقلها الأجيال، هذه التماثيل هى من صنعت الحضارة، حضارة الـ7 آلاف عام، لا يجوز لنا اليوم أن نشوهها أو نسىء استخدامها، بل علينا أن نحافظ عليها، وأن نؤمنها فهى ثروة الأجيال، وهى المستقبل.
ليس من المقبول والمعقول أن يعبث المصريون بالتماثيل أو المناطق الأثرية، وهو التصرف الذى نرفضه جميعًا، فالعيب كل العيب أن يقوم بعضنا بهذه التصرفات المسيئة، لا أجد تعليقًا أو مبررًا على ما حدث سوى أنه غياب للتاريخ، وغياب لقيمة وعظمة المكان، ولكن لا بد أن نتساءل: لماذا قامت الفتيات بهذا الفعل؟ـ الإجابة: إنه الترند!!
السوشيال ميديا، والأرباح التى تنتج عنها حولت الناس إلى خزائن جميعهم يفتح أبوابه لتلقى المبالغ المالية والأرباح مهما كانت، فالبداية كانت من قيام بعض المواطنين بتصوير حياتهم الشخصية وعرضها على السوشيال ميديا، التى وصلت إلى غرف النوم، كل ذلك لأجل الأرباح، فاليوم عندما تداهمنا أخبار العبث بالمناطق الأثرية والتصرف بما لا يليق، فإننا لا نستغرب ذلك، لكننا نطالب بالردع والحماية والمحاسبة والعقاب لكل من تسول له نفسه العبث بحضارتنا وآثارنا وتاريخنا.
أستلهم هنا المقولة الخالدة، من أمن العقاب أساء الأدب، وما حدث مع التماثيل داخل المتحف المصرى الكبير إساءة أدب لتاريخ بلدنا، وبناءً عليه قامت وزارة السياحة والآثار بتحديد ضوابط وسلوكيات للتعامل والتحرك داخل المتحف، مفارقة عجيبة بين الأجانب الذين يتوافدون على بلادنا ويقيمون فى فنادقنا ولا يريدون الرحيل عن مصرنا، مطالبين أن يقضوا باقى حياتهم فى حضرة التماثيل والآثار والحضارة العريقة، وبين فتيات أو شباب مراهقين، لا يعرفون قيمة بلدهم.
ما فعلته الفتيات أمر يستدعى الوقوف، يستدعى تدخل كل أجهزة الدولة، وعلى رأسها، وزارة التربية والتعليم، والآثار والثقافة، جميعها عليها مسئولية إعادة تشكيل الوعى المصرى من جديد.
إننا نفتقد الذوق ونفتقد فن التعامل مع المناطق الأثرية، ليست المناطق الأثرية فحسب، لكننا نفتقد فنون وآداب زيارة المناطق العامة وكيفية حمايتها والترويج لها.
علينا أن نكون إيجابيين، لا سلبيين، التاريخ لا يشترى، والحضارة لا تباع، والآثار ملك للأجيال ليست لزمن معين، مصرنا عظيمة، وحضارتها عتيقة، لها حق علينا، وعلينا أن ننتبه، فالتحول فى السلوك له آثار على المجتمع، الأسرة والمدرسة، والبيت أيضًا عليه المسئولية الكبرى.
علينا جميعًا أن ننتبه وأن نحمى ونصون ونروج لحضارتنا التى تستحق منا الكثير، والكثير.
















0 تعليق